تفاقم الصراعات داخل حزب التقدم والاشتراكية المغربي

القيادي حسن بنقبلي : التحالف مع الإسلاميين تنكر لأيديولوجية الحزب.

محاولات لتصحيح المسار
زادت الخلافات حدة داخل حزب التقدم والاشتراكية المغربي إثر قرار تأديبي أصدرته قيادة الحزب منذ يومين، يقضي بتجميد عضوية عضو اللجنة المركزية للحزب محمد أمنون.

وأرجعت قيادة الحزب أسباب القرار إلى “ما صدر عن محمد أمنون من تصرفات تخالف قوانين الحزب”، بحسب ما ورد في بيان.

ويمر حزب التقدم والاشتراكية بمخاضات سياسية وتنظيمية تسبق مؤتمره الوطني العاشر، الذي سينعقد في 11 مايو المقبل.

وارتفعت أصوات معارضة داخل الحزب يجسّدها تيار “قادمون” تنادي بالتغيير على مستوى القيادة لعجزها عن رفع مستوى الأداء السياسي للحزب.

وانعكس الأداء السياسي للحزب على نتائجه في الانتخابات المحلية والتشريعية الأخيرة، كما ظهر في الانتكاسة التي صاحبت إعفاء ثلاثة وزراء ينتمون للحزب من الحكومة على خلفية نقائص شابت مشروع منارة المتوسط بالحسيمة من بينهم الأمين العام للحزب نبيل بن عبدالله الذي كان وزير التعمير والإسكان.

وأكد حسن بنقبلي، المنسق الوطني لتيار “قادمون” وعضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، أن تأسيس هذا التيار ليس وليد اليوم وإنما هو مأسسة لواقع فكري وأيديولوجي أصيل في الحزب.

وأضاف أن هذا التيار انبثق من قلب المؤتمر الخامس للحزب الذي انتظم سنة 1995 عندما جاءت المحاولات الأولى لتحريف الخط السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، عبر تحويله إلى كيان يميني هجين هدفه الأساسي التنكر للمشروع المجتمعي للحزب.

وقال إنه خلال المؤتمرين الثامن والتاسع (2010 و2014) استجمع التيار كل قواه في “نزال غير متكافئ” ضد القيادة المتحكمة في الحزب، إذ قام التيار بالالتفاف حول ترشيح محمد سعيد السعدي للظفر بمنصب الأمين العام، لكن “القيادة اليمينية” للحزب كانت لها الكلمة الأخيرة بسبب تحكمها في التنظيم.

يعيش حزب التقدم والاشتراكية خلافات داخلية حادة قبل شهر من انعقاد مؤتمره الوطني العاشر. ويطالب التيار المعارض داخل الحزب “قادمون”، الذي يقوده حسن بنقبلي، بتغيير القيادة في رفض معلن لولاية ثالثة للأمين العام للحزب نبيل بن عبدالله، محملا مسيّري الحزب مسؤولية تراجع الأداء السياسي للتقدم والاشتراكية
ويعود سبب الإعلان عن تيار معارض داخل حزب التقدم والاشتراكية، بحسب بنقبلي، إلى سعي الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بن عبدالله للتجديد له لولاية ثالثة خلال المؤتمر المزمع عقده خلال مايو المقبل.

ويعتبر بنقبلي أن ابن عبدالله من أجل تحقيق هدفه “يستعد لتجاوز رغبة المناضلين الذين يرفضون الرضوخ لإرادته”.

ويطمح التيار المعارض داخل الحزب إلى “تصحيح مسار الحزب ومواجهة الانحرافات التي تسبب فيها المتحكمون” في دواليب التقدم والاشتراكية وعلى رأسهم ابن عبدالله.

ويحتاج تحقيق أهداف تيار “قادمون” إلى أدوات متعددة، حيث أكد بنقبلي “أننا قمنا بهيكلة التيار وطنيا ومحليا ثم التجأنا إلى القضاء من أجل إلغاء كل طبخات الأمين العام”، انطلاقا من المؤتمر الاستثنائي للحزب في 2016 إلى مقررات اللجنة المركزية التي كانت تلتئم من دون توفر النصاب القانوني.

ويرفض بنقبلي دخول حزب التقدم والاشتراكية في تحالف سياسي مع حزب العدالة والتنمية لتشكيل الحكومة منذ العام 2012، حيث يعتبره “انزياحا عن الخط الأيديولوجي والفكري الذي يتبناه الحزب مند نشأته”.

وأوضح أن تحالفات الحزب “كانت دائما واضحة كحزب يساري تقدمي مع الأحزاب التقدمية اليسارية والديمقراطية المدافعة عن الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والحقوق الاقتصادية والتوزيع العادل للثروة”.

واستدرك منسق تيار “قادمون” قائلا إن “القيادة الحالية اختارت الاصطفاف والتحالف مع الإسلاميين وسايرتهم في اختياراتهم اللاشعبية التي تمس بالمستوى المعيشي لفئات عريضة من الشعب”.

وأضاف “هذا لم يكن أبدا من مبادئ حزب التقدم والاشتراكية، وهو يشكل وضعا مقلقا وانحرافا عن خطه الفكري والسياسي”.

وجاء في البيان التأسيسي لتيار “قادمون” أن التحالف قادر على وضع مشروع تنموي جديد يحقق العدالة الاجتماعية والتقدم والرقي للمجتمع في إطار جبهة وطنية ديمقراطية.

واعتبر ملاحظون الفكرة “غير واقعية”، مشددين على أنه ليست هناك ضمانة لعدم تكرر سيناريوهات سابقة لتحالفات يسارية لم تعط أكلها السياسي والتنظيمي.

لكن حسن بنقبلي أكد أنه أمام “المد اليميني المحافظ الذي يأتي على الأخضر واليابس داخل المشهد السياسي المغربي”، فقد أضحت كل حساسيات اليسار متفقة على ضرورة توحيد الصفوف والتكتل لمواجهة هذا المد.

وأكد الأعضاء المؤسسون لتيار “قادمون” في بيان لهم أن تيارهم “يساري تقدمي موحد لمناضلي الحزب، غايته رأب الصدع الذي خلفته المواقف السياسية والاختلال التنظيمي”.

وشدّدوا على أن تيارهم استمرار لحركات قادها أبناء الحزب “المشهود لهم بالكفاءة والغيرة على الوطن والشعب والتنظيم”، خاصة أولئك الذين ينتمون إلى تيار “مازلنا على الطريق”.

وأكد حسن بنقبلي أنه “لا نية لنا في شق وحدة الحزب، ونضالنا من أجل تصحيح مسار الحزب يبقى نضالا ديمقراطيا ومن داخل الهياكل الحزبية”، مشددا على أن المشكلة تبقى في “عدم إيمان القيادة الحالية بالتدافع الحزبي الديمقراطي والسلمي، لذلك فقد أقدمت على إقصاء وتهميش مجموعة من المنتمين لحزب التقدم والاشتراكية”.

وطالب بيان أصدره تيار “قادمون” قيادة حزب التقدم والاشتراكية بتقديم نقد ذاتي بخصوص النقائص والتجاوزات التي حدثت خلال عملية التنظيم للمؤتمر.

وحمل البيان القيادة الحالية مسؤولية إقصاء المنتمين للحزب من المشاركة في المؤتمر والوضع التنظيمي الممزق للحزب، بسبب “المواقف السياسية المتأرجحة والتحالفات الهجينة التي أفقدت الحزب مصداقيته”.

وحصر حزب التقدم والاشتراكية عدد أعضاء مؤتمره الوطني العاشر في 1000 مؤتمر، بعدما كان العدد في المؤتمر الوطني التاسع قبل أربع سنوات 2137 مؤتمرا. كما تم تحديد معايير تنظيمية صارمة لاختيار المندوبين لهذا المؤتمر.

ولفت حسن بنقبلي إلى أن تيار “قادمون” يعمل جاهدا على إلغاء المؤتمر الوطني لحزب التقدم والاشتراكية الذي تم التحضير له من طرف نبيل بن عبدالله، “في صيغة تهدف إلى ضمان ولاية ثالثة له على رأس الحزب”، مقابل التحضير لمؤتمر يشارك فيه من تم تهميشهم وإقصاؤهم.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: