إعادة تأهيل جهاديي أوروبا ضرب من العدمية
في غمرة الأعمال الإرهابية في أوروبا حدث نوع من الارتباك، أدى إلى انخداع المسؤولين ببعض وصفات سحرية تدعي منع تطرّف الشبان وإبراء من تطرّف منهم.
بعد تجارب متعددة في فرنسا وفي بلدان أوروبية أخرى وحتى في بلدان عربية وإن كانت تحت مسميات مختلفة، أصبح واضحا أنه ليس بالأمر البسيط، إن لم يكن ضربا من ضروب المستحيل محاولة، إبراء المتطرفين من تطرّفهم والجهاديين من جهادهم والإسلاميين عموما من إسلاميتهم.
ومنذ 2013 وكثيرون في فرنسا ينتهزون مسألة إعادة تأهيل وإبراء المتطرفين الإسلاميين ومنع من تظهر عليهم بعض علامات الميل إلى التطرّف وذلك بفتح مراكز ممولة بسخاء من أموال الخزينة العمومية الفرنسية.
وفي غمرة أعمال العنف الإرهابية التي مسّت أوروبا حدث نوع من الارتباك، وهو ما أدى إلى انخداع المسؤولين الفرنسيين وغيرهم ببعض وصفات سحرية تدعي منع تطرّف الشبان وإبراء من تطرّف منهم وقبل المسؤولون الفرنسيون اقتراحات بعض المتطفلين المتاجرين بالأزمات دون تمحيص كاف ودراسات متأنية.
وقد تبيّن في ما بعد فشل تلك المراكز ولم يكن بعضها سوى طريقة من طرق تبذير ونهب المال العام، وهو ما حدث مع صونيا إملول صاحبة مشروع “بيت الوقاية والعائلة” التي صدر حكم ضدها بأربعة أشهر سجن غير نافذة بتهمة اختلاس وتبييض أموال، هي التي قدّمت نفسها كمتخصّصة في التعامل مع التطرّف والمتطرّفين.
وقد أكد تقرير أعدّته عضوتان من مجلس الشيوخ الفرنسي فشل التجربة الفرنسية برمتها وطالبت فيه السيناتوريتان بإيقاف تلك المشاريع فورا لعدم فعاليتها. أما الباحث في الأصولية الإسلاموية دافيد طومسون صاحب كتاب عن الجهاديين الأوروبيين العائدين من سوريا والعراق، فيصف محاولات إبراء الجهاديين بالعملية العبثية. وليس هذا فحسب بل من المستحيل قياس درجة صدق حتى نية التائبين ويعطي أمثلة لكثيرين تمكّنوا من خداع السلطات القضائية وخرجوا من السجن ثم عادوا إلى تطرّفهم وإرهابهم.
ويتذكر المتابعون لظاهرة التطرّف في أوروبا حالة أسامة عطار الذي تجنّدت للدفاع عنه بعض وسائل الإعلام والجمعيات في بلجيكا من أجل إخراجه من السجن بشروط مبررين ذلك بأنه قد تغيّر ولم يعد يؤمن بأيديولوجيا الجهاد وهو ذاته قدّم نفسه كتائب يعاني من المرض وبعد استفادته من الحملة الإعلامية ثم الخروج المسبق من السجن، عاد ثانية إلى الجهاد في سوريا وكان من بين المنسقين لعمليات 13 نوفمبر 2015 الإرهابية بباريس.