دور العجزة.. مسنون مسلمون يتجرعون مرارة النسيان في «قبر الحياة» بأوروبا
تشهد المؤسسات الاجتماعية ودور العجزة بأوروبا تزايدا كبيرا في عدد النزلاء والنزيلات من المسنين المسلمين الذين قدر لهم أن يقضوا ما بقي لهم من العمر داخل أسوار هذه المؤسسات الاجتماعية، فالعديد منهم أجبر على العيش هناك، بحكم المرض أو تخلي وتنكر أبنائهم وأسرهم لهم، ومنهم من جعلتهم ظروف الزمن وشقاء الحياة يعيشون في حجرات النسيان داخل مؤسسات الرعاية الاجتماعية أو ما يطلق عليه «قبر الحياة».
«وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا»
رغم أن هؤلاء المسنين المسلمين تجمع بينهم قواسم مشتركة، الوحدة، العزلة، والتهميش، و الاسلام فإنه في الغالب ما يعيشون حياة النسيان في مجتمع أوروبي بعيد عن التقاليد و العادات و الدين ما تنشب بينهم و بين الأوروبيين خلافات يومية، تتحول إلى شكاوى ودعاوى تنقل إلى المساعدين الاجتماعيين أو إلى مدير المركز. هذه النزاعات قد تصل في بعض الأحيان إلى مشادات كلامية بين النسوة أو بين الرجال، بسبب أو بدونه، وفي أحيان أخرى قد ينشب هذا الصدام بسبب الغيرة والحقد و العنصرية والحسد وسط النزلاء والنزيلات والتي تكون أسبابها غير واضحة، وتقول إحدى النزيلات في حديثها: «هما حاكرين عليا وأنا مدرت ليهم والو، مكنجمع معهم، مكنهضر فيهم، وهما ديريني في بالهم، ديما جابديني بالشكاوي، دعيتهم لله والوا غير حسداتني على والو» تشتكي بعصبية في كلامها، وبصوت يسمع بوضوح .
هناك عدد من الجالية في بعض دور العجزة لا يدركون تواجدهم في هذه المراكز و ما يعلمونه فقط هو تواجدهم في مصحات و مراكز الترويض لتخلي الأبناء عنهم او عدم توفر الوقت لهم بارتباطهم بالعمل و الدراسة مما يصعب من الأمور التي كانت متاحة في المغرب .
ما يحتاج إليه المسن في مؤسسات الرعاية الاجتماعية، هو الدعم النفسي، والمعاملة بكرامة وإنسانية، وتقديم الخدمة التي يحتاج إليها، حتى تشعرهم بأن مكانتهم ومنزلتهم في القلوب، وضرورة تكثيف الجهود والتأكيد على المسؤولية الجماعية ونهج مقاربة تشاركية لرعاية المسنين والعجزة بالدول الأوروبية .
هذا ما تؤكده لنا السيدة خديجة ، التي دعت إلى ضرورة الاهتمام بهذا القطاع ومنحه الأولوية في البرامج الاجتماعية لافراد الجالية كما تحث على التعاون مابين المؤسسات الوصية على الجالية وكافة مسؤولي المجتمع المدني، من باحثين، وجمعيات، وإعلام. على اعتبار أن رعاية المسن المسلم وحمايته مسؤولية اجتماعية مشتركة بين المجتمع ومؤسساته العمومية والمدنية.
وأمام هذا الارتفاع الكبير في التحول الديمغرافي في دول المهجر ، خاصة أمام الوضع الصحي،
أصبح من الملح التفكير في إنشاء دور للعجزة للمسلمين و خصوصا مع الانتهاكات التي يتعرضون لها في بعض مراكز العجزة و خصوصا عدم توفر كل الوجبات الحلال و عدم احترام المعتقدات الدينية للمسنين من الجالية مما يجعل أيامهم الاخيرة فعلا قبر في الدنيا قبل الآخرة .
مما يأكد على تراجع قيم الأسرة، وهيمنة ظاهرة عقوق الوالدين. فبدلاً من إكرامهما، واهتمام الأبناء بهما، يوضعان في دور العجزة”. ويرى أن “قساوة القلب باتت سمة العديد من الأبناء حيال آبائهم وأمهاتهم، بحجة الوضع المادي الذي لا يسمح لهم بالتكفّل بأحد الوالدين أو بهما معاً” أو ارتباطهم العملي . لكن المشكلة في أولئك الذين “يرمون” أهلهم في هذه الدور، ولا يكترثون لزيارتهم أو السؤال عنهم و هم يعلمون أن أغلبية العاملين و المأكل و المشرب لا يتناسب مع المعتقدات الدينية لآبائهم. يضيف أن “القرآن الكريم اعتبر أن قول أف للوالدين عقوق، فكيف بمن يذهب بوالده أو والدته إلى مؤسسة ترعى العجزة؟ والمشكلة الأكبر أن بعض الأبناء يرمون والديهما في دور العجزة ويختفون”.
هذا الواقع دفع القناة الثانية المغربية إلى عرض برنامج أسبوعي بعنوان “الحبيبة مي”، الذي يضيء على قصص أمهات لم يرحمهن أولادهن، ولم ينصفهن المجتمع، وينقل تجاربهن القاسية في الحياة. إحدى القصص المؤلمة، التي هزّت المجتمع المغربي، هي قصة الأم ميلودة التي رماها أبناؤها في الشارع في مدينة بني ملال وسط البلاد، ليؤويها بعض الجيران قبل نقلها إلى مؤسّسة خيرية إسلامية. ونقلت أحد البرامج قصتها ومأساتها بسبب ما فعله أبناؤها. لكنها لم تتمكن من مشاهدة الحلقة، إذ توفيت بعد أيام قليلة بعد ذلك .
و ادا ما سلمنا بالأمر فغياب دور العجزة للمسلمين بأوروبا يطرح عدة أسئلة في غياب تام في التفكير في هذه الفكرة و خصوصا نرى بأن الارضيّة متاحة و خصوصا ان سخاء المغاربة في المهجر يشجع على مثل هذه المشاريع فمثلا ببروكسيل تم جمع 400ألف أورو في عشية واحدة لبناء مسجد فلما لا التفكير في دور العجزة و السهر على تعددها كالمساجد .فالوزير بن عتيق المكلف بشؤون الجالية و السفارة المغربية ببلجيكا قد شجعوا على مثل هذه المشاريع التي سوف تخدم صالح الجالية المغربية و الحفاظ على كرامتها و معتقداتها الدينية .