روسيا تخشى تكرار السيناريو العراقي والليبي في سوريا

القوى الغربية تقيم خياراتها بشأن توجيه ضربات عسكرية ضد نظام الأسد وسط تزايد الضغوط لتجنب أي تصعيد يقود إلى “حرب واسعة”.

ضبابية تلف المشهد
حذرت روسيا، الجمعة، من تكرار السيناريو العراقي والليبي بسوريا في ضوء الاستعدادات الغربية التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتوجيه ضربة عسكرية واسعة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.

ولم يعرف حتى اللحظة نوعية الضربة العسكرية المتوقعة التي تنوي دول غربية بقيادة الولايات المتحدة تنفيذها ضد النظام السوري في أعقاب الهجوم الكيميائي في دوما بالغوطة الشرقية.

وقال سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي في مؤتمر صحافي إنه يأمل ألا يتكرر السيناريو العراقي والليبي في الصراع السوري.

وأضاف أن أصغر خطأ في الحسابات في سوريا قد يؤدي إلى موجات جديدة من المهاجرين وأن الإنذارات والتهديدات لا تخدم الحوار.

وأوضح لافروف أن روسيا والولايات المتحدة تستخدمان قنوات الاتصال بينهما فيما يتعلق بسوريا.

وأكد الوزير الروسي أن لدى بلاده أدلة “دامغة” على أن الهجوم المفترض بالأسلحة الكيميائية في مدينة دوما السورية كان “مسرحية” أعدت بمشاركة استخبارات أجنبية.

وقال “لدينا أدلة دامغة تؤكد أن هذه كانت مسرحية أخرى وان أجهزة استخبارات دولة هي حاليا في واجهة حملة كراهية روسيا تورطت فيها”.

الغرب متردد
واصلت القوى الغربية تقييم خياراتها الجمعة بشأن ضربات محتملة ضد النظام السوري وسط تزايد الضغوط لتجنب التصعيد بعد تحذير من روسيا بأن التحرك العسكري قد يؤدي إلى “حرب”.

ومن المقرر أن يجتمع مجلس الأمن الدولي مجددا الجمعة بناء على طلب روسيا في محاولة لنزع فتيل الأزمة، في حين يبدو أن الرئيس ترامب يتراجع عن تحرك وشيك بعد أيام من تحذيره روسيا للاستعداد لضربات صاروخية.

وبعد اجتماع لا يخلو من صعوبة مع مستشاري الأمن القومي الخميس، أعلن البيت الأبيض عدم اتخاذ قرار بعد حول كيفية الرد على هجوم كيميائي مفترض الأسبوع الماضي حملت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا مسؤوليته لنظام الرئيس بشار الأسد.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض ساره ساندرز “لم يتم اتخاذ قرار نهائي”، مشيرة إلى أن ترامب سيتحادث مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي.

في وقت لاحق، اوضح بيان للبيت الابيض ان ترامب وماي “يواصلان محادثتهما حول الحاجة إلى رد مشترك على استخدام سوريا أسلحة كيمائية”.

كما أوضح متحدث باسم رئاسة الوزراء البريطانية “لقد اتفقا على أن استخدام الأسلحة الكيميائية أمر يجب الرد عليه، وضرورة ردع نظام الأسد من استخدام المزيد من الأسلحة الكيميائية”.

لكن وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس بدا حذرا أمام الكونغرس بقوله إن الحاجة إلى “وقف قتل الأبرياء” يجب موازنتها مقابل خطر “تصاعد الأمور خارج نطاق السيطرة”.

الدليل الفرنسي
وخلال لقائه مع ترامب ورئيس هيئة الأركان المشتركة جو دنفورد، طلب ماتيس مزيدا من الأدلة حول مسؤولية نظام الأسد عن الهجوم لدعم الضربات الجوية، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز.

في فرنسا، قال ماكرون في مقابلة تلفزيونية إن لديه “الدليل” على أن نظام الأسد استخدم الأسلحة الكيميائية وتعهد الرد “في الوقت المناسب”. لكنه بدا أيضا حريصا على تجنب توسيع النزاع، قائلا إن فرنسا “لن تسمح مطلقا بالتصعيد”.

وأشار مسؤولون غربيون إلى استخدام الكلور في الهجوم المفترض السبت على مدينة دوما في الغوطة الشرقية حيث تحدث مسعفون عن مقتل العشرات.

ونفت روسيا في مجلس الأمن الدولي بشدة وقوع هجوم كيميائي واتهمت الغرب بالسعي للحصول على ذريعة للقيام بعمل عسكري.

ومن المتوقع وصول مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى سوريا خلال عطلة نهاية الأسبوع للتحقيق في الهجوم بعد أن طلبت دمشق ذلك.

وأعرب دبلوماسيون عن قلقهم إزاء احتمال استخدام الخبراء كرهائن أو دروع بشرية.

خطر الحرب
منذ السبت، مع ظهور صور أطفال يعانون من مشكلات في التنفس، بدا الحشد العسكري في شرق البحر المتوسط.

وانتقلت فرقاطة فرنسية وغواصات البحرية الملكية البريطانية المحملة صواريخ كروز والمدمرة الأميركية دونالد كوك المزودة صواريخ توماهوك جميعها إلى قبالة سواحل سوريا.

وحذر سفير روسيا لدى الأمم المتحدة من أن الضربات بقيادة الولايات المتحدة قد تؤدي إلى مواجهة بين قوتين نوويتين في العالم.

وقال السفير فاسيلي نيبنزيا إن “الأولوية القصوى هي تجنب خطر الحرب”.

وانتقد ترامب روسيا لدفاعها عن “القاتل الأسد الحيوان” ما أثار مخاوف حيال أن تؤدي ضربة أميركية إلى نزاع مع روسيا التي لديها منشآت عسكرية كبيرة في طرطوس وحميميم.

ورفض مسؤولون أميركيون استبعاد الاشتباك العسكري المباشر مع روسيا مع تأكيد البيت الأبيض أن “كل الخيارات مطروحة”.

وكان الدبلوماسيون يدرسون مشروع قرار طرحته السويد ينص على إرسال “بعثة نزع سلاح رفيعة المستوى” بغرض نزع الأسلحة الكيميائية “تماما”.

كما ان معارضة التحرك العسكري تتزايد في العواصم الغربية. وتساءل مشرعون أميركيون عما إذا كان ترامب يحظى بالسلطة القانونية اللازمة لشن ضربات بدون موافقة الكونغرس، فيما أعربت أحزاب المعارضة في بلدان غربية في عن قلقها.

بدورهم، أبدى خبراء الأمن القومي قلقا حيال ما إذا كانت الضربات ستساعد فعليًا في ردع الأسد. ففي أبريل 2017، أمر ترامب بشن ضربة بصواريخ توماهوك على قاعدة الشعيرات الجوية ردا على هجوم بالأسلحة الكيميائية على خان شيخون وجهت أصابع الاتهام للنظام كذلك بتنفيذه.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: