المغرب يشترط التفاوض مع الجزائر بدل البوليساريو بشأن الصحراء
وزير الخارجية المغربي يؤكد أن الأمم المتحدة الجهة الوحيدة المخول لها الإشراف على النزاع، ومراقبون يستبعدون استئناف المفاوضات على المدى القريب.
بانتظار تسوية لن تأتي قريبا
يرفض المغرب إضاعة الوقت في مفاوضات مع جبهة البوليساريو التي لا تملك القرار وتعتبر أداة في يد الجزائر الفاعل الحقيقي في النزاع حول قضية الصحراء المغربية.
وهو ما دفع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى التأكيد خلال لقائه بالمبعوث الأممي إلى الصحراء هورست كولر في العاصمة البرتغالية لشبونة، على ضرورة حضور الجزائر في أي مفاوضات يمكن إجراؤها بشأن الصحراء باعتبارها داعما أساسيا للبوليساريو.
وأشار إلى أن الوفد المغربي عقد “لقاء ثنائيا” مع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية.
وشدد على أن “الأمر لا يتعلق بمفاوضات بل باتصال لمناقشة تطور ملف الصحراء المغربية”. لافتا إلى أن “المناقشات مكنت الوفد المغربي من التذكير بنشأة هذا النزاع الإقليمي والاعتبارات السياسية والقانونية والجيو استراتيجية التي أدت إلى نشأته خلال سنوات السبعينات”.
مثل اللقاء الذي جمع المبعوث الأممي إلى الصحراء المغربية هورست كولر بالوفد المغربي برئاسة وزير الخارجية ناصر بوريطة في العاصمة البرتغالية لشبونة فرصة لعرض المغرب لشروطه قبل استئناف المفاوضات
ويرى صبري الحو، الخبير في القانون الدولي والهجرة وقضية الصحراء، أن الوفد المغربي أراد من خلال هذه المباحثات تنبيه كولر، إلى الغاية من المفاوضات ومدى قدرتها على التوصل إلى حل يلقى رضاء وقبول واتفاق الطرفين.
وأضاف ، المفاوضات ليست غاية في حد ذاتها، ولا تنصب على تنازل طرف من الأطراف على حقوقه”. وضم الوفد المغربي الذي يقوده بوريطة، عمر هلال الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، وسيدي حمدي ولد الرشيد رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، وينجا الخطاط رئيس جهة الداخلة وادي الذهب.
وأكد صبري الحو أن المغرب اعتمد خطوة جديدة من خلال ضمان حضور صحراويي الداخل في المفاوضات لتقزيم البوليساريو ووضعها في حجمها.
وسبق لهورست كولر عقد لقاءات على انفراد مع كل من البوليساريو في 25 و26 يناير وموريتانيا في 8 يناير، والجزائر في 15 فبراير.
وأثار ناصر بوريطة في اللقاء الجهود التي يبذلها المغرب في صحرائه، خصوصا بعد تفعيل النموذج التنموي الجهوي في الأقاليم الجنوبية، بالإضافة إلى عرض تفاصيل مبادرة الحكم الذاتي بشكل مفصل، والتي تقرها المملكة كأرقى حل لإنهاء النزاع.
وأوضح أن المغرب جاء إلى الاجتماع متسلحا بالمرجعية المتضمنة في الخطاب الذي وجهه الملك محمد السادس للأمة بمناسبة الذكرى الـ42 للمسيرة الخضراء يوم 6 نونبر الماضي.
ويرتكز الموقف المغربي، كما حدده الملك محمد السادس، على رفض أي حل لقضية الصحراء خارج سيادة المغرب الكاملة على صحرائه ومبادرة الحكم الذاتي، التي يشهد المجتمع الدولي بجديتها ومصداقيتها.
وينص على ضرورة الالتزام التام بالمرجعيات التي اعتمدها مجلس الأمن الدولي لمعالجة هذا النزاع الإقليمي المفتعل، باعتباره الهيئة الدولية الوحيدة المكلفة برعاية مسار التسوية.
وسجل المغرب تحفظه بخصوص نوايا المبعوث الأممي توسيع أطراف المشاورات لتشمل الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي ومجلس السلم والأمن الأفريقي.
وأكد بوريطة للمبعوث الأممي أن الأمم المتحدة هي الجهة الوحيدة المخول لها الإشراف على نزاع الأقاليم الجنوبية، دون تدخل لأي هيئة أخرى إقليمية أو دولية.
ونصت المقررات الصادرة عن قمة الاتحاد الأفريقي على إشراك هذه المؤسسة القارية في النزاع، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة من الجزائر ذات النفوذ القوي في أفريقيا لإحراج المغرب بعد استعادة مقعده في الاتحاد.
وتعكرت العلاقة مؤخرا بين المغرب والاتحاد الأوروبي بعد أن أصدرت محكمة العدل الأوروبية قرارا نهائيا يعتبر أن اتفاق الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب “لا ينطبق على إقليم الصحراء”.
وعقب القرار قال رئيس الحكومة سعدالدين العثماني إن المغرب “لا يمكنه أن يقبل ولن يقبل مستقبلا أي مساس بثوابته الوطنية”، معتبرا أن “مغربية الصحراء ثابت من ثوابت علاقات المغرب الخارجية”.
وبحسب معلومات واردة للحو فإن الوفد المغربي اشترط ضرورة إدانة البوليساريو بعد خرقها اتفاق إطلاق النار ووجوب إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل الحديث عن استئناف أي مفاوضات.
عودة البوليساريو إلى منطقة الكركرات تصعيد يشير إلى عدم رغبتها إلى جانب الجزائر في استئناف المفاوضات
وأضاف أن الوفد ناقش أيضا دور بعثة المينورسو والرفع من كفاءتها وقدراتها، إضافة إلى رد المغرب حول عزم الأمم المتحدة استعمال وسائل تكنولوجية من أجل مراقبة فعالة وأوسع لمواجهة المخاطر الإرهابية والتهديدات الأمنية.
ويحذر مراقبون المغرب من تمركز البوليساريو العلني في منطقة الكركرات، وهي الخطوة التي يعتبرونها عائقا ماديا وقانونيا أمام المفاوضات.
ويستبعد هؤلاء المراقبون انسحابها منها بسهولة إذ تريد استغلال هذا التمركز لجعله سببا مباشرا في إشعال الحرب.
ويرى صبري الحو أن الحرب أقرب من المفاوضات إذا لم تنسحب البوليساريو من الكركرات قبل أبريل. وأضاف “رجوع البوليساريو إلى الكركرات يشير إلى عدم رغبتها إلى جانب الجزائر في المفاوضات وتريدان استغلال شرط المغرب بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل استئناف المفاوضات في ربح المزيد من الوقت في انتظار تغيير الديناميكية الدولية لرفض الانفصال والتقسيم السائد حاليا”.
وفي سياق متصل أوضح القائم بأعمال المغرب في جنيف، حسن بوكيلي، خلال الدورة الـ71 للجنة الدائمة للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، أن الجزائر هي الدولة الوحيدة التي تعارض تنفيذ جميع الحلول المستديمة الممكنة من أجل سكان مخيمات تندوف، وتربط ذلك بشرط تنفيذ مخطط للتسوية عفّى عليه الزمن واستبعد نهائيا من قبل الأمم المتحدة.