مواقف المتشددين توسع الهوة بين الألمان والإسلام
فهم الإسلام يشهد ردة فعل عنيفة رغم برامج الحوار، وميركل تدعم تعديل قانون يشدد العقوبات ضد خطاب الكراهية.
صار من الصعب على المسلمين من دعاة الحوار مع الآخر أن يجدوا من يقتنع بالاستماع لهم في ضوء الصورة التي رسمها المتشددون عن الإسلام في ألمانيا التي تعتبر من أكثر الدول تسامحا مع أنشطة المسلمين. ووسعت تلك الصورة الهوة بشكل كبير بين الطرفين.
وأعلنت كاتايون أميربور، أول أستاذة للعلوم الإسلامية منذ 2011 في جامعة هامبورغ شمال ألمانيا، السبت أن برامج التنوير والحوار مع الإسلام لم تسهم بصورة فعلية في تغيير أنماط الفكر السائدة عنه في ألمانيا بصورة كافية، وأن هناك ردة فعل عنيفة تجاهه في الأوساط الثقافية.
وتنتقل البروفيسورة أميربور في الأول من أبريل المقبل للعمل في جامعة كولونيا غرب البلاد بعد أن كانت تعمل أستاذة للعلوم الإسلامية بجامعة هامبورغ.
وتعتبر أميربور المتزوجة من الناشر والكاتب الألماني المسلم نافيد كيرماني إحدى أهم الشخصيات الفكرية الإسلامية المثقفة في ألمانيا.
ووصفت أميربور النقاشات العلنية عن الإسلام داخل ألمانيا بأنها في وضع حرج. وأضافت أستاذة العلوم الإسلامية قائلة “الأمر يزداد سوءا، ويزداد عدوانية ورغبة في الجدل السفسطائي”.
وقالت إنه كان يمكن في الواقع أن ننتظر تحسن الحال بعد وضع برامج كثيرة عن الحوار والتنوير، “إلا أن الواقع يشير إلى وجود ردة فعل عنيفة يمكن إدراكها تجاه الإسلام”.
وعزا متابعون للشأن الإسلامي في ألمانيا ظهور ردات الفعل العنيفة في ألمانيا تجاه المسلمين إلى العمليات الإرهابية التي نفذتها ذئاب منفردة سواء على الأراضي الألمانية أو خارجا، وهو ما جعل المواطن الألماني ينظر بريبة إلى المسلمين وإلى الإسلام ذاته الذي يزعم المتطرفون أنهم يتمسكون بتعاليمه.
ويعتقد المتابعون أن المسلمين يحتاجون إلى تحرك أكثر قوة من جانبهم لعزل المتشددين والمساعدة في مكافحة أفكارهم التي تهدد باستقطاب أبناء الجالية، فضلا عن توسيع دائرة العداء لها.
ولا يخفي هؤلاء قلقهم من أن السلطات الألمانية تكتفي حاليا بمراقبة أنشطة العائدين من سوريا والعراق كمتشددين مفترضين ما قد يصرف الأنظار عن حقيقة أكبر، وهي أن الاستقطاب الأكثر خطورة تتولاه مجموعات موجودة بألمانيا منذ عقود والسلطات تسكت عن أنشطتها مثل جماعة الإخوان المسلمين، أو الأئمة المرتبطين بتركيا.
وتقوم هذه الشبكات بعمليات استقطاب واسعة للشباب، ونجحت عمليا في بناء مجتمعات صغيرة منعزلة داخل المجتمع الغربي، وتحصل على تمويل كبير يتم ضخه دون رقابة.
وزادت أنشطة المتشددين الإسلاميين من الضغوط المسلطة على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي جددت السبت استعدادها للنظر في تعديل قانون جديد يهدف إلى القضاء على خطاب الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن لاقى انتقادات واسعة النطاق.
ويستهدف هذا القانون الحد من العداء تجاه المهاجرين القادمين من سوريا والعراق وأفغانستان الذين صاروا مثار شكوك مستمرة بسبب أنشطة المتشددين الإسلاميين.
وبموجب القانون الذي بدأ سريانه في الأول من يناير يمكن فرض غرامة تصل إلى 50 مليون يورو (60.1 مليون دولار) على المواقع التي لا تزيل خطاب الكراهية على الفور مما يثير المخاوف من أن تحجب تويتر وفيسبوك وغيرهما من مواقع التواصل الاجتماعي محتويات أكثر من المطلوب.
وقالت ميركل في بث مصور أسبوعي عبر الإنترنت “بالطبع ندرس الآن تبعات هذا القانون وما يحدث وقطعا سنقيمه أيضا”.
وأضافت من دون الخوض في التفاصيل “قد نحتاج إلى إدخال تعديلات عليه لكن النهج الأساسي، المتعلق بحاجتنا لوضع قواعد، صحيح تماما وضروري”.
وتطبق ألمانيا قوانين صارمة في ما يتعلق بالتشهير والتحريض على ارتكاب جرائم والتهديد بالعنف وتصدر أحكاما بالسجن على من ينكرون المحرقة النازية أو يحرضون على الكراهية ضد الأقليات. لكن لم تصدر أحكام قضائية إلا في عدد قليل من القضايا المتصلة بالإنترنت.
وقالت ميركل إنه لا يوجد فراغ قانوني على الإنترنت وإن القانون الجديد يضمن أن تكون الشركات المشغلة للمواقع مسؤولة عن المحتوى الذي تنشره.
وتندد أحزاب المعارضة بالقانون وتقول إنه من الخطأ أن تتخذ الشركات الخاصة قرارات بشأن مدى قانونية المنشورات.
وتدعو صحيفة بيلد التي تتصدر مبيعات الصحف الألمانية إلى إلغاء هذا القانون حيث تقول إنه يخنق حرية التعبير ويحول السياسيين المناهضين للهجرة الذين تحذف منشوراتهم إلى أبطال.