محمد السادس : الاقتصاد بحاجة إلى إصلاح شامل وليس إصلاحات معزولة
تطوير أداء الإدارة أهم شرط للإصلاح الاقتصادي، واعتماد استراتيجية اقتصادية تهدف إلى توفير مواطن التشغيل.
الملك محمد السادس يؤمن بأن الإصلاح لا بد أن تشترك فيه كل الجهات الفاعلة
الرباط – أكد خبراء اقتصاديون لـ”العرب” أن موضوع الإصلاحات التي دشنها المغرب تحتاج إلى تضافر جهود الحكومة وجميع الشركاء والفاعلين في المجالات الاقتصادية لتحقيق إصلاح شامل وليس إصلاحات معزولة.
وجدد العاهل المغربي الملك محمد السادس الاثنين تأكيده على أن النموذج التنموي، الذي أسهم في تحقيق العديد من المكتسبات والمنجزات الاقتصادية والاجتماعية الملموسة، لم يعد قادرا على الاستجابة للمطالب والحاجيات المتزايدة للمواطنين، ولا على الحد من الفوارق الاجتماعية.
وأوضح الملك محمد السادس خلال رسالة وجهها إلى أشغال المنتدى البرلماني الدولي الثالث للعدالة الاجتماعية، الذي ينظمه مجلس المستشارين هذه السنة تحت شعار “رهانات العدالة الاجتماعية والمجالية ومقومات النموذج التنموي الجديد” على مدى يومي 19 و20 فبراير، أنه يتوخى من الدعوة إلى مواجهة هذا النموذج التنموي أكثر من مجرد إصلاحات قطاعية معزولة، أو إعادة ترتيب بعض الأوراش الاقتصادية والبرامج الاجتماعية.
ويناقش المنتدى مواضيع متعددة بينها “العدالة الاجتماعية والمجالية في قلب النموذج التنموي: رؤى وتجارب متقاطعة”، و”النهوض بالاستثمار والتسريع الصناعي ورهان التنمية المستدامة”.
ويرى خبراء اقتصاديون أن الملك يؤمن بأن الإصلاح لا بد أن تشترك فيه كل الجهات الفاعلة وبشكل متواز، وعدم الاكتفاء بتطوير قطاع دون آخر، أو الرهان على دور الدولة لوحدها في تطوير أداء الاقتصاد.
وأشار الخبراء إلى أن المغرب يواجه تحديات كبيرة لتنويع وتطوير الاقتصاد المحلي وعدم الاعتماد على الوظائف التقليدية في محاولة لمواكبة التطور التكنولوجي بما ينسجم مع التحولات التي يعرفها المجتمع واستجابة للإصلاحات التي اندمج فيها وإن ببطء تماشيا مع شروط العولمة.
وحث الخبير الاقتصادي المغربي نورالدين العوفي، على ضرورة توظيف المعرفة الاقتصادية في صياغة السياسات العمومية التحديثية التي أمست في ظل الاقتصاد الرأسمالي تخضع لشروط الحوكمة.
وأكد العوفي أنه “من الضروري في أي تنمية تلبية الضروريات والحاجيات المادية من قبيل الصحة والتكوين والسكن والشغل، وأيضا غير المادية مثل العدل والأمن والاستقرار”، موصيا بضرورة اعتماد استراتيجية وطنية للتصنيع قوامها الاستثمار المنتج والإنتاجية، وهدفها التشغيل بالأساس.
وفي سياق تعاطي المؤسسات الدولية مع الإصلاحات التي دشنها المغرب، أكد رئيس البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية الذي يقوم بزيارة للمغرب، أن المملكة حققت تقدما في مجال الإصلاح الاقتصادي والتنمية وأن البنك عازم على المساهمة في اقتصاد المغرب من خلال استثمارات أكبر، مذكرا بأن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية استثمر أزيد من 1.5 مليار أورو في 36 مشروعا بالمغرب، كما قام بدعم حوالي 400 مقاولة صغيرة ومتوسطة مغربية.
وأشار رئيس البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، أن البنك ملتزم ومستعد لمواصلة دعم المغرب وتمكين القطاع الخاص من الوسائل اللازمة للتركيز على خلق فرص الشغل والاندماج.
ويقول خبراء مغاربة إن بوابة الإصلاح الشامل للاقتصاد تبدأ من الوقوف على أعطاب الإدارة المغربية التي تؤثر سلبا على مسيرة التنمية والتقدم الاقتصادي. ويعتقد المحلل الاقتصادي رضا بلفلاح أن تسليط الضوء على حاجيات الإدارة ناجم عن مكانتها الوازنة في الارتقاء الاقتصادي، عبر جلب الاستثمارات الأجنبية وتحسين مناخ الأعمال.
وللتذكير فإن إصلاح الإدارة كان دائما محورا رئيسيا في خطاب الملك محمد السادس، إذ يؤكد أنه “لا يمكن تحقيق إقلاع اقتصادي واجتماعي حقيقي دون قيام المرافق العمومية بمهامها في خدمة المواطن وتحفيز الاستثمار وغيرها، في النهوض بالعملية التنموية”، كما دعا القطاعين العام والخاص إلى مضاعفة الجهود في شراكات فعالة.
ويرى فتح الله ولعلو، وزير الاقتصاد والمالية الأسبق، أن النقاش حول التنمية الاقتصادية وإمكانية مراجعتها أمر جيد، مشيرا إلى أنه نقاش يجب أن ينصب على “الإيجابيات التي تم تحقيقها لتقويتها وتوطيدها، وأيضا التعرف على نقاط الضعف الذاتي، والعمل على تجاوزها”، داعيا إلى ضرورة التعامل مع إمكانيات الاقتصاد المغربي بتفاؤل.
وقال جهاد أزعور، المدير الإقليمي لصندوق النقد الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، إن الإصلاحات الهيكلية التي تنتهجها الحكومة المغربية ستمكن من خفض تدريجي للمشكلات الاجتماعية وتحسين الأداء الاقتصادي مع مرور السنوات شريطة توسيع دائرة الإصلاح لتشمل أنظمة التعليم والشغل والتنمية.