الحزب العراقي لتحالف الفشل والفساد
في ظل هذا الاختلال الصارخ في نظام البلد والانقلاب في المنظومة الأخلاقية للحقوق والواجبات، أصبحت جماعات الفشل والفساد لديها نظام سري محكم شبيه بنظم الأحزاب الشمولية أو نظم المافيات.
رياح النقد الشعبي تطال الجميع
قلنا في أكثر من مناسبة إنه لا يجوز وضع مسطرة السياسة وأحكامها على التكتلات والجماعات العراقية بعد عام 2003 التي تتعاطى بسوق السياسة الواسع، لكنها اختطفت منها الشكليات في طريقة الوصول إلى الهدف وهو السلطة، وتركت المعايير الحقيقية للعمل السياسي للآخرين، لأن أبسط تلك المعايير على مستوى التكتلات في العراق، ولا نسميها أحزابا ما عدا حزبي الدعوة والإسلامي العراقي، هي الاعتراف بالفشل أمام الجمهور الداخلي والموالين وأمام مصدر السلطات الشعب العراقي.
حزب الدعوة لم يستطع أو لا يريد أن يحاكم أو يراجع تجربته في السلطة التي ابتلعت كوادره واحدا بعد الآخر، حيث تحولوا إلى حكام جبابرة تعج سجونهم ومعتقلاتهم بالأبرياء وتهين كارتلاتهم الإعلامية من يجرؤ على التقرّب من حدود المنافسة حتى وإن كان ضمن مشتركات المذهب والطائفة، والمثال الأكثر تعبيرا هو الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي تعرضت تنظيماته إلى عمليات عسكرية أبرزها “صولة الفرسان” التي قادها زعيم حزب الدعوة نوري المالكي عام 2009.
حزب الدعوة يعمل على استمرار الهيمنة على الحكم حتى وإن كان عبر صيغة عدم طرح قائمة واحدة باسمه مثلما حصل أخيرا وهي مناورة لم تكن مُحكمة الإخراج. والحزب الثاني هو الحزب الإسلامي العراقي ذو الأيديولوجيا الإسلامية السنية لكنه واجه كذلك ما واجهه رفيقه حزب الدعوة في علاقته بالسلطة حيث يشتركان بذات المرض مع فوارق عديدة في مجال العلاقة بالجمهور وطبيعة الخطاب السياسي والإعلامي المرن وغير المنغلق مثلما هو عليه حزب الدعوة. افتقد الحزب الإسلامي جمهورا واسعا من الموالين بسبب تخليه عن الكثير من الثوابت والآمال التي كان يثقف بها جماهيره، إضافة إلى مشكلة كثرة الكوادر القيادية فيه التي جعلت من هذا الحزب جسرا للعبور إلى الشهوات الشخصية بالجاه والمال والسلطة، فتنكرت لهذا الحزب بل ذهب البعض منها إلى الضفة الطائفية المقابلة.
على سبيل المثال لا الحصر أتذكر في أواخر عام 2002 حين كنا في المعارضة العراقية بلندن أن حاجم الحسني، وهو من أتباع الحزب الإسلامي مقيم في واشنطن، أدخلته المخابرات الأميركية حسبما أشيع في حينه عضوا في مؤتمر لندن عن الجماعات السنية المختارة ولا أدري بالضبط إن كان إياد السامرائي وأسامة التكريتي، مسؤولا الحزب، على علم بذلك، ثم أصبح في عام 2005 رئيسا للبرلمان العراقي عن العرب السنة، وبعد خروجه من رئاسة البرلمان طلّق الحزب الإسلامي وذهب مع نوري المالكي وأصبح ناطقا رسميا باسم قائمته “دولة القانون”. والمثال يصح من جهة أخرى على طارق الهاشمي الذي وجد أن الحزب الإسلامي يضيّق على طموحه السياسي فشكل لنفسه تنظيما آخر، وهناك آخرون على الطريق سيعلنون عن ذات الحال خلال هذه الأيام وفي حمى الحملة الانتخابية.