خبراء يتدارسون في المغرب التهديدات والمخاطر الجديدة للنزاعات بأفريقيا
البيئة في أفريقيا صالحة لاستمرار وتوغل الجماعات الإرهابية، والمنتدى يشيد بدور المغرب على مستوى أفريقي ودولي في مجال مكافحة الإرهاب.
تشكل ظاهرة الإرهاب أكبر التحديات التي تهدد الأمن والاستقرار العالمي، ولا تستثنى القارة الأفريقية من هذه المخاطر ما جعل معاركها ضد التطرف لا تتوقف، حيث تشنّ القوات المسلحة المصرية في سيناء عمليات لتطهيرها من الإرهابيين، التي وصفتها صحيفة التايمز البريطانية بـ”أكبر عملية لمكافحة الإرهاب”.
في المقابل لا تكتفي القارة بتحركات عسكرية بل تحاول القضاء على هذه الظاهرة بالمعالجة الفكرية بعد أن تبيّنت أن أولى خطوات التطرف إعادة دمغجة الأدمغة واستقطابها نحو أفكار الدولة الإسلامية التكفيرية وغيرها من التنظيمات المتطرفة المتواجدة بالقارة الأفريقية كتنظيم القاعدة وبقية تفرعاته.
هذه تحديات دفعت أكثر من 300 خبير للاجتماع بمراكش يومي 9 و10 فبراير الجاري، في منتدى أفريقيا للأمن، لمناقشة “التهديدات الصاعدة والمخاطر الجديدة للنزاعات بأفريقيا”.
ونظم المنتدى برعاية الملك محمد السادس وبمبادرة من المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية بهدف تسليط الضوء على الحالة الأمن الراهنة بالقارة الأفريقية وتبيان حدود المكافحة الشاملة للإرهاب، فضلا عن التحديات التي يطرحها الإرهاب والجريمة المنظمة والمتمردون على مستوى مراقبة الحدود في القارة.
“حركة الشباب الإسلامية” الصومالية تبقى في المرتبة الأولى ضمن الجماعات الإسلامية الأكثر دموية بـ1593 عملية أمام ملاحقها المباشر تنظيم بوكو حرام
وبيّن رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، محمد بنحمو، في كلمة له خلال أشغال الدورة التاسعة لمنتدى أفريقيا للأمن أن “أفريقيا تواجه العديد من الإشكاليات في المجال الأمني منها ما هو مرتبط بالإرهاب والجريمة العابرة للحدود، كما أنها تعاني من تنامي ظواهر أمنية جديدة”.
هذه التهديدات حذّر منها المركز الأميركي المتخصص في الشؤون الأفريقية، في تقرير نشره الاثنين الماضي، الذي تناول نفوذ التنظيمات الإرهابية في شمال أفريقيا، حيث كشف أنه رغم تراجع تنظيم الدولة بالقارة إلا أن تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي قد ضاعف من عملياته الإرهابية.
وتضاعف عمليات ”تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي” وفروعه (من بينها كتيبة عقبة بن نافع وجند الخلافة وشباب التوحيد المعروفة سابقا بأنصار الشريعة الناشطة في تونس) إلى 157 عملية مقابل 56 عملية في 2016، مع تضاعف عدد الضحايا بعد مبايعة “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” التي تشكّلت في مارس 2017.
وتبقى ”حركة الشباب الإسلامية” الصومالية في المرتبة الأولى ضمن الجماعات الإسلامية الأكثر دموية بـ1593 عملية أمام ملاحقها المباشر تنظيم بوكو حرام (500 عملية) أي بنسبة 44 بالمئة من مجموع ضحايا العمليات الإرهابية.
وبحسب التقرير تعدّ مصر المكان الذي ينشط فيه داعش بكثرة، بعد أن ارتفعت عملياته من 96 عملية سنة 2016 إلى 278 عملية سنة 2017 وتركّزت في سيناء، كما لم تتوقف العمليات الإرهابية بليبيا التي استهدفت الجمعة الماضي مسجدا في بنغازي.
ولمواجهة هذه الأخطار المحدقة بأفريقيا يرى الباحث السنغالي عبداللطيف أيدارة، مدير مرصد التهديدات الإرهابية والتطرف والمخاطر الإجرامية وعلوم الأخطار أن “هذا الواقع يجب مواجهته من خلال مقاربة مندمجة جماعية وتشاورية”.
كما أعتبر جون ليون أولاتوندجي نائب رئيس أركان القوات البحرية بدولة البنين أنه “يجب العمل على تعزيز التعاون لمحاربة هذه الظاهرة وتوفير آليات الردع من أجل تجفيف منابع التطرف”.
ولم تعد ظاهرة الإرهاب حكرا على بلد بعينه بل تتعداه إلى جل دول القارة الأفريقية، ويعتقد مراقبون أن البيئة في أفريقيا صالحة لاستمرار وتصاعد وتوغل الحركات الإرهابية ويتغلغل حاليا في قارة أفريقيا، إضافة إلى القاعدة في المغرب العربي مجموعات إرهابية مسلحة شديدة الخطورة، ولديها صلات بتنظيم القاعدة، وهي بوكو حرام في نيجيريا، وحركة الشباب المجاهدين الصومالية، وحركة أنصار الدين السلفية الجهادية في مالي، وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا.
وقد نبّه الممثّل الخاص للاتحاد الأوروبي لمنطقة الساحل أنجيل لوسادا أن “منطقة الساحل والصحراء باتت حاليا بيئة حاضنة لمختلف الأزمات سواء الأمنية أو الاقتصادية أو السياسية”.
ورغم كل هذه التحديات الأمنية تبدو الدول الأفريقية واعية بضرورة تقديم إجابة واضحة تكشف حقيقة هذه الظاهرة، وقد ركز الباحثون والمهتمون بالأمن في منتدى أفريقيا التاسع للأمن على الخطط الأفريقية للسلم والأمن التي تم وضعها في إطار الاتحاد الأفريقي، والعمل على ترجمتها إلى دينامية شاملة كفيلة بالقضاء على النزاعات بالقارة.
وفي هذا السياق اعتبر المشاركون أن الاتحاد الأفريقي مدعوّ ومؤسساته إلى عدم التركيز فقط على محاربة ومنع النزاعات المسلحة، والتصدي للتهديدات التقليدية، بل جعل آلياته قابلة للتكيف مع التحولات ومختلف العوامل التي تعيق الاستقرار.
وسلط مدير مركز الإتحاد الأوروبي للأقمار الصناعية، باسكال لوغي، الضوء على عوامل انعدام الأمن بالقارة، فبالإضافة إلى التهديد الإرهابي تعاني القارة من انتشار تجارة الأسلحة، وارتفاع مستوى الهجمات ضد القوات الوطنية، وتزايد نشاط الفصائل المتمردة.
وأوضح المتدخلون أن هناك عوامل أخرى نجح المتطرفون في توظيفها لتحقيق أهدافهم حيت استغلوا التطور الهائل للتكنولوجيا الحديثة التي جعلت من الإرهاب ظاهرة دولية، وأتاحت لهذه الجماعات امتلاك آليات التأثير للنفوذ إلى المجتمعات واستدراج الشباب نحو فخ التطرف.
وأشاد المنتدى بدور المغرب على مستوى أفريقي ودولي في مجال مكافحة الإرهاب حيث ساهم في إنشاء منظومة أمنية قوية حصنته من تهديدات الجماعات المتشددة، كما حققت السياسات التي اتبعتها المملكة لمكافحة الإرهاب نتائج ملموسة جعلتها الدولة المغاربية الوحيدة التي لا تتمركز على أراضيها جماعة جهادية.
ويلعب المغرب دورا محوريا للحفاظ على الأمن والسلم ومحاربة الجماعات الإرهابية وقد أشاد روك أوريليان أوانغبي، المستشار الخاص لبعثة الأمم المتحدة في مالي بتجربة المغرب وقال بأن “المغرب اختار رفع صوت التضامن والسلم والاتحاد”.