ترامب يدق طبول الحرب وبوتين يأمل في تغليب لغة العقل
ماتيس يؤكد أن الجيش الأميركي مستعد لتقديم خيارات عسكرية في سوريا، والنظام يستنفر قواته وسط مؤشرات عن هجوم وشيك.
على أهبة الاستعداد
قال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، إن الجيش مستعد لتقديم خيارات بشأن ضربات جوية على سوريا إذا كان ذلك مناسبا ووفق ما يقرره الرئيس، جاء ذلك بعد ساعات قليلة من تغريدة لدونالد ترامب قال فيها “تعهدت روسيا بضرب جميع الصواريخ الموجهة إلى سوريا. استعدي يا روسيا لأنها قادمة وستكون جميلة وجديدة وذكية! عليكم ألا تكونوا شركاء لحيوان يقتل شعبه بالغاز ويتلذذ بذلك”، في إشارة إلى الرئيس السوري بشار الأسد.
ويرى متابعون أن الضربة الأميركية على سوريا باتت محسومة، مستبعدين حصول أي تراجع رغم إبداء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت لاحق أملا في أن “تتغلب لغة العقل في النهاية” في العلاقات الدولية التي تشهد حاليا “المزيد من الفوضى”.
وفي وقت لاحق تحدث بوتين إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حاثا إياه على عدم اتخاذ أي خطوة تزعزع استقرار سوريا.
ومنذ ورود أول التقارير حول هجوم كيمياوي في دوما في الغوطة الشرقية السبت الماضي، توعدت دول غربية على رأسها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بـ”رد قوي” موجهة أصابع الاتهام للنظام السوري.
لكن دمشق وصفت الاتهامات بـ”الفبركات”، واتهمت موسكو وطهران الولايات المتحدة بالبحث عن “ذريعة” لضرب سوريا.
وقال السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبيكين مساء الثلاثاء لقناة “المنار” التابعة لحزب الله اللبناني “هذه خطوات تمهيدية لتوجيه ضربات عسكرية”، مضيفا “إذا كانت هناك ضربة أميركية فسيكون هناك إسقاط للصواريخ وحتى مصادر إطلاقها”.
وحذر الكرملين في وقت سابق من “اتخاذ خطوات غير مبررة بإمكانها أن تزعزع الوضع الهش أصلا في المنطقة”. وقال المتحدث باسمه ديمتري بيسكوف إن “الوضع متوتر”، مضيفا أن روسيا تدعو إلى “تحقيق غير منحاز وموضوعي قبل إصدار أحكام”.
ومنذ يومين، تنسق الولايات المتحدة مع فرنسا وبريطانيا بشكل أساسي، بعدما هددت هاته الدول خلال الفترة الأخيرة بتوجيه ضربات في حال توفر “أدلة دامغة” على هجمات كيمياوية في سوريا.
وقال السفير الفرنسي في الأمم المتحدة فرنسوا دولاتر الثلاثاء إن بلاده “ستبذل كل ما بوسعها للتصدي للإفلات من العقاب في المسائل الكيمياوية”، بعدما صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن باريس ستعلن “خلال الأيام المقبلة قرارها” بشأن الرد الذي قد يستهدف “القدرات الكيمياوية” للنظام السوري.
وطالبت بريطانيا أيضا بـ”رد قوي”. واتفق ترامب ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي “على عدم السماح بالاستمرار في استخدام أسلحة كيمياوية”.
كما لوح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الثلاثاء بإمكانية انضمام بلاده إلى ضربات محتملة في سوريا، وقال “إذا كان تحالفنا مع شركائنا يتطلب ذلك، فسنكون جاهزين”.
وتعرضت مدينة دوما السبت الماضي إلى عمليات قصف مكثفة من قبل النظام السوري استخدم فيها بعض المواد السامة، حسب ما أعلنته منظمة الخوذ البيضاء والمنظمة الأميركية السورية للأطباء (سامز)، ما أدى إلى وقوع أكثر من 70 قتيلا والمئات من المصابين.
وقال المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية بيتر سلامة الأربعاء، إن منظمته “تطالب بالوصول الفوري ودون أي عراقيل إلى المنطقة لتقديم الرعاية للمصابين وتقييم التداعيات الصحية”.
ونقلا عن معلومات سبق أن نشرتها منظمات صحية محلية، ذكرت المنظمة أن “ما يقدر بـ500 مريض أحضروا إلى المرافق الصحية حيث ظهرت عليهم أعراض تتوافق مع التعرض للمواد الكيمياوية السامة”.
ولطالما نفت دمشق استخدام الأسلحة الكيمياوية منذ بدء النزاع في 2011، كما تؤكد أنها دمرت ترسانتها في 2013 بموجب قرار أميركي روسي جنبها ضربة أميركية إثر اتهامها بهجوم أودى بحياة المئات قرب دمشق.
وتأتي التطورات الأخيرة بعد مرور عام وأيام قليلة على ضربة أميركية استهدفت قاعدة عسكرية سورية ردا على هجوم كيمياوي اتهمت الأمم المتحدة قوات النظام بتنفيذه وأودى بالعشرات في إدلب شمال غرب البلاد.
وتشهد القواعد العسكرية للجيش السوري منذ مساء الاثنين حالة من الاستنفار، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. كما قال مصدر من القوات الحليفة للجيش السوري إن “هناك تدابير احترازية من قبل الجيش السوري بشكل خاص خصوصا في المطارات والقواعد العسكرية”.
وأبحرت المدمرة الأميركية القاذفة للصواريخ “يو آس آس دونالد كوك” الاثنين من مرفأ لارنكا في قبرص حيث كانت متوقفة، وهي حاليا في منطقة يمكن منها استهداف سوريا بسهولة.
وفي دمشق، بدا السكان غير آبهين بالتطورات في ظل الحرب الدامية التي تعيشها. وقال علي يوسف (35 عاماً)، إنه “صراع روسي أميركي على الأرض السورية، وقد تحدث ضربة جزئية تحمل معها رسائل ترامب إلى بوتين”، مضيفا “الحرب هي واحدة، والضربة الأميركية قد تكون جزءا من أجزائها”.
وشهد مجلس الأمن الثلاثاء تصويتا على ثلاثة مشاريع قرارات حول التحقيق في الهجوم المفترض. واستخدمت موسكو حق الفيتو ضد مشروع قرار أميركي حول تشكيل “آلية تحقيق مستقلة تابعة للأمم المتحدة”، ليكون الفيتو الـ12 الذي تلجأ إليه لصالح حليفتها دمشق منذ 2011.
كما فشلت موسكو الثلاثاء في جمع الأصوات الضرورية لإقرار مشروعي قرارين طرحتهما، الأول يقضي بتشكيل آلية للتحقيق، والثاني يكتفي بدعم عمل منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية.
وكانت موسكو أعلنت سابقا أن خبراءها لم يعثروا على أثر لمواد كيميائية في دوما. ودعت دمشق الثلاثاء منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية لزيارة دوما للتقصي حول الأمر.وأعلنت المنظمة التي تقتضي مهمتها التحقيق في أي هجوم من غير أن تكون مفوضة تحديد الجهات المسؤولة عنه، أنها سترسل “خلال فترة قصيرة” فريق تحقيق.
وأصدرت الوكالة الأوروبية للأمن الجوي الثلاثاء تحذيرا من “ضربات جوية محتملة في سوريا خلال الساعات الـ72 المقبلة”.
ورجح ونتر ماير رئيس مركز أبحاث العالم العربي، وقوع “هجوم عسكري ضخم” من جانب سفن حربية في البحر المتوسط على قواعد عسكرية في سوريا الخميس.
وبدا أن هناك بعض الاعتراضات الدولية على الضربة الأميركية المرتقبة حيث اعتبرت السويد أن أي ضربات عسكرية على سوريا هي انتهاك للقانون الدولي، فيما طلبت بوليفيا عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي الخميس لبحث التهديدات بعمل عسكري من جانب واحد.