بروكسل تتبع سياسة العصا والجزرة مع بريطانيا لدفع لندن للاتحاد الجمركي

ينظر مراقبون ومختصون في الشأن الأوروبي، أن بروكسل تتبع سياسة العصا والجزرة مع بريطانيا، من خلال مقترحها بإبقاء إيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا ضمن اتفاقية الوحدة الجمركية لها، بغية استدراج بريطانيا برمتها إلى الاتفاقية.

ونشرت المفوضية الأوروبية الأربعاء الماضي، مشروع اتفاقية حول انسحاب المملكة المتحدة وإيرلندا الشمالية من الاتحاد الأوروبي والكتلة الأوروبية للطاقة الذرية.

وقدم المشروع في 118 صفحة، وهي نتيجة المرحلة الأولى من محادثات الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وشهدت مفاوضات الطلاق بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، في الآونة الأخيرة، توترا بعد أن أعلنت الأولى نيتها في إبقاء إيرلندا الشمالية التابعة للتاج الملكي البريطاني، ضمن اتفاقية الوحدة الجمركية الخاصة بها.

هنا، تجدر الإشارة إلى أن أيرلندا الشمالية جزء من المملكة المتحدة، التي قررت مغادرة الاتحاد الأوروبي في استفتاء أجرته في 23  يونيو 2016.

أما بريطانيا، فترى رئيسة وزرائها تيريزا ماي، أن وثيقة الاتحاد الأوروبي، “تقوض وحدة المملكة المتحدة”، وتناول موضوع إيرلندا الشمالية في المفاوضات، هو بمثابة “خط الحمر”.

واعتبر بيان المكتب الصحفي لماي، أن مشروع الوثيقة الذي نشرته المفوضية الأوروبية، الأربعاء، غير مقبول لبريطانيا، لأنه في حال تنفيذها فإنها “تقوض السوق الداخلية والوحدة الهيكلية للملكة المتحدة”.

كذلك، نص المشروع على ضرورة وجود ضوابط بين إيرلندا الشمالية والمملكة المتحدة في مجال الموانئ والمطارات.

وانتقدت “ماي” الأربعاء الماضي، في كلمة لهام أمام برلمان بلادها، نص مشروع القرار حول إيرلندا الشمالية، وخاصة حول طلب بروكسل أن تكون إيرلندا الشمالية ضمن قانون الاتحاد الأوروبي، واتفاقية الاتحاد الجمركي.

“ماي”، أكدت أنه لا يمكن قبول بمسودة مفوضية الاتحاد الأوروبي، لأنه ضد الوحدة الدستورية، وأنه لا يمكن لأي رئيس وزراء من المملكة المتحدة المصادقة عليه.

** ضغط على لندن

يهدف الاتحاد الأوروبي من خلال النهج الذي يتبعه تجاه إيرلندا الشمالية، للضغط على لندن، وتعزيز موقفه أكثر في المفاوضات وتسريع وتيرتها.

ومسؤولو الاتحاد الأوروبي، على دراية بأن النص القانوني الذي أعدوه لا يمكن لحكومة المملكة المتحدة قبوله.

يؤكد مراقبون على رفض بريطانيا للوثيقة الأوروبية، لأنه في حال قبلت بها، سيطالب الاتحاد من لندن التنازل عن قضايا أخرى، مثل حقوق المواطنة، والتعهدات المالية، وعن وضع محكمة العدل الأوروبية.

تشير التقديرات إلى أن عدم توفر مقترح واضح من قبل بريطانيا في موضوع إيرلندا الشمالية، قد يكون الهدف منه هو عزم الاتحاد الأوروبي إجبار الجانب المعارض على العمل بسرعة أكبر مع عرض أصعب.

على ضوء المعطيات التي تشير إلى رفض بريطانيا بالمقترحات الأوروبية، يرى مراقبون أن هذا الوضع يدفع لندن للعدول عن قرار الانفصال، أو يجرها إلى إجراء استفتاء ثانٍ، أو بقائها في الاتحاد الجمركي للاتحاد، أو ضمن سوق موحدة.

ويمكن أيضا تفسير المقترح الأوروبي، بأنه إجبار بريطانيا للبقاء داخل الاتحاد الجمركي الأوروبي.

وتتابع بروكسل السياسة الداخلية للمملكة المتحدة عن قرب، وتضع جميع السيناريوهات على الطاولة، إلا أن هناك حقيقة لا يمكن التغافل عنها، وهي أن هناك إرادة سياسية لإخماد الأسواق المشتركة، وخلق حالة من القلق لدى المؤسسات المالية، وعالم الأعمال.

ورغم إظهار عالم الأعمال حالة من الاحترام لنتائج تصويت استفتاء الانفصال في 2016 عن الاتحاد الأوروبي، تزيد الشكوك تجاه موقف الحزب الحاكم المحافظ حول نيته الخروج من الأسواق الأوروبية المشتركة.

وعمل زعيم حزب العمال “جيريمي كوربين”، إلى تناول توقعات عالم الأعمال خلال برنامج حزبه في الانتخابات المبكرة التي جرت في شهر حزيران/ يونيو الماضي، إذ نجح من خلال التناول، خفض النسبة بين حزبه والحزب المحافظ الحاكم إلى 2.4 بالمائة.

وفي هذا السياق وعلى ضوء تطورات المفاوضات بريكست، أكد كوربين في كلمة له خلال الشهر الماضي، على ضرورة بقاء بلاده في الاتحاد الجمركي، بعد انفصالها عن الاتحاد الأوروبي.

ويبقى سيناريو انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي قائما، في حال لم يتم التوصل لاتفاق، بعد أن بدأ الغموض يخيم عليها.

ويعتزم قادة الاتحاد الأوروبي على عقد قمة في 22 – 23 الشهر الجاري ببروكسل، لبحث العديد من الملفات على رأسها مفاوضات بريكست، ويتوقع التوصل إلى اتفاق بشأن الفترة الانتقالية بعد انفصال المملكة المتحدة.

** الاتحاد الجمركي

وأما ما قدمه الاتحاد الأوروبي للمملكة المتحدة كتكليف أو بديل. فكان الاتحاد الجمركي، وهو ما وضحه رئيس حزب العمال البريطاني، لكونه أقرب بديل للعمل في سوق واحدة، ويوفر حلولا لمواضيع الأعمال التجارية، وموضوع حدود إيرلندا الشمالية.

ويساهم الاتحاد الجمركي بين تركيا والاتحاد الأوروبي، في تعزيز التجارة، وإلغاء الضرائب على المنتجات؛ إذ يهدف في هذه المرحلة إلى تحديد الكلمات الدقيقة للنص القانوني، والإنتهاء في إطار زمني يسمح للطرفين باستكمال إجراءات الموافقة القانونية.

فيما بريطانيا فيجب عليها الانفصال عن الاتحاد في 29  مارس 2019.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: