سيلفي الزعماء ترمّم العلاقات السياسية وتقطع طريق الفتنة

صورة الموسم، كما يصفها معلقون، كانت سيلفي جمعت في باريس ملكا وولي عهد ورئيس وزراء لتقطع الطريق أمام الإشاعات التي بدأت على مواقع التواصل الاجتماعي “وانتهت” فيها.

خروج عن الرسميات
اكتسحت صورة سيلفي نشرها رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري مساء الاثنين، على حسابه الرسمي على تويتر جمعته بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والعاهل المغربي الملك محمد السادس في باريس خلال الزيارة الرسمية التي يقوم بها ولي العهد السعودي إلى فرنسا شبكات التواصل الاجتماعي.

حظيت السيلفي بعدد قياسي من الإعجابات وإعادة النشر والتعليقات.

واكتفى الحريري بالتعليق على الصورة بـ”لا تعليق”. واعتبر معلقون أن صورة السيلفي اختصرت الآلاف من المقالات والتحليلات.

ويشرح بعض المغردين أنها، من جانب، تؤكد عمق العلاقة التي تربط الحريري بالعائلة السعودية المالكة بعد مزاعم احتجازه من قبل المملكة العربية السعودية أثناء أزمة استقالته.

وكان الحريري نشر في مارس الماضي صورة سيلفي له مع الأمير محمد بن سلمان والسفير السعودي في الولايات المتحدة خالد بن سلمان في الرياض. وقطعت السيلفي حينها الطريق أمام هاشتاغ #وين_سعد (أين سعد)، الذي انتشر على تويتر في لبنان في ظل غياب أي معلومات عن نشاطات الحريري في السعودية.

ومن جانب آخر، يقول معلقون إن السليفي تنسف كل الإشاعات التي تتحدث عن أزمة بين الرباط والرياض على خلفية “مؤشرات” روّجت لها بعض وسائل الإعلام في قطر ووصفتها بأنها دليل أزمة غير معلنة بين البلدين زادت حدتها بعد تغريدات مثيرة للجدل لتركي آل شيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة في السعودية، حول موقف بلاده من دعم المغرب في مونديال 2026.

استخدام السيلفي كأداة لتحقيق الزخم الجماهيري ميز المرحلة السياسية الأخيرة

وكان السفير السعودي لدى المغرب عبدالعزيز بن محيى الدين خوجة عبّر في تصريحات سابقة، عن أمله في ألا تمنح الأمور أكبر مما تستحق، وأن “يضع الجميع نصب أعينهم أن العلاقات بين البلدين الشقيقين أكبر بكثير من جدل إعلامي يسعى البعض إلى استغلاله للإساءة إلى هذه العلاقات”، على حد قوله.

وقال خوجة، بحسب تصريح له، إن “العلاقات الراسخة والوطيدة بين البلدين والقيادتين والشعبين الشقيقين لا يمكن أن يؤثر عليها مجرد حدث عابر”، مضيفا أن “الأمور قد ضخّمت بشكل مبالغ فيه إلى درجة التهويل”.

وقال آل شيخ في تغريدة نشرها على حسابه في تويتر “لم يطلب أحد أن ندعمه في ملف 2026، وفي حال طلب منا سنبحث عن مصلحة المملكة العربية السعودية أولا”.

وكالعادة حاول مغردون تفسير حركات الجسد للزعماء الثلاثة مدججين بنظريات علم النفس.

وتهكّم معلق “بعد قليل ستبث قناة الجزيرة القطرية تقريرا تقول فيه إن الأمير محمد بن سلمان يحتجز سعد الحريري وملك المغرب في مقر إقامته بفرنسا!”

وسخر آخر “كيف يرى الإخونجية وأتباع تنظيم الحمدين والأمعات الصورة.. – الأمير محمد بن سلمان يجعل الحريري يتبسم حتى لا يثير الشبهات #غرد_كأنك_خلايا_عزمي”.

واعتبر معلقون أن الصورة “خروج عن المألوف والرسميات التي جبلنا على مشاهدتها من قبل الزعماء”.

واعتبر مغرد “منذ أربعة أيام فقط قلت: لا تلتفتوا للمشككين في متانة العلاقات بينهم وأخبرتكم بأن الأيام ستظهر صدق كلامي! ها هي صورة سيلفي جديدة لسعد الحريري في باريس وابتسامات تنسف كومة الشائعات”.

وكتب إعلامي سعودي أن “سعد الحريري يفسد على #خلايا_عزمي عملها في إشاعة الفتنة بين #السعودية و#لبنان والسعودية و#المغرب”. وأكد معلقون أن تعليق “لا تعليق دحض كل ما يثار من إشاعات”.

وقال مغرد في هذا السياق إن الصورة “رد على كل من يريد أن يصطاد في الماء العكر”. ليؤكد آخر “صورة رائعة فعلا. مصير المغرب والسعودية ولبنان واحد. لا بد من التفاهم والتعاون لأن البقاء يتطلب ذلك”.

وقال المحلل والباحث في العلوم السياسية محمد الزهراوي، إن “مكان اللقاء وطريقة جلوس العاهل المغربي وولي العهد السعودي يعطيان الانطباع بأن العلاقة صارت أكثر قوة وصلابة من السابق”.

واعتبر في تصريحات له أن الصورة استطاعت جذب انتباه المغردين العاديين إضافة إلى سياسيين وأكاديميين مهتمين بالعلوم السياسية واستراتيجيات التواصل، مشيرا إلى أنها “رسالة واضحة لمن يجيد قراءة الاعتبارات الجيوسياسية ويعي قوة الصورة في فن الاتصال والتواصل”.

ورجّح أن اجتماع القادة يؤكد أن ترتيبات جيواستراتيجية يتم الإعداد لها.

واعتبر محمد الزهراوي، أن حضور الحريري هذا اللقاء وفي باريس يعني أن هناك ترتيبات إقليمية ودولية في إطار التبلور، بحيث تراهن السعودية على نفوذ المغرب في فرنسا والمغرب بدوره يراهن على علاقة السعودية بالولايات المتحدة خاصة قبل صدور قرار مجلس الأمن بخصوص الصحراء.

وكانت الأحزاب والشخصيات العامة وشيوخ القبائل الصحراوية اجتمعوا بعاصمة الصحراء العيون ليطلقوا إعلان العيون يؤكدون فيه عن رفضهم لأي تقسيم كيفما كانت تسميته وتحت أي مبرر للتراب المغربي.

وأضاف الباحث المغربي “يمكن قراءة الصورة في شقها الخليجي بأن المغرب حليف قوي لكافة دول المنطقة ويمكنه أن يلعب أدوارا طلائعية في تثبيت استقرار وأمن المنطقة”.

ويعي القادة المجتمعون بفرنسا قوة الصورة وما يمكن أن تحدثه القدرات الفائقة لوسائل التواصل الاجتماعي في صنع الفرق ووضع الحدث في سياقه الحقيقي والفعلي.

يذكر أن استخدام السيلفي كأداة من أدوات تحقيق الزخم الجماهيري للعاملين في مجال السياسة يميز المرحلة السياسية الأخيرة في العالم.

وقد أثبتت دراسات أن السياسيين الذين أظهروا أنهم يديرون حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم بأنفسهم، صنفوا أنهم أكثر مصداقية وعفوية لدى متابعيهم. كما يحمل استخدام السيلفي رسائل ودلالات مهمة على الصعيدين السياسيين الداخلي والخارجي لأي دولة. فهي (الرسائل) تعطي الجمهور شعورا بأنه يشارك في العملية السياسية.

يذكر أن ولي العهد السعودي يقوم بجولة في الوقت الراهن إلى العاصمة الفرنسية باريس، حيث من المتوقع أن يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعددا من المسؤولين في المحطة الأخيرة لجولته التي انطلقت في مصر ثم بريطانيا والولايات المتحدة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: