أنت يهودي مغربي أم إسرائيلي؟! فضاء جبان لا يحب دينه إنما يخافه!

العربي مشكلة، لأن العروبة جين مرضي، يعزز عقدة النقص لديه، فيسعى للتخلص منها، إما بجنسية غربية، أو بديانة مُدللة في العالم الحر، هذا إن لم يعمل على تشويهها، إما بالتطرف أو بالتخلي والتنصل من الانتماء إليها، وكلها أوجه مشوهة، لم ينجح الفضاء العربي بتسليط الضوء عليها كما يجب، لأنه مبسوط بها، وليس من مصلحته أن يكشف وجهه المنافق أمام عيوبها!
العروبة بهذا المفهوم ضحية، وهي أيضا جريمة، لأنها ظلمت أبناءها وخذلتهم، ولكن، شو العروبة؟ أليست هي العرب؟ أم أنه ينطبق عليها ما ينطبق على الإسلام، فالمسلمون لا يمثلون دينهم، ودينهم لا يعبر عما يمثلونه!
طيب، ما هو أساس التعارف بين الشعوب؟ أليست الأعراق؟ ثم تأتي الديانات والأفكار والعادات من بعد! فقد يولد الإنسان مسلما أو يهوديا أو مسيحيا، ولكنه يستطيع أن يغير دينه أو يتحول إلى ملحد مثلا، لكن حين يولد المرء عربيا، هل يستطيع أن يتنكر لعرقه؟ أو يغيره؟
الرمز العرقي في علم الوراثة لا يتغير، قد تتغير الانتماءات وتتعدد الجنسيات ولكن الأصول تبقى كما هي، وفي فضائيات «باي باي عرب»، و»الذي منو»، تتضح صورة الانسلاخ البطيء والخروج المنظم من الجلد، رويدا رويدا، حتى يتدبلج العربي لهيكل ممسوخ، أو لقيط يتوسل أعراقا مستعارة، أو يستوردها، أو يقلدها، أو حتى يشتريها، ولكنه لن يكونها ولن تكونه!

للمغاربة فقط!

«الفلك ما هو مسمر» أيها المغربي، وقوة الكيان الصهيوني أكثر هشاشة من نسل العنكبوت الذي يأكل بعضه بعضا، وإن أردت أن تحدد انتماءك كيهودي، فلست بحاجة لدولة دينية، بقدر ما تحتاج لكتاب مقدس، وعقل نيّر، وضمير حي، وفضاء حر، يبرهن لك أن الكيانات الزائفة، في سياقها التوثيقي، تستند إلى إعادة تدوير الأكذوبة، لتصبح حقيقة جديدة.
على الموقع الالكتروني لقناة «اليوم 24»، عرض لإحياء طقوس حج الهيلولة عند الطائفة اليهودية الكريمة في المغرب، تخللته مجموعة لقاءات مع يهود مغاربة قدموا من اسرائيل، خصيصا لهذا الغرض، وتحدثوا بحنين مؤثر عن بلادهم الأصلية وبلاد أجدادهم «المغرب»، ولم يجدوا من يسألهم، لماذا إذن هم في دولة الاحتلال الآن؟ فإن كان هناك اختلاف بين الجذور الأيديولوجية والإثنية، فهذا يعني أن الإنسان ينتمي لدولته العرقية لا الدينية، فالكيان الديني لا يمكن أن يتحول إلى دولة، إنما يظل طائفة، مهما بلغ عمق ارتباطه بمقدساته المكانية، الذي لا يتعدى طابع الحج!
الخطاب اليهودي المتدين، ينقض الخطاب الصهيوني، وتجد تفصيله في عرض الحاخام «ياكوف شابيرو» في حلقة مصورة على اليوتيوب، بعد قرار ترامب بمنح القدس عاصمة أبدية لليهود، بما اعتبره قرارا سياسيا لا علاقة له بالاختصاص الديني، مؤكدا أن اليهود كطائفة لا عاصمة لهم، ولا دولة، ولا تتعدى علاقتهم بالقدس أكثر من كونها مكانا مقدسا، مهما كان حكمها: عربيا، أو عثمانيا أو رومانيا أو إنكليزيا، مصرا أن كل هذه اللعبة ما هي إلا بزنس صهيوني، سخر الدعاية الإعلامية والتاريخية لترسيخه، وإنجاحه، إلى الدرجة التي دفعت نتنياهو إلى تزييف حقيقة المسيح أمام البابا، حين قال وبكل جرأة: المسيح كان عبرانيا!
كلمات هذا الحاخام أتت في ظرف إعلامي حرج، على طريقة المثل «كيجيبو الغيس فالصمايم»، لأنه اعترف بإلحاد رؤساء وزراء اسرائيل من بن غورين وحتى نتنياهو، وأنهم لا يلتزمون بتعاليم التوراة، بل ولا يهتمون بكل ما ورد فيها، كل ما يهمهم هو الأرض، وهذه لم تذكر أبدا في التوراة، بل اختطفت من الفكر البروتستانتي، وهو ما يضعك وجها لوجه أمام عصبة تواطأت، على رأسها التواطؤ الدعائي في المغرب بين بعض أبناء هذه الطائفة، لأننا لا بد أن نستثني من يرفضون إلى الآن الرضوخ لعمليات التنويم الفضائي التي تمارسها دولة الاحتلال على الضمائر المنافقة والعقول المخدرة والإرادات المشلولة، والنوايا المدمرة، في قنوات «تهوس أكثر ما تونس»!

علاقة محرمة وراء الكواليس

البشير بن بركة كشف لـ«الجزيرة» الوثائقية عن اللعبة الإستخباراتية التي راح ضحيتها الوعي الإعلامي، حيث نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» مقالا عام 1994 يكشف تورط الموساد في قتل أبيه، قبل أن تتم مصادرتها ولا يصله منها سوى تسريبات، حين قامت الـ«نيويورك تايمز» بترجمتها وإعادة نشرها، فما كان من الجهات الأمنية سوى إلقاء القبض على مدير الأخبار وكاتب المقالة وإحالتهم لمحاكمة عسكرية مغلقة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قامت الحكومة المغربية بدعم عدد من الإنتاجات السينمائية والوثائقية الفرنسية والمغربية منها، لمنح الجريمة لأوفقير والدليمي، علما بأن الصحافي الاسرائيلي «رونين بيرغمان» نشر كتابا عن عمليات الاغتيال السرية للموساد.

قُرعة فضائية

الديانة اليهودية عمرها يصل لثلاثة آلاف عام أو أكثر، حسب «شابيرو»، بينما أنشئت دولة الاحتلال عام 1948، في حفلة اقتراع في المؤتمر الصهيوني الأول، ورغم محاولات العديد من الحاخامات ورجال الدين اليهودي، والأكاديميين، والباحثين التاريخيين، لكشف الحقيقة، بأشرطة توضيحية يتم تداولها على كل مواقع التواصل المتاحة، والتي تحظى بمشاهدات تفوق مشاهدة الأخبار والبرامج التوثيقية في الفضائيات، فإن المشاهد يصر، على الانحياز للدعاية الصهيونية، ولأن هذه المقالة موجهة تحديدا لليهودي المغربي، الذي يعترف باسرائيل كدولة يهودية، فإنني أسأله عن سبب هذا التواطؤ؟ بما أن رجالات ديانته ينقضون هذه الذريعة، ويطالبون بمحاكمة من اختلقوها،وبمخالفتهم لشرائع الديانة اليهودية وتزييفهم لها؟
ألا تشبه حال اليهودي المغربي، حال بعض العرب المسلمين، الذين يتعاطون الفتاوى بالقرعة الفضائية، بحيث يعتمدون الأكثر رواجا منها،أو تداولا، بما أن الدعاية الرقمية لها سطوة تفوق أثر الحقيقة، وقدسيتها!
نحن إذن نخاف من الدعاية، أكثر مما نحب أدياننا، ونرتبط بها، بل إننا نخالف تعاليم كتبنا السماوية، ونعمل بمنطق سياسي يناقض شريعتنا، لأن الكفة الراجحة لا تميل لصالح تأملاتنا الدينية، بقدر ما هي في طرف السوق الإعلامية التي تعيد تصنيعها في غرف السياسة، ثم تقدمها كمادة مقدسة للمشاهد، الذي لا يجرؤ على ردها!
إنه إذن تواطؤ علني، بوعي أو دون وعي، يثبت ما قلته في مستهل هذه المقالة أيها المشاهد، أن العربي مريض عرقيا، يريد أن يتفاعل جديا مع لعبة الانتماء هذه، ليتخلص من لوثة الجذور، مستعينا على هذه الحيل الدعائية بما أوتي من أقنعة وقبعات إفرنجية وكيباهات اسرائيلية، وبراقع فضائية مستعارة، تقيه النظر في مرآته، لأن وجهه الحقيقي عاره، فهل هناك أمة في الأرض غيرنا، لا تستحي من ربها مثلنا، والمصيبة أننا نغتبط حين تستغل الأمم كرهنا لذاتنا، لتحاربنا بنا، فنتحول طوعيا من «مزاعيط وطنيين» إلى مساخيط دعائيين

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: