مسؤول أميركي: “صفقة القرن” صارت جاهزة

موقف القيادة الفلسطينية وتوترات غزة، فضلا عن التصعيد المنتظر في الجبهة الشمالية، جميعها تشكل عوائق أمام إعلان ترامب عن خطة السلام الموعودة.

صفقة غير مضمون نجاحها
كشف مسؤول بارز بالبيت الأبيض أن إدارة الرئيس دونالد ترامب استكملت تقريبا خطة السلام الإسرائيلية الفلسطينية التي طال انتظارها، لكنها ما زالت تواجه صعوبات في تحديد كيف ومتى يمكن طرحها.

وأقر المسؤول بأن واشنطن تواجه مشكلة “انقطاع” الاتصالات مع الفلسطينيين بسبب اعتزامها نقل السفارة الأميركية إلى القدس، والذي سيتزامن مع الذكرى السبعين لنشأة إسرائيل.

وتدحض تصريحات المسؤول الأميركي بعض التحليلات التي رجحت إمكانية تخلي إدارة ترامب عن طرح خطة السلام أو “صفقة القرن” كما يحلو للبعض تسميتها، في ظل عدم وجود مؤشرات على إمكانية إنهائها للصراع، بل قد يكون لها مفعول عكسي.

ووفق المسؤول مِن المرجح أن تظل الخطة معلقة حتى يستكمل مهندساها الرئيسيان -جاريد كوشنر زوج ابنة ترامب وجيسون جرينبلات المبعوث الأميركي للشرق الأوسط- التفاصيل ويحددا الوقت المناسب للكشف عنها.

وقد يعتمد قرارهما على مجموعة من العقبات، ليس أقلها أن أحد طرفي الصراع المستمر منذ عقود، وهو الطرف الفلسطيني، يقول إنه فقد ثقته في إدارة ترامب كوسيط نزيه ويقاطع العملية منذ الإعلان عن نقل السفارة إلى القدس في ديسمبر الماضي.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد طالب مرارا خلال الأشهر الأخيرة بضرورة توسيع مظلة الدول الراعية لعملية السلام، وإنهاء احتكار الولايات المتحدة لهذا الملف، بعد قرارها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، معتبرا أنها لم تعد وسيطا نزيها يمكن الاتكال عليه لدفع العملية المتعثرة منذ العام 2014.

ولم يكشف البيت الأبيض سوى عن القليل من التفاصيل المتعلقة بصفقة القرن التي أثارت شكوكا واسعة النطاق حتى قبل الكشف عنها. ورد المسؤول على سؤال ما إذا كانت الخطة ستتضمن التزاما أميركيا بحل الدولتين كما يطالب الفلسطينيون بقوله “يمكن التمسك بكل ما قاله الرئيس ترامب… إنه سيدعم ذلك إذا اتفق عليه الطرفان”. لكنه لم يحدد ما إذا كان الموقف الأميركي من القضية سيضمّن في الوثيقة النهائية.

وأقر المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه بأن الجمود بين البيت الأبيض والفلسطينيين أثر على جهود السلام. وأضاف في حديث مع وكالة “رويترز” أن “انقطاع” الاتصالات مع الفلسطينيين بسبب القدس “ليس بالأمر الهين”.

ويشك أغلب الخبراء في ما إذا كان بإمكان كوشنر وجرينبلات -وكلاهما يفتقر إلى الخبرة الدبلوماسية السابقة- التوصل إلى أي اتفاق.

وردا على منتقدين يقولون إن الخطة ستكون على الأرجح منحازة لإسرائيل حليفة الولايات المتحدة قال المسؤول إن الطرفين سيجدان “جوانب يحبانها وأخرى يكرهانها”.

وتابع المسؤول قائلا إن من بين المسائل التي لم تحل بعد ما ستقترحه الخطة بشأن مستقبل القدس، مشيرا إلى أنه من أكثر القضايا الشائكة على امتداد تاريخ جهود السلام الفاشلة التي قادتها الولايات المتحدة. وذكر المسؤول أن جهود هذه الإدارة يمكن أن تفشل كذلك؛ إذ “قد لا تنجح بالنسبة إلينا أيضا”.

وغير ترامب سياسة انتهجتها الولايات المتحدة على مدى عقود عندما اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل وبدأ إجراءات نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس وهو القرار الذي أثار سخط الفلسطينيين وأغضب حلفاء عربا وغربيين.

إدارة ترامب لا تستبعد المضي قدما في خطة السلام بغض النظر عن موقف الفلسطينيين، وفق مسؤول بالبيت الأبيض

وتعتبر إسرائيل القدس بشطريها عاصمة لها وهو زعم مرفوض على نطاق دولي واسع. ويريد الفلسطينيون الشطر الشرقي من المدينة عاصمة لدولتهم المستقبلية.

وقال المسؤول عن خطة السلام التي تفاخر ترامب بأنها ستقود إلى اتفاق نهائي “نضع اللمسات الأخيرة عليها” وأضاف “ما زلنا بالتأكيد نواجه صعوبات في مسألة القدس… لكننا على قاب قوسين أو أدنى من استكمالها”.

ويضاعف التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين في قطاع غزة، الشكوك في ما إذا كان من المناسب إعلان الخطة الموعودة قريبا.

وتعيش المنطقة الحدودية بين القطاع وإسرائيل منذ أكثر من أسبوعين على وقع مسيرات “العودة الكبرى” التي سقط خلالها أكثر من 32 قتيلا فلسطينيا بالرصاص الإسرائيلي، ويتوقع أن تأخذ هذه المسيرات زخما أكبر في ختامها الذي يتزامن مع ذكرى النكبة، وأيضا مع موعد نقل السفارة الأميركية إلى القدس.

وأعادت مسيرات العودة الكبرى القضية الفلسطينية إلى دائرة الضوء، ويأمل الفلسطينيون في أن تصل الرسالة إلى الإدارة الأميركية وتفيد بأنه لا يمكن أن تفرض عليهم تنازلات في ما يتعلق بالثوابت ومنها حق العودة لملايين اللاجئين في الداخل والخارج.

وهناك ارتباك إسرائيلي واضح في التعاطي مع المسيرات، وترجم ذلك في قرار استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين العزل، وأيضا تكثيف عمليات القصف على مواقع لكتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس التي تتهمها تل أبيب بالوقوف خلف ما يحصل على الشريط الحدودي.

وقتل الخميس عنصر من القسام وجرح آخر، في غارة جوية إسرائيلية في جنوب غزة بداعي إطلاق النار على مقاتلات إسرائيلية.

ويقول خبراء إن المشهد في الجنوب، فضلا عن التطورات الحاصلة في الجبهة الشمالية وإمكانية شن الولايات المتحدة لهجوم على سوريا، قد يضطر مهندسي الخطة إلى المزيد والمزيد من الانتظار.

وقال المسؤول “سنبحث كل الظروف المحيطة ونتخذ القرار” بشأن توقيت طرح الخطة. وأكد على أن فريق ترامب أجرى مشاورات غير رسمية مع فلسطينيين “عاديين” لكن قادتهم لم يبدوا أي مؤشر على العودة إلى المفاوضات. ولا تستبعد الإدارة المضي قدما في طرح المبادرة على أي حال.

ومن المنتظر أن تقترح الخطة حلولا مفصلة لخلافات رئيسية منها الحدود ومستقبل المستوطنات اليهودية على الأراضي المحتلة ومصير اللاجئين الفلسطينيين والأمن.

ويعد مستشار ترامب الجديد للأمن القومي جون بولتون من الصقور المؤيدين لإسرائيل وكان قد انتقد خطوات السلام الأميركية السابقة، لكن المسؤول يقول إن فريق الشرق الأوسط اجتمع معه بالفعل ويعتقد أنه سيكون داعما للخطة الجديدة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: