الاقتصاد المغربي في صدارة مؤشر جاذبية الاستثمار في أفريقيا
مناخ الأعمال المستقر يمنح الرباط شهادة ثقة دولية جديدة وقطاعات المصارف والسياحة والطاقة والصناعة تقود دفة النمو.
تركيز الاهتمام على تطوير بيئة الأعمال
عزز المغرب مكانته كبوابة أساسية لمشاريع التنمية في قارة أفريقيا بعد أن جاء في صدارة مؤشر جاذبية الاستثمار في أفريقيا الذي تصدره المجموعة الدولية “كوانتوم غلوبال ريسيرتش لاب”.
وأكد خبراء المجموعة الدولية أن مناخ الأعمال في المغرب كان الأكثر جاذبية لتدفقات الاستثمارات في أفريقيا خلال العام الماضي، بعد تعزيز المؤشرات الاقتصادية وتحسين التشريعات وبيئة الأعمال المواتية للمستثمرين.
وقال موثولي نكوبي، مدير مجموعة كوانتوم غلوبال إن “الاقتصاديات الأفريقية ومنها المغرب توجه بوصلتها نحو التنويع من أجل تحفيز التنمية الصناعية واجتذاب الاستثمارات في القطاعات الاستراتيجية”.
ورجح أن يواصل المغرب جذب تدفق رؤوس الأموال الأجنبية، وخاصة إلى قطاعات المصارف والسياحة والطاقة والصناعة، مشيرا إلى أن مجال الأعمال يعد أكبر تحدّ إنمائي، خاصة إذا ما تعلق الأمر بالشركات الصغيرة والمتوسطة.
وأوضح أن التدفقات الأجنبية ستواصل تعزيز رأس المال المطلوب لتطوير القطاعات الرئيسية وتوفير المزيد من الوظائف وتحفيز النمو وبالتالي دعم التحوّل الهيكلي.
يجمع المحللون على أن حصول المغرب على شهادة ثقة دولية جديدة سيعزز استقرار مناخ الأعمال المغربي ويفتح أبواب تدفق المزيد من الاستثمارات الأجنبية لتسريع وتيرة النمو الاقتصادي ومشاريع التنمية الشاملة التي تشهدها البلاد
واستقطبت الرباط نحو 2.57 مليار دولار استثمارات أجنبية خلال العام الماضي، بزيادة قدرها 12 بالمئة بمقارنة سنوية.
ولفت تقرير كوانتوم إلى أن المغرب يعد واحدا من أفضل البلدان الناشئة للاستثمار الخارجي بفضل الفرص المتاحة أمام المستثمرين في قطاعات مختلفة مثل الطاقة والبنية التحتية والسياحة والتكنولوجيا والاتصالات، من بين قطاعات أخرى.
ولتشجيع الاستثمار في تلك القطاعات أعلنت الحكومة أنها تسعى لمعالجة ما يهدد استمرارية الشركات المغربية بإعداد ترسانة قانونية قوية ومرنة، وبإرساء قواعد الحوكمة في التسيير والكشف المبكر عن العراقيل.
واستطاع المغرب خلال ستة أعوام من القيام بقفزة كبيرة على مؤشر ممارسة الأعمال ليحتل المركز الـ68 من أصل 190 بلدا في 2016، بعد أن كان يقبع في المركز 129.
كما تصدر المؤشر بين دول شمال أفريقيا والمركز الثالث في أفريقيا والمركز الرابع على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
واعتبر سيرجيو بيمينتا، نائب رئيس مؤسسة التمويل الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، العضو في البنك الدولي، أن التوجه المرتكز على المرونة يجعل المغرب أكثر قدرة على المنافسة، لكنه بحاجة إلى تدابير إضافية لتحفيز النمو.
وكشف أن المؤسسة تعتزم استثمار 373 مليون دولار في مشاريع البنية التحتية في المغرب العربي، وعلى رأسها المغرب.
وقال إنه “لا بدّ من تيسير الحصول على التمويل للشركات الصغيرة، التي لا تتواجد بالقدر الكافي في البلدان الأخرى التي لديها مستوى مماثل من حيث الناتج المحلي الإجمالي”.
ويتماشى هذا الموقف مع طموحات الحكومة الساعية لوضع المغرب بين أحسن 50 بلدا عالميا على مستوى جودة مناخ الأعمال.
وكانت الحكومة قد أعلنت عن حزمة من التدابير لفائدة الشركات تركز أساسا على الشراكة بين القطاعين العام والخاص والحد من البيروقراطية، ووضع إطار تنظيمي جديد لرقمنة الإجراءات وتقوية الترسانة القانونية للأعمال.
وأجمع خبراء في ملتقى نظمته جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء الأسبوع الماضي، حول النموذج الاقتصادي المغربي، على أن المغرب بحاجة إلى نفس جديد لإنعاش النمو الاقتصادي لضمان استدامته.
وشددوا على أن تعزيز الاستثمارات في البنى التحتية كالطرقات والسكك الحديدية والموانئ والمطارات والقطاع اللوجستي والاتصالات والنقل بكافة أنواعه من شأنه أن يخدم بشكل إيجابي الاقتصاد المغربي.
ويقول عادل الدويري، وزير السياحة المغربي السابق إن بلاده تحتاج إلى شركات محلية قوية حتى تتمكن من التوسع بمختلف مناطق العالم. وأكد أن الاقتصاد المغربي تعتريه مشكلات منها انعدام ثقافة طرح العروض للعموم من أجل المبادرة للاستثمار في مؤسسات محلية.
ويتفق مع هذا الرأي إدريس خروز، أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق في جامعة محمد الخامس وقال إن “دعم الشركات الصغيرة من أجل تنويع الاقتصاد بات أمرا ملحا ويفرض نفسه بقوة”.
وذكرت دراسة جديدة للمندوبية السامية للتخطيط أن إمكانات تنويع الاقتصاد المحلي تصل إلى 90 بالمئة، في ما يتعلق بالمواد الخام والمنتجات الأولية والمنتجات ذات المحتوى التكنولوجي المنخفض.
وأكد أحمد لحليمي علمي، المندوب السامي للتخطيط، على ضرورة تنويع النسيج الإنتاجي للاقتصاد المغربي من أجل تحسين الاحتياطات النقدية من العملة الصعبة.
وأوضح أن ذلك يأتي من خلال تنشيط سوق العمل لزيادة فرص العمل وتوفير إمدادات أكثر قدرة على المنافسة بالنظر إلى تنويع النسيج الإنتاجي للبلاد عن طريق تحديد فرص جديدة للاستثمارات المنتجة.