خطة مغربية طموحة لإنعاش قطاع العقارات
تسارعت إجراءات الحكومة المغربية لوضع استراتيجية جديدة لقطاع العقارات على مدى 5 سنوات لتلبية الطلب المتزايد على الإسكان. ويقول خبراء إن الحكومة تتسلح بعاملي النمو المستقر ومتانة الاقتصاد لتنفيذ خطط التطوير العقاري الطموحة رغم بعض التحديات.
ممر الخروج من أزمة الإسكان
تعهدت الحكومة المغربية بتقليص العجز في الوحدات السكنية في السنوات الخمس المقبلة عبر استراتيجية ترتكز على تطوير قطاع العقارات بالشراكة مع القطاعين العام والخاص.
وتطمح الحكومة إلى تشييد 200 ألف وحدة سكنية بحلول 2023 من خلال تشجيع السكن الاجتماعي الموجّه للإيجار وتطوير آليات جديدة لتمويل السكن، وتوفير تمويلات مدعمة للأسر الفقيرة، التي ترغب في الحصول على سكن اجتماعي.
واعترف رئيس الحكومة سعدالدين العثماني في وقت سابق بأن الدولة مازالت تعاني من مشكلة في الإسكان بشكل عام، كما توجد عراقيل أمام تطوير العقاري التضامني في البلاد.
وقال العثماني إن “الحكومة تعمل مع مختلف الفاعلين الاقتصاديين من أجل ضمان سكن لائق لكل المواطنين وفي كل جهات البلاد”، مؤكدا أن السلطات تعكف على تطوير التشريعات والأنظمة لتسهيل تنفيذ الاستثمارات أمام شركات التطوير العقاري.
وتوقّعت مجموعة “أكسفورد بيزنيس” في تقرير تحت عنوان “المغرب 2018”، أن تلعب خطط تطوير العقارات في المغرب على المدى الطويل دورا محوريا في دفع نشاط قطاع البناء والتشييد.
واعتبرت المجموعة أن العجز كان مع نهاية 2016 حوالي 400 ألف وحدة سكنية، ما يعني أن البلاد في حاجة إلى ما بين 120 و140 ألف وحدة سكنية سنويا لتغطية النقص.
وأكد بدر الكانوني، رئيس الإدارة الجماعية لمجموعة العمران، الجهة الحكومية التي تعمل في مجال التهيئة الحضرية والإسكان، في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي إن “المجموعة ستواصل خلال العام الجاري عمليات التطوير وفق الخطط المرسومة”.
وأشار إلى أن المجموعة ستبدأ في تشييد 22 ألف وحدة سكنية مع إتمام بناء 24 ألف وحدة سكنية أخرى باستثمارات تقدر بنحو 5.7 مليارات درهم (620 مليون دولار).
وأنجزت المجموعة خلال العقد الأخير، 465 ألف وحدة جديدة وما يناهز عن 1.12 مليون وحدة في إطار التأهيل الحضري، إلى جانب استصدار 410 آلاف رسم عقاري، باستثمارات تقدر بنحو 7.9 مليارات دولار.
ويعد القطاع العقاري من القطاعات الاستراتيجية التي تعول عليه الدولة كثيرا حيث يساهم بحوالي 6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للمغرب، كما أنه يوفر قرابة مليون فرصة عمل.
واعتبر عبدالعزيز الرماني الخبير الاقتصادي، أن القطاع عانى لأكثر من خمس سنوات من أزمات جمود وانكماش، لأسباب منها تأثره بالأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008، وتراجع تحويلات المهاجرين المغاربة بالخارج الذين تأثّروا بالأزمة.
ويرى الرماني، أن العرض لا يكفي لهذا التجأت الدولة للبناء الاقتصادي، لكن الأزمة شملت مختلف أنواع العقارات بسبب ارتفاع الأسعار والمضاربات والاحتكار، وبالتالي فإن القدرة الشرائية لشريحة واسعة من المواطنين لا تخوّل لهم شراء منازل.
وأوضح عبدالأحد الفاسي الفهري وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، أن الحكومة تشجع كافة المبادرات في قطاع الإسكان وهي مستعدة لمتابعة كل المشروعات التي ينجزها القطاع الخاص خلال مختلف مراحل الإنجاز. وانكمش قطاع العقارات بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء وشح السيولة النقدية بالنسبة للمستثمرين، إلى جانب التعقيدات والبيروقراطية في إسناد القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة.
ومن الواضح أن هذه الأسباب ليست وحدها من تسبب في ركود القطاع، بل إن المضاربات في السوق كانت وراء تراجع عمليات التطوير، بحسب الفهري، الذي أشار إلى أن أكثر من 2300 شركة أعلنت إفلاسها بسبب تلك المشكلات.
ولإنعاش القطاع، ستقوم السلطات بإعفاء المتأخرين في سداد الضرائب من الغرامات والزيادات المترتبة على التأخير بشكل كلي أو جزئي، لكن مشكلة المطوّرين العقاريين مازالت تتمثّل في تشدّد البنوك في منح التمويل لهم.
وتخطط الحكومة في برنامج دعم الطبقات الفقيرة والمتوسطة لبناء 800 ألف وحدة سكنية بحلول عام 2021 للحد من المساكن غير اللائقة باستثمارات تقدّر بنحو 330 مليون دولار.
ويؤكد محللو “اكسفورد بزنس”، أن برنامج “المدن دون أحياء فقيرة” في المغرب يعد من المشاريع الرئيسية للقضاء على ظاهرة السكن العشوائي في المدن.
وأظهرت وثيقة مشتركة بين بنك المغرب المركزي والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية حول وضعية السوق بأن أسعار العقارات تراجعت في الربع الأخير من العام الماضي.
وأشارت الوثيقة إلى أن أسعار العقارات السكنية تراجع بنحو 1.7 بالمئة في انخفضت أسعار الأراضي بنحو 1.2 بالمئة بمقارنة مع الربع الثالث من العام ذاته.
ولوحظ بين شهري يونيو 2017 ويناير الماضي ارتفاع الطلب على العقارات المعدّة لاستقبال مقرّات الشركات الأجنبية، وفق المصالح الاقتصادية لولاية جهة الدار البيضاء سطات