نبيل عيوس يعرض امام جمهور واسع فيلمه ” غزية ” بعين ناقذة للواقع المغربي الجامح للحرية الشخصية للأقليات في بلد متعدد الثقافات
برمجت مساء يوم الاثنين 19 نونبر 2018 مؤسسة هيبة وبتنسيق مع مؤسسة مهرجان السينما الافريقية وبترخيص رسمي ، عرض فيلم ” غزية للمخرج المغربي المقتدر نبيل عيوش ، بالمركب الثقافي بخريبكة وسط حضور جماهيري واسع رغم أن الاستدعاء لم يوجه للعموم بل بقي منحصرا في الأصحاب والأقارب كما هو عادة منظمي المهرجانات مثل الحفلات في هذه المدينة الفوسفاطية المناضلة .
فابتداء من السابعة مساء تم عرض الفيلم بأول مشهد لمعلم في وسط امازيغي في الثمانينيات فرضت عليه الإدارة المركزية الإلقاء بالعربية الفصحى في حين أن السائد هو اللهجة الامازيغية ؛ فتشابكت الخيوط لدى هذا المعلم الذي رفض لغة الإملاء المتحجرة ببنية وسط له ثقافة وهوية تمرر عبر اللغة كخيط رفيع للتواصل مع السكان المحليين ؛ فدخل الممثل العبقري ” امين ناجي ” في دور المعلم في صراع مع نفسه وهو المحب للتلاميذ وايضا لعشيقته ” السعدية اديب ” في دور” ايطو ” أم احد تلامذته ، فاختار الهروب من المواجهة بالعودة الى الدار البيضاء ، التي كانت مسرحا لمشاهد تعالج واقع ازدراء واحتقار الأقليات المغربية ، التي تعيش في مغرب متعدد الثقافة ؛ لكن تراجع عن احترام الاختلاف في الاعتقاد الفكري والديني ، كسب اليهودي آو المخالف للراي بشكل عام ؛ عكس ثمانينيات القرن العشرين حيث التعايش مع اليهود رغم عددهم الكبير …
جاء طرح المخرج نبيل عيوش لصراع الأقليات من اجل اتباث ذاتها و رأيها وحريتها الشخصية كمن يواجه غزوة بالمفهوم القديم ؛ حيث يستولي الغزاة الفاتحون على كل من صادفوه في طريقهم بواسطة النهب والسلب والسبي والاغتصاب ؛ فكان الفيلم حاملا لرمزية عميقة وأكثر من معنى ؛ فكنتائج مباشرة للتعصب هو أما الانطواء او سلب الحق وتحقيق الذات بالعنف ؛ فتحول المخرج بذلك إلى باحث انتروبولوجي ومحلل نفساني للشخصيات ؛ مؤكدا أم أن التعصب ورفض الاختلاف يجد أصله ومرجعيته في سيادة التشنج واللاتفاهم داخل الأسرة حيث تواجد أب متسلط والمجسد للانا الأعلى بمفهوم فرويد وأيضا داخل المجتمع الرافض بثقافته للاختلاف والدولة التي تقابل حق الاحتجاج والشغل وتقمع الحريات باسم الواجب دون تحقيق ادني شروط العيش الكريم لعاطليها ومحتجيها ؛ فلا بد اما هذا الوضع سيكون رد فعلهم هو التظاهر احيانا سلمي وأحيانا تخريبي الممتلكات او للذات بالتعاطي للمخدرات والدعارة والتسول والانغماس في الإجرام…
وبذلك يبسم الفيلم على تكريس موجة السينما الواقعية كما كانت سائدة في اوربا الاربعينيات من القرن الماضي .
وأخيرا استطاع الفيلم بعض عرضه خلق نقاش حميمي مع عشاق السينما مباشرة مع مخرج الفيلم وممثليه امين ناجي ومريم الوزاني
ويجب التذكير ان عرض الفيلم لاول مرة في جولته الوطنية يعود بالاساس الى تبادل الحب والمودة بين المخرج نبيل والجمهور السينمائي بخريبكة الذي ازداد عدده بحكم تواجد اقدم مهرجان للسينما الافريقية ثم من بعده المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي
كما ان المجتمع الخريبكي منفتح ولا يعيش ازمة صراع مع الاقليات وذلك نتيجة تعايش اغلبية الأسر مع الثقافة الاوربية بواسطة المهاجرين من هذه المنطقة الى فرنسا و ايطاليا خاصة ؛ من هنا الحصول على ترخيص للعرض بدون مشاكل ….كما وقع مع فيلم ” الزين لفيك ” الذي سارعت الى منعته السلطة بعقلية متحجرة ….، عوض ان تحتكم الى الواقع ومعالجة معضلاتها انطلاقا من الانتقادات نفسها ومن دراسات ووصف علمي دقيق للواقع الذي يعكسه الفنان بريشته او بكامرته …
المصطفى الزواوي