تنويع المغرب لتحالفاته يقلق الولايات المتحدة
تصريحات السفير الأميركي في الجزائر تستفز المغاربة، والبوليساريو تفتعل الأزمات قبل اجتماع مجلس الأمن.
تلويح مستمر بالعنف
تثير تحركات المغرب وانفتاحه على حلفاء إقليميين ودوليين جدد في مقدمتهم روسيا، حفيظة واشنطن التي يبدو أنها بدأت تتحرك للرد على هذه التحركات.
وقالت سفارة الولايات المتحدة بالجزائر، الخميس، إن واشنطن تدعم بقوة مسار المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو من أجل التوصل إلى حل “يضمن حق تقرير المصير لشعب الصحراء”.
جاء ذلك في بيان للسفارة توج زيارة للسفير الأميركي، جون ديروشر، إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين بمنطقة تندوف، جنوب غرب الجزائر.
وحسب المصدر ذاته، فإن الولايات المتحدة “تدعم بقوة مسار المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة وتأمل الولايات المتحدة الأميركية أن يحقق المسار حلاً سياسياً عادلاً ودائما يقبله الطرفان من شأنه أن يضمن حق تقرير المصير لشعب الصحراء”.
ويرى صبري الحو، الخبير في القانون الدولي والهجرة وقضية الصحراء أنه لا يمكن تفسير هذه الزيارة الأولى من نوعها التي يقوم بها سفير أميركي إلى تندوف خارج سياق عدم رضى الولايات المتحدة الأميركية عن انتهاج المغرب منحى جديدا في علاقاته الخارجية.
وأضاف أن المغرب بات يعتمد على مبدأ التنوع بحيث تحرر من المعسكر الغربي، وانفتح على دول عظمى وعلى رأسها الصين وروسيا بالإضافة إلى دول صاعدة مثل الهند والبرازيل، ونهج خطة جديدة في أفريقيا تعتمد على الانفتاح المباشر على خصومه بعيدا عن الوساطات الغربية التي لم تفده”.
واستعاد المغرب مطلع العام الماضي مقعده في الاتحاد الأفريقي بعد غياب دام سنوات، عقب جولة أفريقية قام بها العاهل المغربي الملك محمد السادس لعدة دول أفريقية.
وقال شرقي خطري، المدير التنفيذي لمركز الجنوب للدراسات والأبحاث، إن زيارة السفير الأميركي تأتي في سياق مراجعة بلاده لموقفها بشأن ملف الصحراء المغربية. وأضاف “الزيارة تندرج ضمن إعادة واشنطن النظر في جل أطروحات الموقف الأميركي والمرتبط بمصالحها الجيوسياسية”.
رهان المغرب طيلة السنوات الماضية على الغرب لم يجد نفعا، لذلك انفتح على دول عظمى على رأسها الصين وروسيا
ولم يتردد صبري الحو في اتهام واشنطن بالوقوف وراء اتفاقية التجارة الحرة التي استثنت إقليم الصحراء المغربية، ومحاولة فرض توصية سنة 2013 بتوسيع مهام المينورسو ليشمل حقوق الإنسان.
لكن نوفل البوعمري المحامي والخبير في ملف الصحراء يعتقد أن زيارة السفير الأميركي عادية ولن يكون لها أي أثر على ملف الصحراء.
واعتبر في تصريح أن الزيارة تهدف إلى استطلاع الوضع في المنطقة خاصة داخل المخيمات لتقييم الوضع الإنساني داخلها.
واستبعد أن تكون الزيارة مقدمة لتغيير الموقف الرسمي الأميركي الداعم للجهود الأممية في التوصل إلى حل سياسي متوافق بشأنه وهو نفسه ما عبر عنه السفير في تصريح له بخصوص الزيارة.
وأضاف “عندما يعطي سفير هذا الموقف وباللغة الواضحة التي تحدث بها فذلك تأكيد على دعم المسار الأممي ودعم الحل السياسي، وعندما نتحدث عن الحل السياسي فنحن نتحدث أولا عن حل في إطار المادة السادسة من ميثاق الأمم المتحدة، وعن الحل الذي قدمه المغرب كأرضية للتفاوض السياسي الذي سبق للإدارة الأميركية أن رحبت به ودعمته”.
لكن شرقي يرى أن “ملف الصحراء كان دائما القناة التي يتم من خلالها تصريف المواقف تجاه المغرب سواء من قبل الولايات المتحدة أو غيرها، بما يشير إلى أننا مقبلون على سيناريوهات جديدة تتعلق بخارطة طريق لا تقتصر على التفاوض”.
وتابع شرقي “الأميركيون مقتنعون بضرورة الحفاظ على مصالحهم، وهذه الزيارة إرضاء للجزائر ومجاملة تبحث عن مكاسب تخدم الرؤية الأميركية للصراع”.
واعتبر صبري الحو تحرك السفير الأميركي تنبيها للمغرب للعدول عن سياسته الجديدة التي تحاول تجاوز واشنطن ومعسكر الغرب، “لكنه إشعار متأخر لأن المغرب راهن على الغرب ولم ينفعه في شيء”. ويقول متابعون إن واشنطن أرادت أيضا بزيارة سفيرها إلى مخيمات تندوف استطلاع موقف البوليساريو قبل تقديم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس تقريره أمام مجلس الأمن في أبريل المقبل حول نزاع الصحراء.
وتزامنت زيارة سفير واشنطن إلى الجزائر مع تعيين الرئيس الأميركي دونالد ترامب لجون بولتون مستشارا للأمن القومي الأميركي، وبولتون معروف بتأييده القوي لأطروحة جبهة البوليساريو.
وعقب الزيارة بساعات أقدمت الجبهة الانفصالية على إرسال سيارتين رباعيتي الدفع إلى منطقة المحبس في منطقة الكركرات وتمركزتا على بعد كيلومتر واحد عن الجيش المغربي.
وقال نوفل بوعمري إن البوليساريو بدأت تفقد عدة أوراق وستسعى في هذين الأسبوعين (قبل موعد جلسة مجلس الأمن حول الصحراء المغربية) إلى افتعال أزمات هامشية، “وهو ما لا يجب أن ينجر إليه المغرب الذي يراهن على انتصاره من خلال مجلس الأمن”.
وعادت البوليساريو للتلويح بالعنف خلال الأسابيع الماضية، حيث أجرت مناورة عسكرية في منطقة “بئر الحلو” الواقعة شرق الجدار العازل في منطقة الصحراء المغربية، وهي من ضمن المناطق منزوعة السلاح،.