الزراعة أفضل خيار للاستجابة للطلب المتزايد على الأعشاب الطبية في المغرب
الأعشاب العطرية والطبية، أضحت مطلوبة بصفة ملحة في الأسواق الوطنية والدولية، وكنتيجة لهذا الطلب المتزايد أصبحت خاضعة لضغط شديد.
لحماية الأعشاب من الانقراض
بين الخزامى وإكليل الجبل والبابونج والنعناع والزعتر وقصعين الكهان والستيفيا السكرية، أضحت الأعشاب العطرية والطبية، التي كانت تستعمل منذ القدم لفوائدها الكثيرة، مطلوبة بصفة ملحة في الأسواق الوطنية والدولية، وكنتيجة لهذا الطلب المتزايد أضحت هذه الأعشاب خاضعة لضغط شديد.
وتعاني الأعشاب العطرية والطبية، التي تساهم في استقرار النظام الإيكولوجي بتوفير مواطن لعدة فصائل من الحيوانات والحشرات، من “استغلال يكون أحيانا مكثفا وغير رشيد، وخصوصا مع عودة العلامتين التجاريتين ‘بيو’ و’طبيعي’”.
وفي هذا الصدد قال مدير المعهد الوطني للبحث الزراعي، السيد شوقي الفايز، إن تشجيع ثقافة زراعة الأعشاب العطرية والطبية يمثل أفضل خيار للاستجابة للطلب المتزايد عليها من طرف من يقومون بجمع المخزون الطبيعي لهذه الأعشاب.
وأكد السيد الفايز في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن “عددا كبيرا من الفصائل العطرية والطبية مهددة بالانقراض، ويجب العمل على المحافظة عليها وتثمينها بطريقة مستدامة”، محذرا من أن “تخريب مواطن تلك الأعشاب يشكل خطرا مباشرا عليها”. ويعد غرس الأعشاب، حسب الخبير، طريقة مستدامة لتزويد السوق المحلية والدولية بمنتوجات ذات جودة ويمكن التأكد من مصدرها، وهذه الضمانات لا توفرها الأنواع البرية، حيث يكون تركيبها الكيميائي غير متجانس وفي غالب الأحيان غير معروف من طرف الباعة.
وبالنسبة للخبير، يعزى التهافت الكبير على الأعشاب إلى الإمكانات الكبيرة التي تتوفر عليها من الجزيئات الطبيعية، والتي يطلبها قطاع مستحضرات التجميل والأغذية المستعملة لتحسين الحالة الصحية، وكذلك القطاع الذي يعنى بالأدوية. وأدى هذا التهافت إلى “الاستغلال المفرط”، الذي يمكنه أن يضر ببقاء هذه الأعشاب.
يتوفر المغرب على مؤهلات كبيرة فيما يخص الزيوت العطرية والنباتات الطبية نظرا لتنوعه البيولوجي بالمنطقة المتوسطية.
تشجيع ثقافة زراعة الأعشاب العطرية والطبية يمثل أفضل خيار للاستجابة للطلب المتزايد عليها من طرف من يقومون بجمع المخزون الطبيعي لهذه الأعشاب
وبحسب المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، يتوفر المغرب على أكثر من 600 فصيلة من الأعشاب العطرية والطبية، ويشكل استغلالها مورد رزق للسكان المحليين.
وفي الغالب تحتفظ النساء بالأسرار المتوارثة حول استعمال الأعشاب والتقنيات الطبية في هذا المجال، وهن اللواتي يتكفلن بالبحث عن هذه الأعشاب العطرية والطبية وبجمعها وتجفيفها، وتعد تنمية هذه الأعشاب وتثمينها موضوع استراتيجية وطنية، وفق مدير المعهد الوطني للبحث الزراعي.
وأعرب السيد الفايز عن ارتياحه للتنوع الجيني والكيميائي الكبير لتلك الأعشاب التي تمثل عاملا أساسيا لمحاربة التصحر والتغيرات المناخية، كما أنها لا تستهلك الكثير من الموارد المائية.
وتتعدد المجالات التي تُستخدم فيها النباتات الطبية، وتشمل تحضير بعض الأدوية، وإنتاج الزيوت التي تدخل ضمن تركيبة بعض المستحضرات الطبية، بالإضافة إلى إنتاج الأغذية الخاصة بعلاج أمراض مُحدّدة.
وأوضح الخبير أنه يمكن أن نجد في نوع واحد عدة أنماط كيميائية، أي خليطا من المواد الكيميائية السائدة. وهذه “التعددية الكيميائية تكون مرتبطة بوجود عدة مكونات كيميائية في فصيلة واحدة، وتمنحها في الغالب نشاطا بيولوجيا ذا طيف واسع، يكون مضادا لمسبب مرض ما”.
وأعرب الخبير عن تأسفه لكون “استغلال النباتات الطبية والعطرية حاليا يمر أساسا من خلال جمعها مباشرة من الطبيعة، مع اعتماد بنسبة قليلة على الزراعة”.
وفي هذا السياق تؤكد منظمة الصحة العالمية أن زراعة النباتات الطبية تتطلب “عناية فائقة وتدبيرا ملائما”، مشيرة إلى أن ظروف الزراعة تعتمد على جودة المواد النباتية الطبية. وحذرت منظمة الصحة العالمية في “توجيهاتها بشأن الممارسات الفلاحية الجيدة والممارسات الجيدة للقطف المتعلقة بالنباتات الطبية” من إدخال “أنواع غريبة” من النباتات الطبية في الزراعة والتي يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على التوازن البيولوجي والإيكولوجي للمنطقة.
وحسب المنظمة يتعين الحرص على مراقبة وتتبع التأثير الإيكولوجي للأنشطة الزراعية عبر الوقت.
وتشدد منظمة الصحة العالمية على أن المواد الكيميائية الزراعية المستخدمة من أجل تحفيز نمو النباتات الطبية أو حمايتها يتعين أن يتم استعمالها “بكمية محدودة، وفقط إذا لم تكن هناك إمكانية أخرى”.
وذكر السيد الفايز “في هذه الحالة يعتبر تحسيس كافة الفاعلين المنخرطين في سلسلة التثمين، حول الممارسات الجيدة في القطف، أمرا لا محيد عنه إذا كنا نريد حقيقة الحفاظ على مخزون هذه النباتات للأجيال القادمة”.