كتب مقرصنة بشوارع المغرب تخدم القراء وتضر الناشرين
ظاهرة بيع كتب مقرصنة غير قانونية، تجتاح أرصفة شوارع عدد من المدن المغربية، تضر بأصحاب المكتبات والناشرين وتوفر مصدر رزق للكثير من الشباب.
الموزعون يحرصون على توفير العناوين الجديدة والمطلوبة
الرباط – تزايدت في الآونة الأخيرة بالمغرب ظاهرة بيع الكتب على أرصفة الشوارع في العاصمة الرباط والدار البيضاء كبرى مدن البلاد (غرب) وسائر المناطق الكبرى، لكنها ظاهرة تخدم القرّاء وتضر بالناشرين.
ولا يدور الحديث عن كتب قديمة بالية، وإنما كتب حديثة الطبع ومغلّفة بعناية وتقدم عناوين جذّابة، لكنها طبعت بطريقة مقرصنة غير قانونية، أما الثمن فيتراوح بين دولارين وخمسة دولارات على أقصى حد.
ويتجول بين مقاهي شارع محمد الخامس الرئيسي وسط الرباط؛ شاب يحمل على ذراعه العشرات من الكتب، يعرضها على رواد المقاهي بدولارين فقط.
وبحسب هذا الشاب، فإنه لا يعرف بالضبط مصدر تلك الكتب، لكنه يحصل عليها من موزّع لديه محلات بالمدينة وبمدن مجاورة، وهكذا يجول على المقاهي لبيعها.
عدة محافظات بالمغرب شهدت مؤخرا انتشارا مكثفا لظاهرة بيع كتب جديدة طبعت بطريقة غير قانونية على أرصفة الشوارع، ضمن شبكة توزيع مصغرة، مجهولة المصدر، تطبع الكتب وتوزعها على العشرات من الشباب الباحثين عن فرصة عمل، ملحقة أضرارا مادية جسيمة بالناشرين وأصحاب المكتبات
الموزعون الجدد
يبدو الأمر أشبه بشبكة توزيع مصغرة، إذ يتولى الموزّع طبع الكتب وتوزيعها على العشرات من الشباب الذين يحتلون الأرصفة أو يبيعونها بالتجوال بين المقاهي.
وقال كريم، أحد الباعة، “لا أدري مصدر الكتب، نحن فقط نكسب قوت يومنا منها”، مشيرا إلى أن الكتب الفرنسية هي المفضلة لدى رواد المقاهي، فيما يبيع الكتب العربية لـ“الفرّاشة” (من يفترشون الأرض) على الأرصفة.
ويواصل الشاب تنقله بين المقاهي طيلة اليوم، وينهي جولته فقط عندما ينتهي من بيع بضاعته، ويبلغ متوسط ما يبيعه يوميا نحو 15 كتابا.
ويعتبر كريم واحدا فقط من بين العشرات من الشبان ممن يؤدون نفس المهمة ويكسبون بها قوت يومهم، وكثير منهم لا يعرف مصدر طباعة الكتب التي يتداولونها لكنهم يعرفون جيدا أن جهات تجارية كثيرة تقوم بإنتاجها في الدار البيضاء والرباط وسلا وغيرها من المدن.
يصف هذه الظاهرة أحد المشرفين على مكتبة “الألفية الثالثة” بالرباط، بأنها “ثورة الكتب في الشارع”.
ويعمل هؤلاء الموزّعون بذكاء من يعرف سوق الكتب ويتابع العناوين الجديدة والمطلوبة، فيختارون آخر العناوين المطلوبة التي يقبل عليها القراء ويحرصون على توفيرها في الشارع.
فيما يمكن عبر الواجهة الزجاجية للمكتبات العمومية؛ معاينة كتاب المغربية ليلى السليماني، الفائز خلال السنة الماضية بجائزة “الغونكور” الفرنسية، بثمن 10 دولارات، والذي يمكن شراؤه من الرصيف بثمن لا يتعدى دولارين.
وأكد أحد المشرفين على مكتبة خدمة الكتاب بالرباط “الناس يشترون منهم بكثرة لأنهم أصبحوا منتشرين بطريقة غير مسبوقة، يتجولون بمحافظهم (حقائب تحمل البضائع) على المقاهي وفي القطارات والشوارع”.
وأضاف مفضلا عدم ذكر اسمه “من قبل كان عملهم بسيطا جدا، وكتبهم غير مقروءة ولا يمكن قراءتها بالعين نظرا لرداءتها، لكن مؤخرا أصبحوا محترفين أكثر، وطبعاتهم لا يمكن التفريق بينها تقريبا وبين الطبعة الأصلية”.
وأشار إلى أن هناك نسخا لكتب مطبوعة في مصر، شبيهة جدا بالكتب الأصلية وخاصة العناوين العربية، بدأت في الانتشار مؤخرا، حيث أن الكتاب الذي يجلبه صاحب المكتبة من مصر أو لبنان بثمن 140 درهما يوفّره الموزعون الجدد للناس على الشوارع بثمن 50 درهما.
وأفاد إسماعيل منقاري مدير مكتب حماية حقوق المؤلف بالمغرب (حكومي)، أن الظاهرة مستفحلة وتحال إلى مكتبه الكثير من ملفات التعدي على حقوق المؤلفين والقرصنة التي تعتبر في نظر القانون جريمة، مؤكدا أن الظاهرة “يجب أن تستأصل بقرار سياسي”.
وتابع “شعوبنا غير قارئة، ومن الحيف أن يكون العدد القليل للقراء تمس عبره حقوق المؤلف المغربي”.
وأشار إلى أنه في الدورة الأخيرة لمعرض الكتاب بالدار البيضاء “ارتفعت الأصوات لمحاربة الظاهرة من طرف لبنانيين ومصريين حضروا للتنديد بهذا العمل الذي يتم في الكثير من المطبعات غير المرخص لها”.
ومن المنتظر حسب المسؤول المغربي أن يتم عقد لقاء لتدارس الأمر مع كل من اتحاد الناشرين واتحاد كتاب المغرب، نهاية مارس الجاري.