مباحثات لا مفاوضات حتى تكتمل شروط الحل بالصحراء المغربية
ليجلس البوليساريو والمغرب لحل مشكلة الصحراء فلا بد من تواجد الجزائر على طاولة المفاوضات المحتملة، وهذا لن يتأتى مادامت هذه الأخيرة تضع الحجر في طريق كل من يبحث عن التوصل إلى حل واقعي.
الصحراء مغربية رغم كل محاولات إنكار ذلك
هناك عبارة جاءت في تصريحات وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة، أدرجها في تعليقه عما دار في لقائه والوفد المرافق له مع مبعوث الأمين العام هورست كولر بلشبونة الثلاثاء 6 مارس، وهي كلفة اللامغرب عربي وأسباب توقف البناء المغاربي، فربط المملكة المغربية بين أسباب جمود معاهدة مراكش المؤسسة للاتحاد المغاربي وملف الصحراء ليس اعتباطيا، إذ أن الاتحاد كان يمكن أن يكون فرصة مواتية لإيجاد أرضية مشتركة للحل لولا نقض العهد وإدخال الاتحاد غرفة الإنعاش من طرف حكام قصر المرادية أساسا.
وما دعوة الأخضر الإبراهيمي، الدبلوماسي الجزائري، الخميس 8 مارس، في حفل توقيع الوزير الأول الأسبق عبدالرحمن اليوسفي مذكراته، المغرب والجزائر، إلى تجاوز الخلافات السياسية وتطوير العلاقات من أجل تحقيق حلم بناء اتحاد المغرب العربي، إلا نوع من الدبلوماسية المشمولة بآمال طوباوية بعيدة المنال في الوقت الراهن لاعتبارات سياسية تتعلق بالدعم القوي لبلاده لجبهة الانفصال منذ زمن طويل ولن تغير كلمات الإبراهيمي من الواقع شيئا.
سجّل القائم بأعمال المغرب بجنيف حسن بوكيلي، في إطار الدورة الـ37 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أن الجزائر تبقى البلد الوحيد في المغرب العربي الذي يستمر في إغلاق حدوده أمام زيارات المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان، وفي منع المناضلين الجزائريين من القدوم إلى مجلس حقوق الإنسان بجنيف، مشددا أمام المندوب السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين، على أن الوفد المغربي يستنكر عداء الجزائر للمغرب وصحرائه والذي حولته إلى عقيدة.
اللقاء مع كولر، كما أكد ناصر بوريطة، هو مباحثات وليس عملية أو جولة مفاوضات مع الموفد الأممي حول الحل في الصحراء المغربية، والواقعية السياسية تقول إنه ليجلس البوليساريو والمغرب لحل مشكلة الصحراء فلا بد من تواجد الجزائر على طاولة المفاوضات المحتملة، وهذا لن يتأتى مادمت هذه الأخيرة تضع الحجر في طريق كل من يبحث عن التوصل إلى حل واقعي دون إخلال بسيادة المغرب على أرضه ومياهه وأجوائه.
لا يجب الكيل بمكاييل مزدوجة حسب الظرف والمناسبة والمصلحة، فجهات الأقاليم الجنوبية أجريت فيها كمثيلاتها في مجموع تراب المملكة انتخابات جماعية وتشريعية بين عامي 2015 و2016، وبالتالي فالإشادة الدولية بنزاهة ومصداقية تلك الانتخابات تستوجب الإقرار بما أفرزته من نخبة مختارة من أهالي الصحراء يقررون تدبير شؤونهم المحلية والمساهمة في تنميتها والدفاع عن مصالحها أمام كل مخططات الخصوم، وفصل تلك المناطق وأهلها عن مؤسسات بلادهم.
تواجد ينجا الخطاط، رئيس جهة الداخلة وادي الذهب، العائد من مخيمات البوليساريو سنة 1992 إلى جانب حمدي ولد الرشيد، رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، من الأقاليم الجنوبية ضمن الوفد المغربي الرسمي الذي دشن مباحثات لشبونة مع هورست كولر، هو بمثابة استدراك من الحكومة والمسؤولين عن الملف ورد غير مباشر على حكم المحكمة الأوروبية القاضي باستثناء الصحراء من اتفاقية الصيد البحري، وهو تذكير أيضا بأن النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية تم إشراك أبناء الصحراء في بلورته، كما قال الخطاط.
وحتى لا يكون هناك اختلال في التوازن في العلاقات بين المغرب ومحيطه الإقليمي والدولي فقد جددت الحكومة المغربية التأكيد على أن لا حل لقضية الصحراء خارج السيادة الوطنية. بمعنى أن هناك تطورات تتعلق بمسار هذا الملف تريد أطراف منها الاتحاد الأوروبي أو الاتحاد الأفريقي، التأثير على مجرياته سلبا من خلال وضع عدة عقبات في وجه الحل الأمثل والضغط على المملكة للتنازل على جزء من سيادتها على التراب والمياه الإقليمية بالجنوب المغربي.
يستفيد أهالي الأقاليم الجنوبية من كل خيرات بلادهم. وتعمل الدولة جاهدة لتنمية تلك المناطق منذ عقود طويلة من أموال الخزينة العامة، وليس كما تريد تصويره محكمة العدل الأوروبية على أن المركز يستفيد من موارد الصيد البحري دون سكان السواحل الصحراوية، وهذا كيد تريد به هذه الجهة الممثلة لطيف كبير من أصحاب القرار الأوروبي تثبيت قاعدة قانونية يمكن الارتكاز عليها في المستقبل القريب لسحب البساط السيادي المغربي على أقاليمه الجنوبية.
بالطبع بوليساريو، وداعيمها، هللوا لقرار المحكمة الأوروبية لأنه يخدم مساعيهم. لكن، جاء الرد المغربي من لشبونة عندما أكد الوفد المغربي المكون من ممثلي الجهة الجنوبية إلى جانب الجهاز الدبلوماسي الرسمي المغربي على طاولة المحادثات مع كولر، على أنه لا حل لهذا الصراع المفتعل دون اعتراف الجزائر بدورها في استمرار الأزمة وجلوسها إلى طاولة الحوار لإنهاء هذه الأزمة.
رسالة المغرب من لشبونة أن الساحل والأرض الصحراوية يجب أن تخرج من سياقات الصراع الدولي في المنطقة بسبب النفوذ الاقتصادي والموارد الأولية.
فشلت العديد من المحاولات الدولية في تقويض مصالح المغرب وسيادته، وراهنت على تلاعب لوبي ناشط داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي بقواعد القانون الدولي للتمييز بين أقاليم المغرب وبالتالي الطعن في سيادته على أقاليمه الصحراوية وعرقلة مساره في ترسيم حدوده المائية. هذه الأقاليم المشمولة بمشاريع اقتصادية واجتماعية وتنموية تقع بالضرورة القانونية والتاريخية في نطاق سيادي لدولة المغرب بنظامها ومؤسساتها السياسية والإدارية والاقتصادية.
إذن شرط الحل بالصحراء هو كف الجزائر ومن يدعمها عن عرقلة مسيرة تنموية بالمناطق الجنوبية المغربية بكافة الطرق وبدعمها كل من يريد أن يكون له قدم راسخة في استنزاف موارد المنطقة وثرواتها.