العدالة والتنمية المغربي يحاصر نفوذ بن كيران في صفوفه
قيادات مناوئة للأمين العام السابق عبدالإله بن كيران تسعى لتخليص الحزب من خطابه المتوتر.
صاحب الخطاب المتوتر
يجد عبدالإله بن كيران الأمين العام السابق للعدالة والتنمية المغربي، نفسه في وضع صعب داخل الحزب، ليس فقط لإزاحته من الأمانة العامة ومن رئاسة الحكومة، ولكن بسبب سعي قيادات مؤثرة إلى تهميشه وتخليص الحزب من نفوذه.
ورغم فوز وجوه تساند بن كيران في العودة إلى الحياة السياسية في انتخابات المؤتمرات الجهوية نهاية الأسبوع الماضي، حاول بعض القياديين بالعدالة والتنمية التقليل من واقع الاستقطاب الحاصل داخل الحزب ونفي وجود تيار موال للأمين العام السابق.
وقال مصطفى الرميد، عضو الأمانة العامة ووزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، “نحن نؤمن بالديمقراطية، والإخوة يتم ترشيحهم لكفاءاتهم، وليس لأي اعتبار آخر، وليس عندنا شيء مما يمكن أن ينعت بأنه تيار فلان أو فلتان”.
ونفى عبدالعلي حامي الدين القيادي بالحزب، الذي انتخب كاتبا جهويا لجهة الرباط – سلا – القنيطرة، وجود تيار تابع لابن كيران، مؤكدا أنه “لا يوجد شيء اسمه تيار بن كيران داخل العدالة والتنمية وهو مجرد تداول إعلامي لا أساس له من الصحة”.
ويقول مراقبون إنه رغم هذه التصريحات التبريرية لا يمكن الإنكار أن هناك قيادات تساند حتى حدود اليوم، عودة بن كيران إلى الساحة السياسية.
ولفت الرميد إلى أن الحزب تمكن من تجاوز تبعات المؤتمر الوطني الأخير، بعد بروز تيار مساند لابن كيران، وتيار معارض له، معترفا بأن الاختلاف الذي بدا إبان المؤتمر وبعده بين القيادات أمر صحي، داعيا إلى فتح حوار ونقد جماعي لتجاوز المرحلة.
الحوار الذي دعا الرميد إلى فتحه أكده سعدالدين العثماني الأمين العام للحزب، في المؤتمر الجهوي للحزب بالرباط، عندما قال إن “الأمانة العامة المقبلة ستتداول وتصادق على الحوار ومنهجيته التي ستكون بسيطة ونهائية”.
ويشير المراقبون إلى أنه لا يمكن أن تأتي الدعوة إلى الحوار دون أن يكون هناك احتقان كبير بين جل القيادات داخل الحزب والقواعد، بعدما سيطرت فكرة أن العثماني لم يكن له أن يقبل تولي رئاسة الحكومة بعد إعفاء بن كيران.
وترى بعض القيادات التي توصف بالمشاغبة داخل الحزب أن صورة العدالة والتنمية قد تزعزعت داخل الأوساط الشعبية والطبقة المتوسطة ببعض الإجراءات غير الشعبية التي اتخذتها الحكومة الأولى والثانية التي يقودها الحزب، ولهذا يؤكد هؤلاء أنهم رفعوا شعار الإصلاح من الداخل ومواجهة التيار المشارك في الحكومة.
ورفض العثماني هجوم بعض أعضاء حزبه المساندين لسلفه، على وزراء من الحكومة وهم يقومون بزيارات للعديد من الأقاليم، بالقول “من قام بأي عمل جيد فهذا لصالح الحكومة ونجاحه من نجاحنا، وأن أي تدشينات يقوم بها أي وزير بالحكومة لا يجب أن تغضب الإخوان؛ لأنني أطالب دائما بأن نكون فريقا واحدا”.
ويرى متابعون لشؤون الحزب أن العثماني سيعاني كثيرا من هذا التيار المناهض له رغم دعوته إلى الحوار الداخلي.
ويبدو أن العثماني يريد استقطاب أكبر عدد من المساندين والمتعاطفين مع الحزب بتدشين زيارات ميدانية لمدن وقرى بعيدة عن المركز الحضري، حيث أكد من ميسور التي تبعد عن فاس 200 كلم، “أننا في إنصات مستمر للمواطنين، وسنواصل التواصل مع المغاربة وسنوفي لهم، كما أن الحزب سيظل دائما في المقدمة”.
وهي خطوة اعتبرها ملاحظون جزءا من حملة لتلميع صورة العثماني داخل الحزب خصوصا أنه يتّهم من خصومه في الحزب بأنه لا يرقى إلى مستوى سلفه في التأطير والتواصل، وأنه لا يستجيب لتطورات المرحلة التي يمر منها الحزب.
ويقول عبدالإله السطي، الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري لـ”العرب”، إننا أمام صراع لموازين قوى بين من يأخذ الريادة في التعبئة للاصطفاف إلى جانب بن كيران، وبين الاصطفاف في الصف الآخر المعارض، إلى درجة خلق استقطابات بموازين قوى مرة ترجح لهذه الكفة ومرة للكفة الأخرى.