الاحتقان جنوب الجزائر يربك مراكز القرار في الشمال
السلطة تسعى إلى استمالة أعيان الجنوب لقطع الطريق على حراك النشطاء.
الأعيان أداة السلطة للسيطرة على الجنوب
يعيش جنوب الجزائر حالة من الاحتقان الاجتماعي، تسعى السلطة إلى احتوائها عن طريق أعيان المنطقة.
وكشف أحد الناشطين في حراك الجنوب عن مساع حثيثة لرموز السلطة من أجل استمالة أعيان الجنوب، وتحريك بعض الفعاليات المحلية بغية احتواء حالة التململ الشعبي، وسحب البساط من الحراك الكبير الذي ينوي ناشطون مستقلون التحضير له.
وقال الناشط السياسي عبدالرحمن هنانو، مؤسس حزب الجزائر للعدالة والبناء (غير معتمد) في تصريح له إن السلطة ما زالت تفكر بشكل نمطي ولم تواكب التغيرات الاجتماعية والثقافية في الجنوب”.
وأضاف “السلطة ما زالت تعتمد على الأعيان لضمان الاستقرار والسلم الاجتماعي في المنطقة، وهو ما زاد في تعميق الهوة بين الطرفين اليوم”.
حزب طلائع الحريات المعارض يحذر من التهميش الذي يعيشه الجنوب، والذي يغذي الحركات الاحتجاجية في المنطقة
وكان ممثلو المجتمع المدني للأهقار قد أكدوا في لقاء لهم عقد السبت على ضرورة مراجعة وتيرة وآليات التنمية المحلية والتكفل بالانشغالات اليومية لسكان الجنوب، بشكل يضمن الاستقرار والسلم الاجتماعي في المنطقة.
وعبروا عن “تمسكهم بالوحدة الوطنية واستقرار البلاد والحفاظ على مكتسبات الأمة، وعن التزامهم بالآليات السلمية في التعبير عن انشغالاتهم، مع دعمهم اللامشروط لأمين عقال الأهقار أحمد ايدابير”، الأمر الذي عكس خلافات السكان حول من يمثلهم لدى الهيئات والمؤسسات المحلية والوطنية. ويعكس لقاء تمنراست للفاعلين والناشطين الأهقار، حالة التجاذب والاستقطاب بين الأطراف الفاعلة في المجتمع المحلي، ورغبتها في الانفراد بتمثيله، والعمل على سحب البساط من نشطاء مستقلين يحضرون لعقد لقاء كبير قبل نهاية الشهر الجاري في مدينة بسكرة للإعلان عن أرضية مطالب شاملة وذات سقف عال.
وكان وزير العدل طيب لوح قد نظم زيارة خلال الأيام الفارطة، إلى بعض مدن الجنوب، التقى خلالها ما يعرف بأعيان وشيوخ المنطقة، وأبلغهم رغبة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في التكفل بانشغالات الشارع المحلي.
وهو ما اعتبره مراقبون خطوة لاستمالتهم واحتواء الغضب الشعبي المتنامي، تماشيا مع اعتقاد لدى السلطة، في بقاء نفوذ هؤلاء وتأثيرهم على السكان. ووصف عبدالرحمن هنانو لقاء تمنراست الذي انعقد السبت بـ”العمل الاستباقي من طرف موالين للسلطة ومنتخبين، للحديث باسم الأهقار وسكان الجنوب”.
وأضاف “نحن بصدد التحضير للقاء ضخم في مدينة بسكرة، يحتضن كل أبناء الجنوب ومن مختلف النواحي والجهات، وأن المشاورات والاتصالات جارية بين الفاعلين والناشطين، لإعداد أرضية صلبة لإطلاق حراك حقيقي، يمثل ويستجيب لتطلعات السكان في مختلف الميادين”.
حدة الاحتقان الشعبي جنوب الجزائر، تزداد بسبب ما يعيشه من تهميش وإقصاء رغم توفره على ثروات مهمة من النفط والغاز وهو ما دفع نشطاء إلى عقد مؤتمر لتحديد مطالب المنطقة تمهيدا لرفعها إلى السلطة.
وعاشت العديد من مدن الجنوب الأسابيع الماضية على غرار ورقلة وأدرار اعتصامات واحتجاجات على تفشي البطالة والتمييز في فرص الشغل التي توفرها الشركات العاملة في حقول النفط.
وحذر حزب طلائع الحريات المعارض من التهميش والمعاناة التي يعيشها سكان الجنوب، والتي غذت الحركات الاحتجاجية في المنطقة، بسبب غياب الحوار الحقيقي ونية التكفل بالمطالب والانشغالات المرفوعة.
ولفت عبدالرحمن هنانو إلى أن الحراك الجنوبي الجديد هو حوصلة وخلاصة للحركات السابقة التي عرفتها مختلف مدن الجنوب، وأن اللغة هذه المرة ستكون واضحة وصريحة، بشأن ترتيب الأوراق والأولويات وتصحيح المفاهيم.
وأضاف “حراكنا سيؤسس لمواطنة حقيقية وينهي صورة المواطن الجنوبي الهادئ والمسالم وربما الساذج، فمن غير المعقول أن يكون الجنوب الجزائري هو مصدر ثروة ومداخيل البلاد، وسكانه لا يستفيدون منها”.