سمعة قطر في فرنسا على المحك
فرنسية تكسب دعوى تحرش ضد سفارة قطر بباريس وسط تزايد الشكوك بشأن اختراق قطري للشأن الفرنسي من بوابة الاستثمارات.
لا تكاد متاعب الدبلوماسية القطرية في باريس تتوقف بسبب سلسلة من الفضائح تتراوح بين التحرش الجنسي لموظف بالسفارة القطرية، وبين قضايا مثارة بشأن رشى قد تكون الدوحة قدمتها للحصول على دعم فرنسا للفوز باحتضان كأس العالم لكرة القدم 2022، فضلا عن عروض باستثمارات كبرى تثير الشكوك حول اختراق قطري للشأن الفرنسي.
وآخر الفضائح القطرية أكدتها محكمة العمل في باريس التي قضت بتغريم السفارة القطرية بـ100 ألف يورو جبرا للضرر الذي لحق المساعدة الخاصة السابقة للسفير القطري في العاصمة الفرنسية، بعد فصلها التعسفي إثر رفضها الخضوع للتحرش والابتزاز الجنسي المسلط عليها من قبل سكرتير في البعثة الدبلوماسية القطرية.
وكسبت الشابة الفرنسية، واسمها تيريزا، الدعوى التي أقامتها ضد السفارة القطرية لدى محكمة العمل، بعد الاستظهار بالعشرات من الرسائل النصية التي وصلتها على هاتفها المحمول والرسائل الإلكترونية التي وجهها لها سكرتير السفارة بما فيها الرسائل الفاضحة التي قالت صحيفة “لوباريسيان” الفرنسية إنها قد اطلعت عليها.
وقالت الصحيفة إن تيريزا تبلغ من العمر 28 سنة، وقد انتدبت للعمل في السفارة في 2014 نظرا لمستواها العلمي المميز باعتبارها خريجة جامعة السوربون وحاصلة على شهادة ماجستير في الجغرافيا السياسية وإتقانها بطلاقة خمس لغات.
تغريم السفارة القطرية بـ100 ألف يورو لجبر الضرر الذي لحق بموظفة طردت تعسفيا وتم التحرش بها
وبحسب السفارة، فقد انتهى عمل تيريزا رسميا بعد أقل من سنتين في 2016 بشكل تعسفي بتعلة رفضها “تحويل مكالمة هاتفية إلى رئيسها المباشر”. ولكن المعنية بالأمر لديها روية أخرى للحادثة إذ تؤكد أن الطرد تم لرفضها التحرش والابتزاز الجنسي من رئيسها في العمل الذي اكتفت بنعته بالسيد “ت”.
وتقول تيريزا “منذ انتدابي كان يهتم بجسدي أكثر من اهتمامه بعملي المنجز″، مضيفة استمراره في مضايقتها والتعبير عن رغباته الجنسية تجاهها. ولكن رفضها المتواصل حمله على القول “لا تعرفين ماذا فوتي على نفسك فمي يصنع المعجزات”.
وتؤكد أنه “لو قبلت ما طلب مني لما كنت قد فصلت من العمل”.
وأوردت الصحيفة الفرنسية أن الموظفة المطرودة من السفارة القطرية قد تقدمت بدعوى أخرى ضد دبلوماسي آخر من السفارة نفسها “حاول تقبيلها عنوة” عندما كانا معا في المصعد، وذلك بالتوازي مع إجراءات محكمة العمل بباريس ضد السيد “ت”.
وكانت تيريزا قد تقدمت بدعوى مدنية في سبتمبر الماضي، وبعد تعطيلات كثيرة في البداية بسبب قلة الأدلة والقرائن، قبلت النيابة العامة الخريف الماضي فتح تحقيق جنائي في الغرض بانتظار البت النهائي في الوقائع.
ويقول محامي الموظفة الفرنسية إنه مهما كانت النتائج التي ستتمخض عنها القضية، فإن “تيريزا قد كُسرت جراء هذه الحادثة ودُمر مسارها الوظيفي بسبب هذه القضية، وهي الآن بصدد البحث عن عمل ولكن دون جدوى بعد أن أرسلت سيرتها الذاتية العديد من المرات دون أن تحظى بفرصة عمل”.
وأضاف أنها “تدفع ثمن شجاعتها ورغبتها في الدفاع عن نفسها غاليا ولكن العدالة أنصفتها”.
ويقول مراقبون إن مخلفات هذه الحادثة ستعيد إلى الأذهان الضجة التي أحدثتها رسالة الفرنسي جان بيير مارونجي، وهو رجل أعمال مسجون في قطر منذ ست سنوات بسبب تحايل شريك قطري ينتمي إلى العائلة الحاكمة استغل نفوذه للزج به في السجن، وفق ما ذكر موقع دوريوز. إينفو”.
وكتب مارونجي “أنا مسجون فرنسي في قطر، وأعاني من سوء المعاملة والتعذيب بعدما اتهمت ظلما من قبل النظام القطري.. وضعوني مع القتلة ومدمني المخدرات في كتلة من العفن، ليس لدي مكان للنوم، (داعش) هنا معي في نفس الزنزانة”.
ويتوقع المراقبون أن تزيد حادثة التحرش بتيريزا من الأصوات الرافضة للتعاون القطري الفرنسي، خاصة ما تعلق بالتسهيلات التي تقدم للاستثمارات القطرية، والتي قوبلت في السنوات الأخيرة برفض في أوساط الطبقة السياسية.
وكانت الحكومة الفرنسية وافقت في 2012 على تمويل قطر لمشاريع اقتصادية في الضواحي الفرنسية (50 مليون يورو). لكن هذه الخطوة قوبلت بشكوك واسعة بسبب الخشية من وصول الأموال إلى جماعات إسلامية متشددة لقطر علاقات قوية معها مثل جماعة الإخوان المسلمين، وأن تلك الاستثمارات قد تكون غطاء لتدخل قطري في الشأن الفرنسي الداخلي.
واشترت قطر مجموعة من الفنادق الفخمة في فرنسا. كما اشترت فريق باريس سان جرمان لكرة القدم وكرة اليد واستقطبت لاعبين ذوي شهرة عالمية، وأحدثت الأموال التي أنفقتها لشراء نجم كرة القدم البرازيلي نيمار ردود فعل غاضبة لعدم التزامها بقواعد اللعب النظيف.
وتجري فرسنا تحقيقات قضائية بشأن اتهامات تتعلق بدعم الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي فوز قطر بتنظيم مونديال 2022 مقابل الاستفادة من صفقات مالية ضخمة.