ميثاق الأغلبية يحمي الحكومة المغربية من التفكك
في سعي لإنهاء التوتر الذي تسببت فيه تصريحات بن كيران، سارع الائتلاف الحكومي المغربي لتوقيع ميثاق الأغلبية الذي كان من المفترض أن يتم التوقيع عليه منذ تولي الحكومة لمهامها أبريل الماضي.
وقع زعماء الأحزاب المكونة للتحالف الحكومي المغربي على ميثاق الأغلبية، وهو ما اعتبره مراقبون خطوة مهمة لمعالجة الخلافات التي نشبت بين الأحزاب الحاكمة بسبب تصريحات الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بن كيران.
وقال المحلل السياسي حفيظ الزهري إن هذا الميثاق جاء بعد نحو سنة من اشتغال الحكومة وبعد صدامات صامتة بين مكونات التحالف الحكومي.
وأوضح الزهري أن الإسراع في المصادقة على الميثاق يشير إلى وجود هاجس من تفكك التحالف الحكومي بعد تصريحات بن كيران الأخيرة.
وتابع “يمكن اعتبار هذا الميثاق محاولة لتحصين التحالف الحكومي من أي انزلاق نحو الانفجار والتوجه نحو انتخابات سابقة لأوانها وما ينتج عنها من تكلفة سياسية ومالية كبيرة”.
وشهدت أحزاب الأغلبية الحكومية “أزمة غير معلنة” بعد تصريحات عبدالإله بن كيران، انتقد فيها عزيز أخنوش وزير الزراعة، وأمين عام حزب التجمع الوطني للأحرار.
وقال بن كيران خلال مؤتمر لحزب العدالة والتنمية، في 3 فبراير الجاري، موجها حديثه لأخنوش “أحذرك، إن زواج المال والسلطة خطر على الدولة”، في إشارة إلى أن الأخير يعتبر أيضا من رجال الأعمال البارزين بالبلاد.
وعقب هذه التصريحات، غاب وزراء التجمع الوطني للأحرار عن اجتماعات للحكومة.
وأكدت الأحزاب الموقعة على الميثاق بلورة رؤية تشاركية وموحدة ومندمجة تسهل سير العمل الحكومي، وخاصة حول الملفات الكبرى التي تحددها هيئة رئاسة الأغلبية.
الإسراع في المصادقة على الميثاق يشير إلى وجود هاجس من تفكك التحالف الحكومي بعد تصريحات بن كيران الأخيرة
وعبر كل الموقعين على ميثاق الأغلبية عن انخراطهم في جو من الثقة والتماسك رغم اختلاف الأيديولوجيات ووضع المصلحة العليا للبلاد فوق مصالح أحزابهم.
وفي رسالة طمأنة، قال رئيس الحكومة سعدالدين العثماني إنه “لم تكن هناك أي أزمة داخل الحكومة لأننا لا نخفي الخلافات؛ لذلك لا تخافوا على الأغلبية، المشكلة ليست فيها ولكن في مكان آخر”.
وأضاف “ليست هناك حكومة برأسين، بل هناك حكومة برئيس واحد عينه الملك محمد السادس هو سعدالدين العثماني”.
واعتبر ملاحظون أن تصريحات العثماني موجهة بالأساس إلى حزبي التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي اللذين كانا محط انتقادات من طرف عبدالإله بن كيران، واللذين يبدو أنهما عبرا عن رفضهما لتدخل بن كيران في شؤون الحكومة وتخوفهما من عدم تحكم العثماني في مفاصل حزبه.
وأكد عزيز أخنوش أن الأحزاب تختلف ولكن تجتمع على البرامج وطرق العمل، موضحا أن حزبه يساند هذا الميثاق لإنجاح برامج المغرب.
وشدد إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، على أن الحكومة لم تكن تحتاج هذا الميثاق للاشتغال، لكن هدف تنظيم العمل بين مكوناتها دفعها إلى توقيعه.
وقال امحند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، إن الميثاق جاء ليؤكد أن “الأغلبية صفت الأجواء وأنها متماسكة”.
وكان العنصر قال في اجتماع الدورة العادية للمجلس الوطني لحزبه، السبت الماضي، إن الائتلاف الحكومي الحالي لم يصل بعد إلى حد الانسجام الكامل الذي يجعله يتحرك ككتلة متكاملة.
وسجل محمد ساجد، الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري، أن حزبه “انخرط في هذا الميثاق منذ البداية اعتمادا على مبدأي الوفاء والالتزام”، مؤكدا أن تنظيمه مجند للوفاء بهذا الميثاق.
أما نبيل بنعبدالله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، فدعا إلى تقوية التلاحم بين مكونات الأغلبية وتوفير الجو المناسب لاشتغال الأغلبية.
وكان من المفترض أن يوقع أطراف الائتلاف الحكومي على الميثاق منذ تشكيل الحكومة أبريل الماضي.
وأرجع مراقبون هذا التأخير إلى الاختلافات في التوجهات والمنطلقات التي تحكم كل حزب على حدة، لكن العثماني أكد أن التأخر لا علاقة له بالنقاشات داخل الأغلبية، ولكن بسبب الصعوبات التي كانت في حزب العدالة والتنمية.
وأبرز العثماني أنه “تمت صياغة ميثاق الأغلبية منذ أشهر وهو تقريبا الميثاق السابق، لكن بعد إضافة حزبين تمت إضافة العديد من الأمور التحسينية”، لافتا إلى أنه “عندما انطلقنا في الحكومة بعد ثقة البرلمان تم الاتفاق على شعار الإنصات والإنجاز”.