بوليساريو والحرب.. لعبة غير قادرة على تكلفتها
المنطقة العازلة جزء أصيل من التراب الوطني المغربي، وأي تغيير على وضعيتها هو بمثابة هجوم مسلح على أرض مغربية.
انتهاكات يومية للجبهة الانفصالية
عندما تصل عناصر تابعة لجبهة البوليساريو إلى أقرب نقطة من الجدار الأمني، وتتجرأ على نقل مقرات ما يسمى وزارة الدفاع إلى بئر الحلو، وعزمها على بناء مقر للرئاسة بمنطقة تفاريتي، فهذه محاولة لتغيير ملامح الجغرافيا تتغيا منه الجبهة واقعا آخر على الأرض تستفيد منه في اللحظات السياسية المقبلة، وتحد لاتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم في العام 1991، وهو ما يتطلب ردا حازما وقويا.
جدوى المنطقة العازلة كإطار للتعاطي مع صراع دام لعقود يطرح على أنظار مجلس الأمن بالخصوص بقوة أمام المحاولات المتكررة والمستفزة من طرف البوليساريو ومن يدعمها إقليميا ودوليا لتغيير وضعيتها الحالية.
والمعضلة الحقيقية وقوف الأمم المتحدة كمتفرج أمام انتهاكات يومية وميدانية داخل تلك المنطقة ما جعل المغرب يستنفر مؤسساته الأمنية والعسكرية والسياسية والدبلوماسية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية ترابه وسيادته وأمنه القومي، وهذا حق مشروع لإدارة الصراع مع خصومه.
خطورة الوضع الذي يُراد فرضه على المغرب في صحرائه دفعت رئيس الحكومة سعدالدين العثماني إلى اجتماع واسع مع مسؤولين وبرلمانيين ورؤساء الأحزاب السياسية، الأحد في الأول من أبريل، ولقاء لجنتي الدفاع والخارجية مع وزيري الداخلية والخارجية. وهنا يكمن الفرق بين المغرب الذي يتحرك بمنطق مؤسساتي صرف وجبهة تتحرك بأوامر أطراف أخرى.
خطوة لها أهميتها القصوى من ناحية توقيتها، حيث تزامنت مع قرب دفع الأمين العام للأمم المتحدة بتقريره الرسمي حول الصحراء إلى مجلس الأمن لمناقشته تمهيدا لقرار المجلس في أبريل الجاري، وتذكيرا بانتهاكات الاتفاقات العسكرية ووقف إطلاق النار وتفاقم التوترات على الأرض، ما يتناقض والعملية السياسية التي تحتاج، بالضرورة، وفقا للأمين العام للأمم المتحدة، إلى بيئة مواتية ومستقرة. كما عبر عن ذلك عمر هلال الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، في رسالة مستعجلة لرئيس مجلس الأمن، غوستافو ميازا كوادرا.
المغرب كان سباقا إلى احترام الشرعية الدولية وعدم القفز على أي من مقررات الأمم المتحدة، ولم يثبت على الرباط أن عرقلت أي مساع لإقرار حل سياسي سلمي وواقعي
بعد تصريح وزير خارجية المغرب بأن الجزائر تشجع البوليساريو لتغيير وضع المنطقة العازلة خرج ما يسمى منسق جبهة البوليساريو مع المينورسو المدعو امحمد خداد، ليقول إن جبهة البوليساريو مستعدة لكافة الخيارات، متناسيا أن الانفصاليين عبروا في الكثير من المناسبات عن أنهم مع خيار الحرب وأن الحل السياسي لا يوافقون عليه إلا في حالة تقسيم تراب المملكة وإقامة ما يعتبرونه “دولة” لهم.
لكن، دائما ما أرادت الدعاية الكاذبة للبوليساريو خلط الأوراق إقليميا ودوليا، والهروب إلى الإمام بادعاءات لا تمت للواقع العملي بصلة. كما تستهوي جبهة البوليساريو لعبة الحرب دون أن يكون قرارها بيدها أو قادرة على تحمل تداعياتها.
المغرب كان سباقا إلى احترام الشرعية الدولية وعدم القفز على أي من مقررات الأمم المتحدة، ولم يثبت على الرباط أن عرقلت أي مساع لإقرار حل سياسي سلمي وواقعي، وقدمت في هذا الإطار مقترحا للحكم الذاتي منذ العام 2007، لم تتقدم بمثله البوليساريو بل سعت إلى عرقلته كلما زاد عدد المؤيدين له.
أثبتت جبهة الانفصاليين أنها مع منطق إشعال الحروب، لكن قرارها في يد قوى كامنة تحفز الصراع الذي يخدم أجندتها الداخلية بالأساس. وحاضنو العنف يستندون إلى مقولة إن توقيف المغرب عن طموحاته الاقتصادية وإنجازاته التنموية بأقاليمه الجنوبية بالأساس، سيكون بإشغاله بحرب بالجنوب لاستنزاف قدراته العسكرية والمالية ولم لا فتح الباب لدخول الإرهاب عبر الحدود المشتعلة؟
هكذا فَكَّرَ وقَدَّرَ من يخطط من بعيد لتحفيز الصراع بالمنطقة.
السؤال هل هناك مبرر كاف لتحرك المغرب ورفعه الورقة الحمراء برد ميداني؟ الجواب نعم، فالمنطقة العازلة جزء أصيل من التراب الوطني، وأي تغيير على وضعيتها هو بمثابة هجوم مسلح على أرض مغربية.