العدالة والتنمية المغربي يستعد لإطلاق حوار لعلاج خلافاته

الاحتقان يدفع العثماني لحل فرع الحزب في منطقة المحمدية، والخلافات داخل بيت الإسلاميين سيكون لها تأثير سياسي كبير على حيوية الحزب في العلاقة مع المواطنين وفي التدبير الجماعي.

مازالت الخلافات متواصلة داخل حزب العدالة والتنمية المغربي رغم مرور نحو سنة على نشوبها وتغيير الأمين العام للحزب.

ودفعت الخلافات سعدالدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، لاتخاذ قرار بحل الحزب على مستوى إقليم المحمدية مع استثناء الأعضاء من هذا القرار.

ورجحت صحيفة محلية نشرت الخبر قرار العثماني لرغبة في التخلص من التيار الذي كان محسوبا على الأمين العام السابق للحزب.

ومن المنتظر أن يطلق حزب “العدالة والتنمية” المغربي (قائد الائتلاف الحكومي) حوارا داخليا، في أبريل المقبل، لترميم الحزب من الداخل عبر توحيد الرؤى، بعد سلسلة من الخلافات، منذ إعفاء عبدالإله بن كيران، من مهمة تشكيل الحكومة.

ووسط إجماع كبير على ضرورة إطلاق الحوار السياسي، وافق المجلس الوطني خلال دورته الأخيرة يومي 20 و21 يناير الجاري، على ورقة منهجية لتدشين الحوار تقدمت بها الأمانة العامة للحزب.

وتعود بداية الانقسام داخل الحزب الإسلامي إلى إعفاء العاهل المغربي الملك محمد السادس، لبن كيران من مهمة تشكيل الحكومة، في 16 مارس 2017.

وشكل القيادي في الحزب، سعدالدين العثماني، الحكومة بمشاركة أحزاب كان بن كيران يرفض مشاركتها، وتحميلها مسؤولية عدم تشكيله الحكومة.

وانقسم الحزب بين مؤيد لحصول بن كيران على ولاية ثالثة على رأس الحزب عن طريق تغيير قوانين الحزب، وبين معارض لهذا التمديد.

وميّز متابعون بين تيارين داخل “العدالة والتنمية” وُصِفَا إعلاميا “بتيار بن كيران”، المؤيد للولاية الثالثة، وتيار “الاستوزار”، كناية عن مسؤولين وقيادات حزبية أحنت رأسها للعاصفة، وراهنت على البقاء في الحكومة بأي ثمن.

وكان المؤتمر الوطني الثامن للحزب، في دجنبر الماضي، والذي أطاح ببن كيران وعوضه بالأمين الجديد العثماني، خرج بدعوة لفتح “حوار سياسي داخل مؤسسات الحزب من أجل قراءة جماعية للمرحلة، وترسيخ ثقافة سياسية مشتركة في التعاطي مع المتغيرات، وتقييم شامل للمرحلة”.

لا يمكن تجاوز الخلافات إلا برجة سياسية تستهدف الحكومة، إما بتحمل العثماني كامل مسؤوليته في الصراحة بشأن ما حدث ويحدث في تدبير الحكومة، وإما تقديم استقالته
واعتبر بلال التليدي، عضو المجلس الوطني للحزب، أن “العدالة والتنمية لا يمتلك أي قراءة جماعية ولا أي تشخيص موحد، وما يمتلكه اليوم هو قيادة واتفاق على آلية الاحتكام إلى الديمقراطية الداخلية”.

لكنه رأى أن “هناك توازنا قويا في مراكز القيادة، بالنظر إلى تركيبة الأمانة العامة والمجلس الوطني، وهو ما سيدفع نحو حوار يسير في اتجاه متوازن”.

وذهب التليدي إلى أن “حدة الخلاف ستخف، بفضل أثر الديمقراطية الداخلية، وأيضا بسبب المؤشرات الخارجية التي تدفع نحو تقليص الخلاف”.

ومن تلك المؤشرات الخارجية “ما يتعلق بالحراك في المغرب والديناميات الجارية في النسق السياسي وعلى المستوى الإقليمي والدولي”.

وقدم مدير الحزب عبدالحق العربي، الأسبوع الماضي، استقالته دون أن يبين أسبابها.

وعن عدم إعلان العربي أسباب استقالته، أفادت تقارير إعلامية بأنه رفض بعض قرارات الحزب الجديدة.

ويرى شق من الحزب أنه لا يمكن تجاوز الخلافات إلا برجة سياسية تستهدف الحكومة، إما بتحمل العثماني كامل مسؤوليته في الصراحة بشأن ما حدث ويحدث في تدبير الحكومة، وإما تقديم استقالته.

كما يدعو إلى عقد مؤتمر استثنائي للحزب يعيد بن كيران إلى الأمانة العامة، باعتبار كارزميته وزعامته وكونه جسرا بين الحزب والمجتمع.

و يتضمن الحوار داخل “العدالة والتنمية” عقد لقاءات وندوات على المستوى المركزي والجهوي (المحافظات)، بهدف قراءة المرحلة السياسية السابقة بكل تفاصيلها، والبحث في المشروع الإصلاحي للحزب عامة. كما يتضمن نقاشا لمساءلة التصورات والمنطلقات التي ينطلق منها الحزب وتجديدها بما يتلاءم وتحديات المرحلة.

ويقول أستاذ القانون والعلوم السياسية بجامعة الحسن الأول، في سطات، عبدالحفيظ اليونسي إن “الخلافات داخل بيت الإسلاميين سيكون لها تأثير سياسي كبير على حيوية الحزب في العلاقة مع المواطنين وفي التدبير الجماعي (البلديات)، ولكن لن يكون لها تأثير على وحدة الحزب او استقرار الحزب وعلى أدائه الداخلي”.

واعتبر اليونسي أن الحوار الذي سيباشره الحزب هو “إجابة معقولة لأزمة تلوح في الأفق ولا تمس البنية التنظيمية للحزب، وإنما تمس حيويته وأداءه في المجتمع”.

ومضى قائلا إنه “منذ حالة البلوكاج (تعثر تشكيل الحكومة في عهد بن كيران) ظهر اختلاف حقيقي وسط حزب الإسلاميين بخصوص تقدير المرحلة وما يترتب عليها”.

لكنه رأى أن هذا الخلاف هو “اختلاف في التقديرات واختلاف وجهات النظر في تقييم المرحلة السياسية وفي خطة العمل المستقبلية”.

وتابع “أما من حيث الاستراتيجية وقواعد العمل السياسي فهناك اتفاق على أساسياته، خاصة ما يتعلق بالإيمان بالعمل من داخل المؤسسات، والتدرج في التغيير، والبحث عن المشترك مع الفرقاء”.

وشدد على أنه “لا بد من استحضار أن العدالة والتنمية هو حزب سياسي ذو مرجعية إسلامية وله مقاربته في ما يتعلق بتدبير الاختلاف والخلاف، وجل أعضائه الفاعلين والقياديين أتوا من الحركة الإسلامية”.

وحسب قراءة اليونسي فإن “هذه الاختلافات سيكون لها تأثير سلبي في ما يتعلق بالمرحلة المقبلة”.

وأضاف”لا ننسى أن الحزب وهو يعيش هذه الاختلافات فهو يؤلف أعضاء الحكومة، وفي كل تجارب العالم الحزب الذي يؤلف الحكومة دائما يتضرر

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: