الأطفال ليسوا بيئة صالحة للحجاب في بريطانيا
مسؤولة ‘أوفستيد’ تدعم قرار منع الحجاب في المدارس الابتدائية بناء على مخاوف من محاولات استقطاب التلاميذ وتوظيف الدين لجرهم نحو التطرف.
ما زالت ظاهرة الإسلاموفوبيا مستشرية في المجتمعات الغربية أمام تواصل الهواجس الأمنية لتوعد التنظيمات المتطرفة بالفتك بالأمن القومي الأوروبي للرد على خساراتها الميدانية الأخيرة في كل من سوريا والعراق.
وفي الوقت الذي انتشرت فيه منشورات وهاشتاغات في مختلف أنحاء العالم في اليوم الأول من فبراير الجاري الذي أطلقت فيه مبادرة اليوم العالمي للحجاب في خطوة لتعزيز التسامح وتقبل الآخرين له ونبذ الكراهية بين الأديان، عبرت رئيسة هيئة الرقابة على المدارس الابتدائية في بريطانيا المعروفة باسم “أوفستيد” عن دعمها قرار منع الحجاب في المدارس الابتدائية.
وفى كلمة ألقتها أمام “مؤتمر مدارس كنيسة إنكلترا”، أعلنت أماندا سبيلمان عن تأييدها لمديرة المدرسة، نينا لال، التي فرضت حظر ارتداء الحجاب الشهر الماضي، رغم ما تعرضت له من معارضة شديدة من قبل أولياء الأمور وقادة المجتمع في إحدى المدارس الإسلامية شرق لندن.
وعزت سبيلمان موقفها الداعم لحظر الحجاب، إلى وجود مخاوف من محاولات استقطاب التلاميذ بالمدارس الإسلامية البريطانية وتوظيف الدين لجرهم نحو التطرف، الأمر الذي سيؤثر على سمعة المدارس البريطانية ويشوه مؤسسات التعليم بالمملكة المتحدة ذات الصيت العالمي في الكفاءة العلمية إضافة إلى ما ألحقته موجة التطرف من أضرار بالأمن البريطاني الذي تعرض العام الماضي لهجمات إرهابية متكررة. ونقلت صحيفة “ديلي تليغراف” البريطانية -على موقعها الإلكتروني- الخميس عن سبيلمان، قولها “إن مفتشي المدارس صادفون على نحو متزايد هؤلاء الأشخاص الذين يرغبون في ‘تحريف’ هدف التعليم فعليا”.
وكان موظفو “أوفستيد” أجروا تفتيشا مفاجئاً في مدرسة “سانت ستيفن الابتدائية”التي تقع في حي “نيوهام” بلندن، الأربعاء، بعد أسبوعين من إلغاء قرار منع ارتداء الحجاب الذي ترتديه الفتيات اللاتي لا تفوق أعمارهن الثمانية أعوام.
ولفتت صحيفة صنداي تايمز في افتتاحيتها إلى أن المدرسة كان سجلها الأكاديمي المتفوق مثار حديث وسائل الإعلام، بالرغم من أن لا أحد من طلابها تقريبا يتحدث الإنكليزية كلغة أم، وكل واحد من خمسة طلاب في المدرسة يحصل على وجبات مجانية، وهو ما يشير إلى الخلفية الاقتصادية المتواضعة لعائلته.
وحصلت المدرسة في المرحلة الثانية من تقييم أداء الطلاب في الرياضيات والقراءة والقواعد وعلامات الترقيم على أفضل نتيجة ليس فقط على مستوى المدارس الابتدائية في إنكلترا بل على مستوى جميع المدارس التحضيرية في أنحاء البلاد.
ثم، بعد فترة قصيرة، باتت المدرسة ذاتها مثار اهتمام وسائل الإعلام بسبب حظر الإدارة ارتداء الطالبات دون سن الثامنة الحجاب، كما أبلغت إدارة المدرسة أولياء أمور الطلاب أنها لن تسمح لهم بالصيام خلال الدوام المدرسي في شهر رمضان. وقالت نينا لول مديرة المدرسة إن تلك الإجراءات تهدف إلى مساعدة الطلاب على الاندماج في المجتمع البريطاني. وذكرت المديرة أنها طلبت من الطلاب أن يرفعوا أيديهم إن كانوا يعتقدون أنهم بريطانيون، وأن قليلين منهم فعلوا.
وقد تعرضت المديرة إلى حملة منظمة وواسعة النطاق اتهمتها بالنازية وطالبت بإقالتها. ولم يكن ارتداء الحجاب والصيام سبب القلق الوحيد في المدرسة، فقد لوحظ أن الطلاب الذين يترددون على مدارس دينية خاصة بعد الدوام المدرسي يحضرون إلى المدرسة في اليوم التالي مرهقين.
وتقول سبيلمان أمام الحضور من رجال الدين الإنجيليين والمدرسيين “يجب أن يكون لمدراء المدارس الحق في وضع سياسات الزي المدرسي بطريقة يرونها مناسبة، من أجل تعزيز الوحدة والالتزام”.
وأضافت “من دواعي أسفي أن هذه المدرسة المتميزة قد تعرضت لحملة من الاعتداءات من قبل بعض العناصر داخل المجتمع. أريد أن أوضح مرة أخرى أن ‘أوفستيد’ ستدعم دائماً مدراء المدارس الذين يتخذون قرارات قاسية تصب في النهاية في مصلحة تلاميذهم”.
ودعت سبيلمان في كلمتها أيضا مدراء المدارس إلى فرض الفكر الليبرالي “بقوة” والدفاع عن القرارات التي يتخذونها، وطلبت منهم ألا يخافوا من موجة الانتقادات التي يتعرضون لها منذ قيام حملة التحقيق في المدارس الإسلامية غير القانونية في نونبر الماضي وأيضا بعد أن قام المفتشون الحكوميون باستجواب التلميذات اللاتي يرتدين الحجاب في المدارس واللاتي أعمارهن دون الأربعة أعوام.
وحذر حقوقيون بريطانيون من أن أطفالا في سن الرابعة يجبرون على ارتداء الحجاب في المدارس الإسلامية التي تمولها الحكومة البريطانية. ونقلت صحيفة “التايمز” عن سبيلمان قولها “إن مفتشي أوفستيد باتوا على اتصال دائم بأولئك الذين يرغبون في تشويه هدف التعليم. فهم، تحت ذريعة المعتقد يستخدمون المؤسسات التعليمية، القانونية وغير القانونية، لتضييق آفاق الصغار وعزلهم وفصلهم عن المجتمع، بل وليعلّموا هذه العقول الصغيرة أيديولوجيات التطرف”.
ورداً على ذلك، قال متحدث باسم المجلس الإسلامي البريطاني “نأمل أن تراجع سبيلمان نفسها قبل إصدارها تلك التصريحات والسياسات العلنية غير اللائقة عن المسلمين وإصرارها على اتهامهم بالتطرف والعنف”.
ورأى المتحدث “أن مثل هذا الخطاب الذي يتضمن عدوانية سيعزز بلا شك ردة الفعل السلبية التي سيتخذها العديد من أولياء الأمور المسلمين تجاه تدخلات أوفستيد”.
وأثار قرار نينا لال بحظر الحجاب جدلا واسعا في بريطانيا، وقالت لال إن الدين الإسلامي لم يطلب من الفتيات ارتداء الحجاب حتى سن البلوغ، ما جعلها تتعرض لانتقادات من أعضاء المجالس المحلية وأولياء الأمور الذين تقدموا بشكوى ورأوا أن قرار الحظر إقصائي تم من دون تشاور معهم.