جبهة البوليساريو تعود إلى اللعب بالنار وتلوح بالسلاح
لا يبدو أن هذه العودة إلى استعراض السلاح، وصخب التصريحات النارية، بعيدة عن المُتغيّرات التي يشهدها ملف الصحراء المغربية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
تعود جبهة البوليساريو إلى اللعب بالنار في اجترار للتصعيد والتسخين، عبر التلويح من جديد بالخيار العسكري، في خطوة استفزازية عكست حدود ومساحة الحالة الوظيفية التي تؤديها باعتبارها أداة في لعبة إقليمية لم يعد المشهد الدولي يستسيغها، ولا يحتمل تداعياتها.
وأعلنت جبهة البوليساريو عن مناورة عسكرية جديدة في منطقة “بئر لحلو” الواقعة شرق الجدار العازل في منطقة الصحراء المغربية، على بعد 220 كيلومترا جنوب غرب مدينة تندوف الجزائرية، ضمن المناطق منزوعة السلاح، التي تمتد بين الجدار العازل المغربي والحدود الجزائرية والموريتانية المشتركة.
ولم تُحدد وقت إجراء هذه المناورة العسكرية التي تسعى من خلالها إلى استعراض قواتها على مشارف الجدار العازل، واكتفت بالإشارة من خلال وسائل إعلامها، إلى أن “الناحية العسكرية الخامسة بمنطقة بئر لحلو ستجري ملتقى أركان جيش التحرير الشعبي الصحراوي تحت إشراف إبراهيم غالي”.
وأضافت أن ما يُسمى وزير الدفاع جبهة البوليساريو، عبدالله لحبيب البلال، “ترأس اجتماعا موسعا لهيئة الأركان العامة” من أجل استعراض الجاهزية القتالية لقوات الجبهة.
وهذه المرة الثانية في غضون أقل من شهرين، التي تعود فيها جبهة البوليساريو إلى اجترار رفع منسوب التصعيد من خلال التلويح بالعودة إلى الخيار العسكري، حيث أجرت يومي 24 و25 ديسمبر الماضي مناورات عسكرية بالذخيرة الحية، استخدمت فيها الدبابات والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ والمدافع الرشاشة.
وجرت تلك المناورات التي وُصفت بالخطيرة، في بلدة “اغوينيت” القريبة من منطقة الكركرات الحدودية العازلة ومنزوعة السلاح، التي شهدت في شهر غشت 2016 تحركات عسكرية متبادلة بين المغرب والبوليساريو. وربط مراقبون هذا التصعيد الجديد، بحجم المأزق الذي تردت فيه هذه الجبهة الانفصالية، وهو بذلك يؤشر إلى حالة الاستعصاء في خطابها الذي فقد مسوّغات التضليل السابقة التي انتزعها منها التحرك الدبلوماسي المغربي.
وتؤكد التطورات المحيطة بهذا الملف، أن جبهة البوليساريو لم يعد بمقدورها أن تُحاجج في ذرائعها التي تتبدل، وهي بذلك لجأت إلى هذا التصعيد الذي يحمل رسائل تتجاوز السقف الاستفزازي إلى محاولة خلط الأوراق من جديد.
وعلى هذا الأساس، لا يبدو أن هذه العودة إلى استعراض السلاح، وصخب التصريحات النارية، بعيدة عن المُتغيّرات التي يشهدها ملف الصحراء المغربية على الصعيدين الإقليمي والدولي، على ضوء تحركات المبعوث الأممي إلى الصحراء، هورست كولر، الذي كثّف من مشاوراته واتصالاته خلال الأسابيع والأيام القليلة الماضية.
وتصل تلك المُتغيرات في تفاصيلها التي تداخلت، وتشابكت لتشكل في مجملها رسالة واحدة مفادها أن هذا الملف اقترب كثيرا من نقطة الانعطاف الأساسية التي لن تكون خارج سياق المقاربة المغربية بحسب ما تعكسه الترددات السياسية التي تتواتر تباعا على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وأجرى هورست كولر الخميس الماضي، في العاصمة الألمانية، مشاورات مُكثفة مع وزير الخارجية الموريتاني اسلكو ولد أحمد إيزيد بيه، باعتبار أن بلاده تُعد أحد الأطراف المعنية بهذا الملف.