تسجيلات مصورة عبر الإنترنت ترفع صوت المغربيات
سلسلة “مرّوكيات” للتسجيلات المصورة القصيرة عبر الإنترنت تمنح منصة للنساء المغربيات للتعبير من دون مواربة وبوجه مكشوف عن آرائهن في قضايا شائكة.
رغبة في كسر الأفكار النمطية المتوارثة
تقول زهرة، وهي بائعة أربعينية في أحد شوارع الدار البيضاء، بنبرة ساخرة منذ الحلقة الأولى من سلسلة “مرّوكيات” للتسجيلات المصورة القصيرة عبر الإنترنت، “لا حب مع المغربي” مضيفة “في المغرب الحب هو البزنس (التجارة)”.
وقد شوهدت حلقات هذه السلسلة المنشورة عبر صفحة “جاوجاب” المغربية على موقع فيسبوك منذ نهاية نوفمبر الماضي أكثر من ستة مليارات مرة مع 2.5 مليون تفاعل.
وتوضح الكاتبة والمخرجة صونيا تراب البالغة من العمر 33 عاما وهي صاحبة فكرة “مرّوكيات” أي “مغربيات” باللهجة المحلية “أردت تصوير نساء في الشارع، هذا الشارع المناوئ والمعادي لهن، كي يتمكنّ خلال هذه الوقفة التعبيرية من القول: أنا هنا، أنا، أنا موجودة، ويمتلكن هذه المساحة”.
وفي هذه السلسلة من اثني عشر تسجيلا مصورا، تروي اثنتي عشرة امرأة بسيطة وعادية من أعمار مختلفة صُوّرن من زاوية عريضة خلال وجودهن في الشارع قصصا من حياتهن في دقيقة واحدة. وتقول صونيا تراب إن السلسلة “تعكس صورة عن المجتمع وحياة النساء على الطريقة المغربية”.
الأرقام المتوافرة في هذا الإطار مقلقة، إذ أن أكثر من نصف الرجال المغاربة أقروا بأنهم تحرشوا جنسيا بامرأة في الأماكن العامة. كما أن أكثر من 60 في المئة من النساء قلن إنهن تعرضن لمثل هذه الانتهاكات، على ما أظهرت دراسة حديثة نشرت نتائجها هيئة الأمم المتحدة للمرأة بفرعها المغربي. غير أن هذه الدراسة خلصت إلى أن عدد النساء اللواتي يحمّلن الضحية المسؤولية عن هذه الحوادث بسبب مظهرها أكبر من نظرائهن الرجال.
وتوضح خديجة (21 عاما) في إحدى حلقات سلسلة “مرّوكيات” أنها بدأت بارتداء الحجاب منذ بضع سنوات غير أن هذا الأمر لم يحمها من محاولات الرجال للتحرش بها، بل عرّضها أكثر لنظرات “المجتمع الذكوري”.
فتيات كثيرات تطوعن بشكل عفوي للتعبير وتنفيس الطاقة الموجودة لديهن والتحدث ببساطة عن حياتهن
وهي تقول “أدركت أني أعيش في مجتمع سواء خرجت فيه المرأة عارية أو بملابسها أو بالنقاب” فإن الرجل سينظر إليها دائما على أنها سلعة. وتقول ندى في تسجيل مصور آخر “على الفتاة اتباع المعايير واللباس بحسب مبادئ الرجال كي لا تثير شهوتهم، هذا هراء”، مضيفة “نحن كفتيات نشعر كأننا نصف إنسان، وهذا أمر مزعج”.
أما سليمة البالغة من العمر 25 عاما وهي رئيسة قسم في مجموعة للتجارة الإلكترونية فقد اختارت التحدث عن التحرشات اللفظية التي تتعرض لها بسبب وشمها الذي “يُنظر إليه في الشارع على أنه دليل تمرد كبير”.وتوضح هذه الشابة التي لا تحب وصفها بأنها “ناشطة نسوية” لأنها امرأة لا تحب التصنيفات “كنت أرغب في مشاركة تجربتي اليومية”.
وقد شوهدت شهادتها المصورة أكثر من 340 ألف مرة، وأكثر ما فاجأها هو “قراءة التعليقات الإيجابية”. وقد منحتها هذه التجربة قوة وشجاعة إذ تقول “في السابق كنت أسلم بأنه ليس في مقدوري تغيير الأمور”.
وتقول فاطمة بن شركي (33 عاما) وهي مديرة صفحة “جاوجاب” المنتجة لمشروع “مرّوكيات”، “تواجه الفتيات عند تحدثهن من دون أي مواربة عبر الإنترنت، ردود فعل عنيفة جدا في العموم”.
وتدعم “جاوجاب” التابعة لشركة إنتاج محلية مبتكري المضامين الإلكترونية المحليين من خلال مدهم بموارد للإنتاج. وتبث صفحة فيسبوك التابعة للشركة البرامج وتثير أفكارا للنقاش وتوفر مضامين لمنتجاتها الرقمية ما يسمح بإيجاد توازن في النفقات.
وتلفت رئيسة “جاوجاب” إلى أن الصفحة تلقت بعد البدء بنشر هذه الحلقات “سيلا من التعليقات ورسائل الدعم والحب والشهادات إذ أن فتيات كثيرات تطوعن بشكل عفوي للتعبير وتنفيس الطاقة الموجودة لديهن والتحدث ببساطة عن حياتهن”.
وتؤكد أن “هذا الأمر يكسر الأفكار النمطية المتوارثة”، مذكّرة بأن “المغرب بلد منفتح ظاهريا تشكل الرقابة الذاتية فيه مشكلة فعلية”. وتسهم وسائل التواصل الاجتماعي في تغيير المعادلات، وتقول صونيا تراب “رأينا ذلك بوضوح مع ظاهرة #أنا أيضا حول العالم، إذ تحكي عن ثورة نسوية ثالثة”.
وتبدي المخرجة قناعة بأن “حرية التعبير آخذة في الاتساع في المغرب، إذ ثمة رغبة حقيقية لدى الشابات في التحرر، وبات رفع الصوت في الشارع والفضاء الافتراضي أقل إزعاجا لهن”.