تويتر ينهي البروتوكولات الشكلية: لا مؤتمرات صحافية مستقبلا

تغريدة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب على حسابه على تويتر أقال بها وزير خارجيته ريكس تيلرسون اعتبرت سابقة بروتوكولية لم يسبقه إليها أحد، وقسمت جحافل السياسيين والخبراء بشأنها.

ترامب غير طبيعة الاتصالات
لم تكن نصيحة مسؤولين أميركيين لتجمّع من نخبة السياسة الخارجية الأوروبية الشهر الماضي موفقة حين طالبوهم بألا يعيروا انتباها لتغريدات رئيسهم دونالد ترامب.
فقد أقال ترامب وزير خارجيته ريكس تيلرسون في تغريدة على حسابه على تويتر قال فيها “مايك بومبيو سيصبح وزير الخارجية الجديد… أشكر ريكس تيلرسون على خدمته”.
وبعد إقالته المفاجئة الثلاثاء، تصدر اسم تيلرسون قائمات الهاشتاغات الأكثر تداولا عربيا وعالميا.
وقالت صحيفة الواشنطن بوست الأميركية إن إقالة تيلرسون عبر تغريدة “مثلت إهانة للدبلوماسية الأميركية”. وأوضحت الصحيفة في افتتاحيتها أن تيلرسون كان وزيرا “ضعيفا”.
ومن جانبه أكد تيلرسون في مؤتمر صحافي أن الرئيس الأميركي اتصل به بعد ساعات من تغريدة على موقع تويتر أكدت الإقالة.
وناقش المستخدمون العرب الخبر في إطار الأزمة الخليجية.
وانقسم المغردون حول تأثير الإقالة على العالم العربي، فمنهم من رأى في تيلرسون “توازنا نسبيا” في تعامله مع الأزمات العربية، بينما اعتبر آخرون أن الخطوة جاءت نتيجة “أخطائه” السياسية في المنطقة.
وفي عهد إدارات أميركية سابقة كان “الشكل البروتوكولي” يقتضي أن يدعو البيت الأبيض إلى مؤتمر صحافي للرئيس ليطلع الأميركيين على موقف أو تعيين مسؤول أو إقالته من منصبه، لكن يبدو أن الأميركيين قد انتخبوا فعلا رئيسا مختلفا، فالرجل لم يعد يملك ترف “الشكل والبروتوكول”، إذ أخذ يُسارع نحو إقالة مسؤولين كبار في إدارته من مناصبهم عبر تغريدة على تويتر، فحسابه الموثق على هذا التطبيق يتابعه نحو 49 مليون شخص حول العالم.
وقد أقال ترامب منذ بدء ولايته الرئاسية في العاشر من شهر يناير من العام الماضي مسؤولين عدة علموا بأمر إقالتهم من حسابه على تويتر.

وأصبح حساب ترامب على تويتر المصدر الإخباري الأول للصحف ووسائل الإعلام في الولايات المتحدة، وهو ما ألغى دور وعمل المكتب الصحافي في البيت الأبيض، فالكثير من المواقف السياسية يعلنها ترامب عبر حسابه على تويتر، علما أن تقديرات أميركية تشير إلى أن نحو 10 بالمئة من الأميركيين على تويتر يتابعونه فقط.
ووصفت أوساط أميركية ترامب بـ”الفظ” الذي لا يحترم مسؤولين عملوا في إدارته، إذ أقال عدة مسؤولين ومستشارين بـ”طريقة مهينة”، لكن ترامب مستمر في طريقته، دون أن يلقي بالا للانتقادات التي توجه إليه في هذا الإطار، وسط توقعات بأن تثير هذه الطريقة المزيد من الغضب والانتقادات ضد إدارة ترامب التي تساقطت منها “أحجار كبيرة” في غضون أشهر قليلة.
وقالت صحيفة الواشنطن بوست قبل شهر “قدَّم أعضاء بالكونغرس الأميركي، من جمهوريين وديمقراطيين، وكبار مسؤولي الأمن القومي في إدارة ترامب النصيحة نفسها سرا وعلانية، وتصادموا في الكثير من الأحيان مع تغريدات ترامب”.
وكان التصميم على تجاهل تغريدات ترامب حول السياسة الخارجية أمرا مشتركا بين كلا الحزبين، فقد قالت السيناتور جين شاهين، الديمقراطية عن ولاية نيوهامشير، أمام جمهور يتألف في معظمه من نخبة السياسة الخارجية الأوروبية، يوم 18 فبراير، “هناك المزيد من الدعم لمواصلة سياساتنا الماضية أكثر مما قد يبدو من بعض التصريحات. وهذا الإجماع يأتي من أولئك الذين يضعون السياسة موضع التنفيذ فعلا”.
وقال النائب مايكل تيرنر، الجمهوري عن ولاية أوهايو “القيم هي نفسها، والعلاقات هي نفسها. ما ترونه بالفعل هو أنَّ هذه الإدارة مستعدة للضغط على الأنظمة”.

وبالمقابل، تسبَّب السؤال حول مَن يجب على المسؤولين الأوروبيين تصديقه، الرئيس أم مستشاريه، في إرباكهم.

واعترف وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل أنَّه لا يعرف أين ينظر كي يفهم أميركا. وتساءل “إلى الأفعال؟ أم التصريحات؟ أم التغريدات؟”. وقال إنَّه ليس متأكدا إن كان يمكنه التعرُّف على الولايات المتحدة.
وبعيدا عن الكاميرات التلفزيونية، ردَّد الكثير من الدبلوماسيين وصانعي السياسة الأوروبيين نفس المخاوف.
ونقلت صحيفة الواشنطن بوست عن دبلوماسي، رفض الكشف عن هُويته لتجنُّب إثارة ترامب، سؤاله حول ما إذا كان صانعو السياسة، الذين يلتزمون بشكل كبير بمواقف السياسة الخارجية الأميركية التقليدية يسقطون في نفس الفخ الذي سقطت فيه النخبة الألمانية إبَّان صعود هتلر، حين واصلوا العمل في حكومته تحت مُسمَّى حماية أمتهم.
وقال الدبلوماسي إنَّ الإجابة ربما يُعثَر عليها بعد “حرب نووية”.
ومن جانبه، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مقابلة مع قناة “أن.بي.سي” الأميركية هذا الشهر ردا على سؤال عما إذا كان قد قرأ مقالات ترامب على تويتر “لا”، وأكد أيضا أن لديه صفحات في هذه الشبكة، لأن لديه “طرقا أخرى للتعبير عن وجهة نظره وتنفيذ الحلول”، فيما اعتبر الكرملين تغريدات ترامب بيانات رسمية.
ويقول جورج لاكوف البروفيسور في جامعة كاليفورنيا إن “ترامب حاول من خلال تويتر السيطرة على دورة الأخبار، ونجح في ذلك. ولم تكن تغريداته عشوائية، بل تكتيكية”.
ومن جانبه، يعتبر ريتشارد بيرلوف بروفيسور الاتصالات والعلوم السياسية في جامعة كليفلاند، أنه “ما من شك في أن ترامب غيّر طبيعة الاتصالات وكان فعالا في الوصول إلى أنصاره، وجاءت الفعالية بشكل خاص من حقيقة أن الإعلام يكتب عن تغريداته”.
ولا يخفي الرئيس الأميركي امتنانه الكبير للموقع الاجتماعي، قائلا إنه ربما لم يكن ليصل إلى البيت الأبيض لولاه. وقال ترامب إن بإمكانه تجاوز ما يراه تغطية إعلامية غير عادلة من خلال التحدث بشكل مباشر.
ووصف حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي بأنها “منصة هائلة”.
وسبق لمايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي الجديد أن أكد حين كان مديرا لوكالة المخابرات المركزية ردا على سؤال خلال حلقة نقاش في منتدى ريغان الوطني للدفاع، في كاليفورنيا، ديسمبر الماضي حول ما إذا كان حساب ترامب على تويتر يشكل عائقا أمام عمل وكالة الاستخبارات المركزية، إن الوكالة قد جمعت معلومات استخباراتية مهمة من خلال مراقبة تفاعل خصوم الولايات المتحدة حول تغريدات الرئيس.
وأضاف “إنها تساعدنا فعلا، لقد رأيت أن الأشياء التي وضعها الرئيس على حسابه على تويتر لها تأثير في الواقع على قدرتنا على فهم ما يجري في أماكن أخرى في العالم، إذ استجاب خصومنا لتلك التغريدات بطرق كانت مفيدة لنا لفهم قضايا القيادة والسيطرة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: