المشردون من المهاجرين .. مأساة إنسانية يضاعفها برد الشتاء في شوارع أوروبا وأزقتها .
لم يكن وضع المهاجرين الغير الشرعيين في العاصمة بروكسيل والعواصم الأوروبية الأخرى أفضل حالاً في فصل الشتاء مما كانوا عليه قبل، بل ضاعفت ضربات البرد القارسة معاناتهم في العاصمة بروكسيل ومدن أخرى، فظاهرة التشرد بين المهاجرين الغير الشرعيين تصاعدت بفعل عوامل أخرى كتشديد الخناق عليهم من طرف الحكومة البلجيكية واضطراد أرقام البطالة وتفاقم مشكلة الإسكان- يضع مستقبل التشرد بين المهاجرين في دائرة الاهتمام لا التجاهل كما يشير حاضر المشردين من المرضى النفسيين والعجزة والمسنين والصراعات والعنف الاجتماعي، الذين فقدوا الأمان والعيش بسلام في مجتمع العقلاء بالمغرب ووطن الحقوق والمواطنة المتساوية لينتموا إلى وطن آخر ينمو داخل دول أوروبية .. مجتمع آخر يسوده الخوف والجوع والبرد ويعايش فيه الجميع المساواة في ظلم الحياة والإنسان معا.. إلى التفاصيل:
نطاق ظاهرة التشرد بين المهاجرين المغاربة في بروكسيل غير السعيد أهله، لاتساع نطاق الظروف القاهرة التي تزداد مأساوية عاما بعد آخر كلما تفسخت قيم التكافل والتراحم في مجتمع لا يعرف أحدا الا نفسه وصفه خاتم المرسلين بالأرق قلوباً.. وكلما اشتدت قساوة أفئدته وتفككت أواصر قواه الاجتماعية في ظل التناقض المخيف في بلدهم الأصلي بين حق المواطنة المتساوية تنظيرا في دستور مكتوب وقوانين جامدة وواقع مغاير لكل مبادئ الإنسانية، تضاعفت معاناة المشردين من المهاجرين المغاربة في عواصم أوروبية وفي أزقة أحيائها
مأساة مفتوحة وأبواب مغلقة
فالتشرد مأساة مفتوحة لا حدود لضحاياه، ولا أرقام لهم، ولا دُور رعاية الا بعض الجمعيات المغربية ببروكسيل ، ولا حقوق في ظل سقوط العدالة الاجتماعية من أجندة الاقتصاد وإسقاط المسئولية الاجتماعية للدولة على أسس ومفاهيم ضيقة لا تتعدى الأقربين، والمثير للأسف أن تغلق كل أبواب الأمان حتى بيوت الله، التي لم تُجر أولئك المشردين من المغاربة الذين يتقاسمون ما خرج على سيطرة قسوة القائمين عليها من مساحات ضيقة أمام أبوابها المحمية بـ”ظلة خرسانية” لحماية أجسادهم العارية والمتهالكة، والتي أكل منها الدهر وأهله وشربوا منها.. ما شربوا من شدة البرد والصقيع، ما استطاعوا خلال ساعات الليل القارس برده في الشتاء التي تنتهي قبل صلاة الفجر بقسوة الإنسانية وتأففها، والتي تفوق قسوة الطبيعة وتغير مناخها بين مطر شديد وبرد أشد.
ورغم ذلك فإنهم بمختلف أصنافهم يعيشون أجواء مفتوحة لا سطوح فيها ولا جدران، تحت الجسور يتقاسمون برد الشتاء بأجسادهم العارية، ولم يجدوا ملجأً أو داراً يأويهم فيقبلون بقهر الواقع والعيش على الرصيف في مجتمع التشرد.
الخوف من المجهول والالتزام بالتعميمات الأمنية أحد عوامل التشرد المؤقت، ففي ظل الإجراءات الأمنية المشددة التي تعممها الجهات الأمنية ببلجيكا صار مصير من لا يملك بطاقة شخصية -صار مصيره التشرد والنوم في الشارع أو الانتقال من قسم شرطة لآخر أو الى مراكز الحجز قبل الترحيل بحثا عن تصريح ينام بموجبه في إحدى الملاجىء العمومية ، والمثير للأسف أن رغم سوء الظروف فالجميع يرفضون العودة للمغرب و بداية حياة جديدة بين أقربائه و أحبائه .