تدفق السياح الصينيين يفتح أفقا جديدا للسياحة المغربية

تزايدت المؤشرات على نجاح استراتيجية المغرب في أن يصبح الوجهة الأفريقية الأولى للصينيين بفضل ما يتمتع به من استقرار سياسي واقتصادي واجتماعي في محاولة لجعل السياحة ركيزة رئيسية في خطط الإصلاح وبرامج التنمية المستدامة.

أظهرت أحدث البيانات الرسمية المغربية عن تضاعف أعداد السياح الصينيين العام الماضي، في خطوة تؤكد أن السوق الصينية باتت تحتل أولوية قصوى في البرامج السياحية المغربية باعتبارها إحدى الأسواق الواعدة التي يمكن أن تحقق عوائد كبيرة للبلاد.

واستقطب المغرب العام الماضي أكثر من 100 ألف سائح صيني بنسبة نموّ بلغت نحو 58 بالمئة، وفق وزارة السياحة.

وقالت لمياء بوطالب كاتبة الدولة المغربية المكلفة بالسياحة إن “عدد السياح الصينيين الذين زاروا البلاد ارتفع بنحو 242 بالمئة خلال العام الماضي، مقارنة بعام 2016”.

ويبدو أن قرار إلغاء التأشيرة عن الصينيين الذي اتخذ خلال زيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى بكين في شهر مايو 2016 كان له الأثر الكبير في ارتفاع عدد السياح رغم غياب الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين.

محمد ساجد: وزارة السياحة تعتمد خطة لاستثمار الفرص التي تتيحها السوق الصينية
ووقّع المغرب مع الصين حينها، اتفاقية لتعزيز التعاون السياحي، لتشجيع الأنشطة الترويجية عبر توفير التسهيلات الضرورية بشكل متبادل وتكوين المهنيين وتنظيم دورات تدريبية وتبادل الخبرات والتنسيق بين وكالات الأسفار.

ومن المؤكد أن بكين أدركت أن المغرب هو أفضل الخيارات للتوسع في أفريقيا بسبب خبرته وعلاقاته الفريدة مع دول القارة وموقعه الجغرافي وارتباطه باتفاقات للتبادل التجاري الحر مع أكبر الكتل الاقتصادية في العالم.

وأشار السفير الصيني لدى المغرب، شيون شزونغ، في تصريح صحافي أن المغرب أصبح في السنوات الأخيرة، إحدى الوجهات الأكثر أهمية بالنسبة للسائح الصيني، رغم وجود عدة عراقيل.

ورغم التقدّم الملموس لهذا النشاط السياحي، ما يزال أمام الرباط الكثير من العمل لمواكبة حاجيات هذه الفئة من السياح، التي لها متطلبات خاصة، مثل توفير مرشد سياحي يتحدث اللغة الصينية، وهو أمر نادر في المغرب.

وقال شنونغ، إن “من بين التحديات التي تحول دون تطور حجم المبادلات بين البلدين، تتمثل في اختلاف اللغة والثقافات بين البلدين”، مؤكدا أنه يمكن تحويل كافة العراقيل إلى فرص بمقدور المهنيين استغلالها لتقوية علاقات التعاون الثنائي في المجال السياحي.

ويقول محمد ساجد وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، إن بلاده تهدف إلى جذب مليون سائح صيني في السنوات القليلة المقبلة، مشيرا إلى أن الحكومة تعتمد خطة لاستثمار الفرص التي تتيحها السوق الصينية.

وأكد ساجد أن جميع المتداخلين في القطاع السياحي المغربي يجب أن يدركوا أهمية السوق الصينية، من خلال التركيز على ملاءمة منتجاتهم لكسب السياح الصينيين، مشيرا إلى التأثير السلبي لغياب رحلات جوية مباشرة بين البلدين.

ورغم ذلك، قامت الحكومة بجهود كبيرة في العامين الماضيين من أجل كسب رهان السوق الصينية من خلال اعتماد خطة مستدامة.

وأبرم المغرب شراكات استراتيجية مع شركات طيران لتسهيل دخول السياح الصينيين للبلاد عبر أوروبا وخاصة فتح خط بين مطار شارل ديغول في باريس ومراكش، فضلا عن إقامة شراكة وثيقة مع شركة الاتحاد للطيران لجذب أكثر من ألف وكالة صينية للأسفار لاستكشاف المغرب.

100 ألف سائح صيني زاروا المغرب العام الماضي بارتفاع يقدر بنحو 58 بالمئة بمقارنة سنوية
وتقوم حاليا الشركة العربية للطيران التي تعدّ ضمن شركات الطيران ذات التكلفة المنخفضة، بالربط بين مدينة فاس والعاصمة الإيطالية روما بواسطة رحلتين أسبوعيا بسعر 59 دولار للرحلة.

ونظرا إلى ما تعرفه البلاد من حركية كبيرة على عدة مستويات اقتصادية وتنموية وتجارية، فقد استقطبت السوق المغربية سياحا جددا من جنسيات متعددة، احتلت الصين صدارة اللائحة تليها روسيا والدنمارك والبرازيل على التوالي.

ولدى المختصين في المجال السياحي قناعة بأن تحقيق ذلك الهدف، يحتاج إلى اهتمام أكبر بتحسين أداء جميع العاملين في القطاع ورفع معايير الجودة والحوكمة الرشيدة وتعزيز قطاع الفنادق وصناديق الاستثمار والتمويل والبنية التحتية والضرائب وتدريب الموظفين.

ويراهن المغرب كثيرا على تطوير القطاع السياحي ليكون محورا أساسيا في برامج التنمية الاقتصادية الشاملة.

ووضعت السلطات برامج واسعة لزيادة إنعاش السياحة المحلية والخارجية من أجل إنعاش الاقتصاد بطريقة متوازنة في جميع أنحاء البلاد، في ظل مساعي الدولة إلى استقطاب نحو 20 مليون سائح بحلول عام 2020.

وكانت وزارة السياحة قد فتحت أبوابا واسعة للنقاش مع العاملين والشركات في القطاع بشأن تطوير استراتيجية متكاملة للترويج أكثر للرحلات السياحية إلى المغرب ومن بينها السياحة الداخلية.

ووقّعت الخطوط الملكية المغربية اتفاقيات مع عدة جهات بالبلاد لتوفير أسطول مخصص لربط مختلف المطارات الجهوية وتطوير النقل الجوي الداخلي وبرمجة رحلات بأسعار ثابتة وتفضيلية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: