الحزب الاشتراكي الموحد في المغرب يبحث استراتيجية وقيادة جديدتين
نسبة كبيرة من القيادات تود بقاء نبيلة منيب على رأس الحزب الاشتراكي الموحد لأنه لا يوجد بديل متوفر ولأنها تمثل نموذج المرأة المغربية القيادية.
افتتح الحزب الاشتراكي الموحد مؤتمره الرابع الجمعة في الرباط ليتواصل على ثلاثة أيام بمشاركة 900 عضو من الحزب. ومن المنتظر أن يحسم المؤتمر في عدة قضايا وعلى رأسها منصب الأمين العام للحزب الذي تشغله حاليا نبيلة منيب.
وقالت منيب، في كلمتها الافتتاحية، إن “اليسار المغربي مطالب اليوم برصّ صفوفه للاستجابة للمطالب التي تنادي بها التحركات الاحتجاجية”. كما انتقدت منيب حكومة سعدالدين العثماني، واصفة إياها بـ”حكومة تصريف أعمال التي تفتقر إلى القدرة على محاربة الفساد المستشري في دواليب الدولة”.
وهاجمت الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، في كلمتها، الإسلاميين قائلة إن اليسار مطالب باستعادة دوره في المجتمع حتى لا يترك المكان أمام اليمينيين المتطرفين “لاستغلال الدين من أجل الوصول إلى السلطة”، معتبرة أنهم لا يؤمنون لا بالديمقراطية ولا بالمساواة.
وأكد عبدالمنعم لزعر، الباحث في العلوم السياسـية والقانون الدستوري، أن هناك مؤشرات تجعل للمؤتمر الرابع للحزب طبيعة خاصة: أولها الفراغ المرجعي الذي باتت تعرفه الساحة السياسية، وثانيها تراجع صورة حزب العدالة والتنمية على مستوى تفاعل الرأي العام مع دائرة السلطة.
وحضر الجلسة الافتتاحية مصطفى البراهمة الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي، ونبيل بن عبدالله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، بالإضافة إلى نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال والكاتب الأول السابق للاتحاد الاشتراكي محمد اليازغي.
ورفع البعض من المنتمين للتيار اليساري شعار”ارحل” في وجه قيادات الحزبين اليساريين التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المشاركين في الحكومة.
واتهم علي بوطوالة، عضو فيدرالية اليسار، الحزبين ذوي المرجعية اليسارية “بالمساهمة في الردة الحقوقية التي يعيشها المغرب خلال هذه الفترة والتي تواجه فيها المطالب الشعبية بالاعتقالات والتعنيف”.
وقال مراقبون إن الشعارات التي تم إطلاقها في الجلسة الافتتاحية للحزب قد تؤثر على وجود الحزب ضمن عائلته اليسارية ومن شأنها أن عرقل اندماجه في مبادرة يسارية كبيرة.
هناك تياران داخل الحزب: الأول يسعى لتجديد ولاية نبيلة منيب والثاني يريد التغيير. لكن مراكز الثقل تميل نحو استمرار الأمينة العامة الحالية في منصبها لتفادي تشتيت الحزب
واعتبر هؤلاء أن شروط الاندماج بين مكونات فيدرالية اليسار ليست كاملة، في ظل عدم وصول مشروع الحزب المجتمعي والسياسي إلى عمق المجتمع المغربي.
والحزب الاشتراكي الموحد هو أحد الأحزاب اليسارية الثلاثة المشكلة للتحالف السياسي، “فيدرالية اليسار الديمقراطي”، إلى جانب حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، التي تأسست مطلع 2014.
ويقول مراقبون كيف تستقيم الدعوة إلى اندماج كلي بين أحزاب الفيدرالية في ظل اختلافات كبيرة في وجهات النظر حول مجموعة من القضايا الجوهرية، منها كيفية انتخاب الأمين العام والحوار مع الإسلاميين والاندماج.
وطالبت منيب بقراءة نقدية لتجربة اليسار واستخلاص الدروس. كما دعت إلى ضرورة اندماج مكونات فيدرالية اليسار تمهيدا لتوحيده في أفق تجاوز التناقضات.
وعادت الأمينة العامة إلى مطالبها القديمة بملكية برلمانية. وأوضحت منيب أن حزبها يمتلك مشروعا سياسيا، إلى جانب رفاقها في فيدرالية اليسار، بإمكانه المساهمة في تحقيق التغيير الديمقراطي الذي طال انتظاره.
واعتبر عبدالعالي بوطوالة، الكاتب الوطني لحزب الطليعة، أن الحكومة مسؤولة عن تأجيج الأوضاع عبر نهج سياسة القمع والاعتقال والتضييق على الجمعيات الحقوقية. ودعا إلى توحيد جهود اليسار من أجل تحقيق مشروع الملكية البرلمانية، وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وخلال الانتخابات التشريعية، التي جرت في أكتوبر 2016، حصلت فيدرالية اليسار الديمقراطي على مقعدين بالبرلمان من أصل 395.
وأكد لزعر أن الحزب الاشتراكي الموحد مازال يبحث عن المخاض الانتخابي الذي يمكنه من فرض نفسه كقوة انتخابية وازنة.
وأوضح “بحسب نتائج استحقاق أكتوبر 2016 احتل الحزب الصف التاسع من حيث الأصوات بنسبة 2.83 بالمئة، لذلك فأول رهان على هذا المؤتمر هو تغذية وإعادة إسناد الاستراتيجيات المؤمنة للعبور نحو فضاء المشهد الانتخابي”.
وتقدم الفيدرالية على أنها البديل اليساري المقبل داخل المشهد السياسي المغربي، وراهنت على مواجهة التيار الإسلامي ممثلا في حزب العدالة والتنمية.
ويقول متابعون إن قيادات الحزب الاشتراكي الموحد وأنصاره لم يخرجوا بعد من إطار سياسي يبتعد عن الواقع ولم يقدموا بدائل سياسية واجتماعية واقعية.
وتقول مصادر من داخل الحزب إن هناك نسبة كبيرة من القيادات تود بقاء نبيلة منيب على رأس الحزب الاشتراكي الموحد، لأنه لا يوجد بديل متوفر ولأنها تمثل نموذج المرأة المغربية القيادية.
ويرى لزعر أن هناك تيارين: الأول يدعم مطلب التجديد والثاني يدعم مطلب القطيعة. واستدرك “لكن مراكز الثقل داخل الحزب، مدعومة بالنائبين في البرلمان، اعتقد بأنها تميل نحو التجديد للقيادية الحالية لتفادي تشتيت الحزب”.