الجزائر لازالت تتردد : مرحبا أردوغان
بوابل من الانتقادات والردود المستندة لحقائق التاريخ، قوبل كاتب جزائري شهير نشر مؤخرا مقالا، أعلن فيه رفضه زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى بلاده الاثنين الماضي.
ففي 26 فبرايرالماضي، نشر “كمال داود” مقالا في صحيفة “يومية وهران” (مدينة غرب البلاد)، قال فيه إن “زيارة أردوغان غير مرحب بها”.
وزعم داود أن الحقبة العثمانية كانت “دموية”، معتبرا وجود ما سمّاه “انتهاك للحريات في تركيا”.
هذا الادعاءات قوبلت بعاصفة من الانتقادات، وجهها سياسيون وباحثون ونشطاء، وصفوا مزاعم داود بـ”الافتراءات والمغالطات التي تحمل بعدا سياسيا وإيديولوجيا”.
وداود كاتب جزائري ينشر مقالات باللغة الفرنسية في صحف محلية وفرنسية، وسبق أن خلقت كتاباته وتصريحاته جدلا في الجزائر، إذ لا يخفي عداءه للهوية العربية والإسلامية.
وفي يومي 26 و27 من الشهر ذاته، أجرى الرئيس التركي زيارة إلى الجزائر، في إطار جولة إفريقية، أجمعت الصحف المحلية على أنها كانت “ناجحة”.
وتوجت الزيارة بتوقيع البلدين، 7 مذكرات تفاهم في مجالات عديدة؛ شملت: الدبلوماسية والنفط والغاز والزراعة والسياحة والتعليم العالي (الجامعات).
** جهل وحسابات إيديولوجية
بدوره، استند الإعلامي والباحث الجزائري، فوزي سعد الله، المتخصص في الفترة العثمانية التي عاشتها الجزائر (1518-1830م)، على خبرته في الرد على مقال داود.
وقال قي حديث له : “إن الذي يزعم أن الوجود العثماني في الجزائر كان احتلالا، فإنه إما جاهل لهذا التاريخ ويتحدث من وحي أفكاره المسبقة، أو أنه سيئ النوايا ويتكلم بدوافع سياسية وايديولوجية”.
وأضاف سعد الله: “التدخل العثماني في الجزائر كان بطلب؛ بل بتوسل من الجزائريين، وكان إنقاذا لهم من الامبراطورية الإسبانية”.
وكما سعد الله، فقد انتقد جزائريون مقال داود، مصنّفين إياه في خانة “التهجم غير المبرر والمليء بالمغالطات”، في حين وصل بعضهم إلى وصفه بـ”الحماقة”.
** مرحبا أردوغان
وأطلق جزائريون “هاشتاغ” (وسم) على مواقع التواصل الاجتماعي، بعنوان “مرحبا أردوغان” في خطوة للرد على المقال، والترحيب بقدوم الرئيس التركي.
وفي إطار ردود الفعل، كتب عبد الرزاق مقري، رئيس “حركة مجتمع السلم” (أكبر حزب إسلامي بالجزائر) منشورا على صفحته بـ”فيسبوك” تحت عنوان “مكرة (نكاية) في الممسوخين: #مرحبا_أردوغان”.
وجاء في منشور مقري: “مكرة في الخونة وعملاء الاستعمار والممسوخين حضاريا وثقافيا، الذين يعبرون عن حقدهم لكل ما له علاقة بالإسلام والمسلمين، من خلال التهجم على زيارة أردوغان للجزائر أقول: مرحبا أردوغان”.
وأضاف: “ألف مرحبا أردوغان. يبتهجون بزيارة (الرئيس الفرنسي، إيمانويل) ماكرون ويرفضون زيارة أردوغان”.
وكتب الصحفي حميد غمراسة، تدوينة على “فيسبوك” أيضا، خاطب فيها داود بالقول: “يعني ماكرون الذي تناولت معه وجبة غداء بسفارة فرنسا، كان أجداده يزرعون الورود بالجزائر في القرنين 19 و20!”.
وكان داود ضمن قائمة مدعوين لجلسة بمقر السفارة الفرنسية في الجزائر، حضرها ماكرون على هامش زيارته في السادس من دجنبر الماضي.
والجزائر مازالت تطالب باعتراف باريس بجرائم وحشية خلال فترة استعمار البلاد بين عامي 1830 و1962.
بدوره، سخر الصحفي الجزائري الشهير، قادة بن عمار، من المقال عبر منشور بصحفته في “فيسبوك”.
وكتب بن عمار: “كمال داود يقرر التكفل بـ28 ألف عامل في 797 شركة تركية بالجزائر، ويعلن دفع رواتبهم من مبيعات رواياته (في إشارة الاستثمارات التركية الكبيرة في البلاد)”.
وخاطب الصحفي سليم صالحي، بدوره، الكتاب داود متسائلا: “لم أفهم ما الذي يزعجك في زيارة أردوغان؟!” .
** العثمانيون أنقذوا الجزائر
من جهته، بادر الناشط الجزائري، هيثم أبو محمد، بنشر مقال طويل يشرح فيه التاريخ التركي في الجزائر، وذلك ردا على ما سماها “افتراءات يتم تسويقها” (في إشارة للمقال).
وقال أبو محمد: “الأتراك لهم فضل في إنقاذنا من مصير آلت إليه الأندلس من تنصير ومحاكم تفتيش”، وذلك في سياق حديثه عن بداية الحقبة العثمانية بالجزائر عام 1518.
وأضاف: “نسمع اليوم كذب وافتراء الكثير من الجهلة والحاقدين الذين لا يعرفون حتى حقيقة أسطولهم الجزائري الجهادي (خلال العهد العثماني)”.
وعلق محمد حديبي، النائب البرلماني السابق والقيادي في حركة “النهضة” (حزب إسلامي)، على مقال داود قائلا: “الجزائر ليست بحاجة لصناعة رؤوس فتن جديدة لحمقى الافلاس الثقافي.. من الحماقة رمي حجر لكل كلب عوى”.