بروكسل تستفز لندن باقتراح بقاء أيرلندا الشمالية ضمن الاتحاد الجمركي
حذرت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي من أن بريطانيا لن تسمح أبدا للاتحاد الأوروبي بتقويض سيادتها الدستورية، رافضة مسودة اتفاق خروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية.
وقالت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي إن بلادها لن تسمح أبدا للاتحاد الأوروبي “بتقويض” سيادتها الدستورية، رافضة مسودة اتفاق خروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية.
وأضافت ماي أمام البرلمان “إن المسودة القانونية للاتفاق، في حال تطبيقها، ستقوض السوق المشتركة للمملكة المتحدة وتهدد السيادة الدستورية للمملكة المتحدة بإقامة حدود جمركية وتنظيمية عند البحر الأيرلندي، ولا رئيس وزراء بريطاني يمكنه الموافقة على ذلك أبدا”. وتابعت “أنا ملتزمة بضمان ألا تكون هناك حدود فعلية”، لكن رسالة مسربة سابقة تلقتها من وزير الخارجية بوريس جونسون كشفت عن المأزق الذي يواجهها.
وقال جونسون في الرسالة المسربة “من الخطأ اعتبار المهمة بأنها ضمان عدم إقامة حدود”، مضيفا أن الحكومة عوضا عن ذلك يجب أن “تمنع تلك الحدود من أن تصبح واقعية بشكل أكبر”.
وأكد الوزير البريطاني، وهو من كبار مؤيدي الخروج من الاتحاد الأوروبي، أن “المشكلة المحددة المتعلقة بالحدود الأيرلندية يتم استخدامها سياسيا للتأثير على مفاوضات بريكست والسعي بشكل فاعل لإحباط بريكست”. وفي حديث إلى شبكة سكاي نيوز قال جونسون إن الخلاف “يتم استغلاله كثيرا سياسيا لمحاولة إبقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الجمركي، فعليا في السوق الموحدة، كي لا نتمكن من مغادرة الاتحاد الأوروبي”.
والمسألة الأيرلندية تهدد بأزمة سياسية في بريطانيا، فحكومة ماي المحافظة الهشة يدعمها نواب مؤيدون لبريطانيا في أيرلندا الشمالية، وعلى ماي أيضا أن تبقي كبار المشككين ببريكست في حكومتها، مثل جونسون، إلى جانبها.
وقد تكون إحدى نقاط الخلاف الأخرى تتعلق بإصرار الاتحاد الأوروبي على أن يكون اتفاق الخروج خاضعا للمحكمة العليا في الاتحاد ومحكمة العدل الأوروبية، وهو خط أحمر بالنسبة للندن.
وينص مشروع الاتفاق على أن التشريع الجمركي الخاص بالاتحاد الأوروبي “يجب أن ينطبق على المملكة المتحدة، بما في ذلك أيرلندا الشمالية”، مضيفا أنه “يجب أن يعتبر إقليم أيرلندا الشمالية جزءا من المنطقة الجمركية الخاصة بالاتحاد”.وتعد مسودة الاتفاق، المؤلفة من 120 صفحة، أول طعنة من جانب الاتحاد الأوروبي، في ترجمة الاتفاق السياسي الذي تم التوصل إليه في ديسمبر الماضي، حول شروط خروج بريطانيا من الكتلة الاوروبية، إلى نص قانوني سيكون جزءا من معاهدة انسحاب بريطانيا.
ويضيف النص أنه من الممكن تجاهل البروتوكول المذكور أعلاه، إذا ما تم التوصل إلى “اتفاق لاحق” لتجنب وضع حدود مادية بين إيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا.
وفى الاتفاق السياسي الذي تم التوصل إليه في ديسمبر الماضي، قال كل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا إنه من الممكن تجنب خيار الاحتفاظ بأيرلندا الشمالية داخل الاتحاد الجمركي، من خلال إما اتفاق تجاري مستقبلي وإما من خلال حل أوصت به بريطانيا على وجه التحديد.
وترفض بريطانيا حتى الآن فكرة الاحتفاظ بأيرلندا الشمالية داخل الاتحاد الجمركي الأوروبي، لأن ذلك سيحتاج إلى وضع حدود بين أيرلندا الشمالية وباقي بريطانيا، حيث أكدت لندن أنها تعارض أي أمر يمكن أن يحدث حدودا داخلية على أراضيها.
وتعرض المسودة أخيرا تفاصيل اتفاق تم التوصل إليه بشأن تسوية مالية بقيمة 35-39 مليار جنيه إسترليني (47-52 مليار دولار) هي الفاتورة التي ستدفعها بريطانيا لدى خروجها من الاتحاد الأوروبي.
وقال كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه إن مسودة الاتفاق حول العلاقة المستقبلية تتضمن مقترحا ينص على إمكان بقاء أيرلندا الشمالية “ملتزمة تماما” مع أيرلندا العضو في السوق الموحدة الأوروبية والاتحاد الجمركي. ونفى بارنييه أن يكون المقترح “يشكك في النظام الدستوري أو المؤسساتي في المملكة المتحدة”، لكن ماي قالت إنها سترفض مثل تلك الخطة عندما تعرض مطالب بريطانيا التفاوضية الجمعة.
وأضاف كبير المفاوضين في مؤتمر صحافي “برأيي الشخصي إن هذا المقترح لا يشكك في النظام الدستوري أو المؤسساتي في المملكة المتحدة”، مؤكدا “لا أسعى للاستفزاز، لا أحاول إثارة صدمة”، داعيا بريطانيا إلى “الحفاظ على الهدوء والبراغماتية”.
وكانت أيرلندا والاتحاد الأوروبي طالبا بأن يتجنب أي اتفاق لبريكست إقامة حدود فعلية تشمل حواجز جمركية، حفاظا على اتفاق السلام في أيرلندا الشمالية عام 1998 المعروف باتفاق الجمعة العظيمة، والذي أنهى ثلاثة عقود من العنف الطائفي.
ويسعى الاتفاق إلى تحديد تفاصيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتم التوصل إليه بين رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي ورئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر من حيث المبدأ في محادثات ماراثونية في ديسمبر.
وبشأن الفترة الانتقالية، التي ستطبق فيها بريطانيا قوانين الاتحاد الأوروبي دون أن يكون لها دور فاعل في اتخاذ القرارات، مقابل الاستفادة من السوق الموحدة، قال بارنييه الثلاثاء إن الاتفاق يستبعد “مرحلة مفتوحة”.
وتلقي ماي الجمعة خطابا مهما تحدد فيه أخيرا رؤيتها للعلاقات ما بعد بريكست، فيما يحدد الاتحاد الأوروبي خطوطه الحمراء في قمة مارس.
وتزايدت الضغوط على ماي، هذا الأسبوع، عندما أعلن زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن تغيرا في السياسة لصالح البقاء في اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي.