الأسد يلجأ إلى سياسة “الأرض المحروقة” في الغوطة
تقارير غربية تؤكد أن سياسة القصف المنظم على الغوطة الشرقية تعيد إلى الأذهان “سياسة الإبادة في مذبحة سبرنيتسا في تسعينيات القرن الماضي”.
يستمر القصف المنظم لمدن الغوطة الشرقية من قبل قوات النظام السوري وطائرات روسية ضمن سياسة “الأرض المحروقة” التي ينتهجها الرئيس بشار الأسد، أملا في الوصول إلى نفس نتائج معركة حلب عام 2016 التي شكلت منعطفا تاريخيا في الحرب السورية.
لكن يبدو أن الكلفة الإنسانية في الغوطة ستصل إلى أضعاف ما تسببت به معركة حلب، إذ قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 368 شخصا على الأقل قتلوا بينهم 150 طفلا في الغوطة منذ ليل الأحد فقط.
وقال قائد في الجيش السوري أمس إن “هذا قصف تحضيري فقط.. المعركة لم تبدأ بعد”.
ويحاول النظام السوري في الغوطة البناء على معركة حلب، رغم مرور قرابة عامين على انتهائها. ويعني ذلك تحويل معركة الغوطة إلى نقطة التحول الأخيرة في الحرب، التي يمكنه بعدها من إعلان النصر رسميا.
ويلعب موقع الغوطة الجغرافي، القريب من العاصمة دمشق، دورا هاما في منح هذه المعركة ثقلا استراتيجيا كبيرا. لكن، على عكس الحسابات العسكرية الداخلية للحكومة السورية، لا تمثل الغوطة نفس الثقل الاستراتيجي بالنسبة للغرب.
ولا تقع منطقة الغوطة بالقرب من حدود خارجية، مثل مدينة عفرين التي تشهد صراعا بين الأكراد السوريين والأتراك يأخذ كل يوم طابعا دوليا، كما أنها لا تضم أي مصادر للطاقة، مثل منطقة شرق نهر الفرات التي تشهد إصرارا أميركيا على التمسك بها، ومنع القوات الموالية لروسيا والأسد من الاقتراب منها.
وتقول تقارير غربية إن سياسة القصف الجوي والصاروخي التي يتبعها الجيش السوري وحلفاؤه “أعادت إلى الأذهان سياسة الإبادة التي اتبعها الصرب في مذبحة سبرنيتسا في تسعينات القرن الماضي”.
وقالت صحيفة الغارديان في افتتاحيتها، الأربعاء، إن “الغرب وعد بعد هذه المذبحة بأنها لن تتكرر مرة أخرى، لكنها تتكرر اليوم وسط صمت دولي، وعدم قدرة على تقديم نفس الوعود بأنها ستكون المرة الأخيرة”.
وتخضع منطقة الغوطة الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة لحصار تفرضه قوات الحكومة منذ عام 2013. وإلى جانب محافظة إدلب وجزء من محافظة حلب في الشمال وشريط في جنوب غرب البلاد، تعد الغوطة الشرقية واحدة من بضع مناطق تعيش فيها أعداد كبيرة من السكان ولا تزال في أيدي مقاتلي المعارضة الساعين للإطاحة بالأسد.
ويقول خبراء عسكريون إن “القوات الحكومية السورية تنتهج نفس السياسة التقليدية التي وضعتها جيوش الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، والتي تعتمد على تدمير الروح المعنوية للسكان المحليين ودفعهم إلى الاستسلام، عبر تعمد قصف الخدمات والبنى التحتية، بحيث تصبح الحياة مستحيلة”.
وأضافوا “هذا القصف له فوائد تكتيكية أيضا، إذ تنحصر الفكرة في أنه عندما يقرر الجيش بدء الهجوم البري من المفترض ألا يقابل بأي مقاومة تذكر”.
وقال وائل علوان، المتحدث باسم جماعة فيلق الرحمن وهي من جماعات المعارضة الرئيسية في الغوطة الشرقية، إن موسكو لن “تقبل إلا باستسلام المعارضة بشكل كامل للقبضة الأمنية لنظام الأسد”، مشيرا إلى أن القوات الحكومية لا تحتاج لذريعة لاقتحام الغوطة.