ماي تختار انفصالا صعبا باقتراح شراكة جمركية مع أوروبا
ضغوط المعارضة العمالية تدفع المحافظين إلى التنازل، وبارنييه يرحب بوضوح الخطة البريطانية للانفصال.
قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الجمعة إن بريطانيا قد تدخل في شراكة جمركية مع الاتحاد الأوروبي بعد خروجها من الاتحاد، مع ترتيبات سلسة إلى حد كبير للجمارك على الحدود بما يقلل أي تأخيرات في الموانئ والمطارات.
وأضافت ماي أن الجانبين قد يبحثان نظاما تقبل بريطانيا بمقتضاه التعريفات الجمركية التي تحددها أوروبا للبضائع المرسلة إلى الاتحاد الأوروبي، بينما يتم تطبيق تعريفات مختلفة للبضائع المرسلة إلى بريطانيا.
وأكدت أن بريطانيا ستسعى إلى البقاء داخل وكالات تنظيمية بعينها في الاتحاد الأوروبي مثل تلك التي تنظم العمل في قطاعات الكيمياويات والطيران والطب بهدف الحفاظ على مركزها في السوق.
وأضافت أنه ليس ضروريا أن تكون القوانين البريطانية مماثلة لتلك التي في الاتحاد الأوروبي لتحقيق نفس النتائج التنظيمية، لكنها أشارت إلى أنه إذا قرر البرلمان عدم الإبقاء على تلك المعايير فإنه يجب عليه أن يدرك أن ذلك ربما تترتب عليه عواقب في ما يتعلق بالنفاذ إلى السوق.
وأكدت رئيسة الوزراء أن الخدمات المالية يجب أن تكون جزءا من شراكة عميقة وخاصة مع الاتحاد الأوروبي بعد أن تغادر بريطانيا الاتحاد، مشيرة إلى أنه ستكون هناك حاجة إلى إطار عمل تعاوني وموضوعي للإشراف على الخدمات المالية بعد بريكست.
وجددت ماي رفضها لمسودة مقترح تقدمت بها المفوضية الأوروبية حول بقاء أيرلندا الشمالية ضمن الاتحاد الجمركي بعد بريكست، لتنهي بذلك مرحلة جدل تواصلت على مدى أسبوع مع بروكسل. وتعهدت رئيسة الوزراء بحماية عملية السلام الهشة في أيرلندا الشمالية في أي اتفاق بشأن رحيل المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي مستبعدة أي اتحاد جمركي فيما بعد مفاوضات المغادرة.
وقالت في خطبة تحدد خططها في ما يتعلق بمفاوضات بريكست، إن اتفاق الجمعة العظيمة لأيرلندا الشمالية عام 1998 الذي يشكل جزءا من أساس عملية السلام هو “إنجاز يجب علينا كلنا أن نفخر به ونصونه”.
وأضافت أن بريكست تفرض “تحديات خاصة للغاية” بالنسبة لأيرلندا الشمالية التي ستغادر الاتحاد الأوروبي مع بقية أجزاء المملكة المتحدة، وأيرلندا التي ستظل دولة عضوا بالاتحاد الأوروبي.
ميشال بارنييه: نرحب بوضوح خطة لندن والاعتراف بأن عليها أن تقبل حلولا وسطى
ميشال بارنييه: نرحب بوضوح خطة لندن والاعتراف بأن عليها أن تقبل حلولا وسطى
واستبعدت مجددا إقامة حدود صارمة بعد بريكست لكنها حذرت من أنه “سيكون من غير المقبول كسر السوق المشتركة الخاصة ببريطانيا عبر خلق حدود عند البحر الأيرلندي”.
واقترحت نموذجين محتملين للتجارة “بلا أي عوائق” عبر الحدود الأيرلندية، قائلة إن مزايا كلا الخيارين “غير ممكنة في اتحاد جمركي”.
وأقرت رئيسة حكومة المحافظين بأن على كل من لندن وبروكسل أن تقدما تنازلات في مفاوضات بريكست مؤكدة ثقتها في التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي.
وقالت “كلانا يحتاج إلى الإقرار بأنها مفاوضات وأنه لا يمكن لأي منا أن يحصل على ما يريده تماما”، مضيفة “نحن نغادر السوق الموحدة، وستكون الأمور مختلفة، كما ستتغير طريقة وصولنا إلى أسواق بعضنا البعض”.
ودعت إلى اتفاق تجارة حرة يشمل معظم القطاعات ويتجاوز حدود الاتفاق الموقع بين كندا والاتحاد الأوروبي لكن لا يصل إلى مستوى ذلك الموقع مع النرويج العضو في المنطقة الاقتصادية الأوروبية. ورحب كبير المفاوضين الأوروبيين لبريكست ميشال بارنييه “بالوضوح” الذي أظهرته رئيسة الوزراء البريطانية الجمعة واعترافها بأن بريطانيا يجب عليها أن تقبل حلولا وسطى عندما تغادر الاتحاد الجمركي والسوق الموحدة للاتحاد الأوروبي.
وكتب بارنييه على تويتر بعد أن ألقت ماي كلمة مهمة بشأن العلاقات التجارية في المستقبل مع الاتحاد الأوروبي “الوضوح بشأن خروج المملكة المتحدة من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي والاعتراف بأن عليها أن تقبل حلولا وسطى، ستقدم الخطوط العريضة بشأن اتفاق للتجارة الحرة في المستقبل”. ويرى مراقبون أن الضغوط التي مارستها المعارضة العمالية، مؤخرا، دفعت ماي إلى اختيار الخروج الصعب من الاتحاد باقتراحها إمكانية التفاوض حول شراكة جمركية مع أوروبا، بعد أن كانت ترفض ذلك في وقت سابق.
وكان زعيم المعارضة العمالية في بريطانيا جيرمي كوربن قد عبّر الاثنين عن دعمه لبقاء لندن في الاتحاد الجمركي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فيما يعدّ تغيرا في السياسة من شأنه فرض المزيد من الضغوط على رئيسة الوزراء تيريزا ماي.
ويعني تغير موقف كوربن أنه من المرجح أن يصوّت معظم أعضاء حزب العمال الذي ينتمي إليه كوربن مع المؤيدين للاتحاد الأوروبي داخل الحزب المحافظ الذي تنتمي إليه ماي، حيث طرحوا تعديلات على المسودة التي قدمتها ماي بشأن التجارة من أجل إبقاء بريطانيا داخل شكل من أشكال الاتحاد الجمركي في الاتحاد الأوروبي. وقال كوربن في خطابه “طالما صرحنا بأن الاتحاد الجمركي خيار حيوي للاتفاق النهائي” مؤكدا خطوة أشار إليها المتحدث باسم حزبه في شأن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
وأضاف “لذلك حزب العمال سوف يسعى للتفاوض بشأن اتحاد جمركي جديد وشامل بين إنكلترا والاتحاد الأوروبي لضمان عدم وجود رسوم مع أوروبا والمساعدة في تجنب أي حاجة لإقرار حدود مشددة في أيرلندا الشمالية”.
وطالب كوربن النواب من جميع الأحزاب “بوضع مصلحة المواطنين قبل الخيالات الأيديولوجية والانضمام إلينا لدعم خيار الاتحاد الجمركي الجديد بين إنكلترا والاتحاد الأوروبي”.