الحكومة المغربية تعيد النظر في الاتفاقيات مع 56 دولة بعد تعويم الدرهم

تعتزم الحكومة المغربية إعادة النظر في عدد من الاتفاقات التجارية الحرة التي تربطه مع نحو 56 دولة، في خطوة مرتبطة ببرنامج التحرير التدريجي لصرف العملة المحلية الدرهم، بهدف معالجة الخلل في الميزان التجاري وزيادة الصادرات الصناعية وتحسين سوق العمل.

وأكدت مصادر رسمية أن السوق المغربية تواجه اكتساح سلع أجنبية قليلة الجودة ومنافسة للإنتاج المحلي بما يعرف بتجارة الإغراق، خصوصاً في قطاع النسيج والملابس وبعض المواد الاستهلاكية، ما أدى إلى إفلاس العشرات من الشركات المغربية وإقفالها، والتي كانت توظف مئات العمال خصوصاً النساء.

وكشفت المصادر أن المرحلة الأولى ستشمل وقف العمل بجزء من تلك الاتفاقات، أبرزها اتفاق المنطقة التجارية الحرة مع تركيا لمدة تتراوح بين 10 أشهر وسنة، ومراجعة النواقص التي تعتري الاتفاق الموقع عام 2004.

وتواجه صناعة النسيج والملابس والسجاد والأحذية والأغذية منافسة غير متكافئة مع الواردات التركية التي تستفيد من قواعد المنشأ في مجال الإعفاء الجمركي. وتنتشر المحال التي تبيع المنتجات التركية في معظم المدن المغربية، وحتى داخل الأحياء والمناطق المأهولة بالسكان.

وأوضحت المصادر ، أن الحكومة استجابت لشكاوى ومطالب تقدمت بها جمعيات الملابس والنسيج المغربية المتضررة من تجارة الإغراق التركية.

وكانت الرباط قد لجأت إلى اعتماد بعض الحماية الجمركية في وجه واردات الحديد والسيراميك وبعض مواد البناء الإسبانية والإيطالية لحماية المنتج المحلي. وتعتقد الحكومة أن تحرير التجارة الخارجية، بات يهدد سوق العمل المحلية ويستنزف الاحتياط النقدي، بسبب ارتفاع الميزان التجاري الذي قدره المسؤول الحكومي بنحو 20 مليار دولار سنوياً.

وأشارت المصادر إلى أن الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة الموقع عام 2006، لم يحقق أهدافه في اختراق السوق الأمريكية، التي تضع شروطا وعراقيل أمام الصادرات المغربية خصوصا الزراعية والملابس والعطور والزيوت.

وأضافت: “كنا نتوقع ازدياد قيمة الاستثمارات الأميركية وتستفيد من القرب الجغرافي للمغرب من الأسواق الأوروبية والأفريقية والعربية، لكن حجم الصادرات بقي ضعيفا قياسا إلى فترة الانتظار، وربما يؤدي خفض الضرائب على الشركات الأميركية إلى الإحجام عن الاستثمار خارج الولايات المتحدة والعودة للاستفادة من حوافز الجباية”.

ويرتبط المغرب بنحو 56 اتفاقا تجاريا، معظمها مع دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتركيا ودول إعلان أكادير، والتشيلي، ويسجل عجزا تجاريا مع معظمها.

وأشارت دراسة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى أن الاقتصاد المغربي مُعولم بنسبة تقارب 70 في المئة، وتنامي الطلب الداخلي على السلع الخارجية وصل إلى 64 في المئة، بينما تقدر السلع الوسطى الداخلة في المنظومة الإنتاجية بحسب الفروع بنحو 78 في المئة للنسيج والملابس، و82 في المئة للصناعات المعدنية والميكانيكية والكهربائية، و59 في المئة للصناعات الكيماوية، ما يفسر أن التنويع الإنتاجي للاقتصاد المغربي يبقى ضعيفاً وأدنى من المعدل المسجل في الدول الصاعدة مثل تركيا وكوريا الجنوبية والتشيلي، إذ لا تتجاوز نسبة صادرات المغرب 42 منتجا لكل مليون نسمة مقابل 55 في تركيا و160 في ماليزيا.

ويسعى المغرب إلى تقليص وارداته غير الضرورية من السلع المتدنية الجودة والشديدة المنافسة، والتركيز على الواردات الإستراتيجية الداخلة في الإنتاج والتصنيع أو مواد الطاقة والآليات والتكنولوجيات للبنية التحتية والطاقات المتجددة والحاجات الموسمية.

ويقُدر عجز الميزان التجاري بنحو 96 مليار درهم تساوي 10 مليارات دولار وذلك حتى نونبر  الماضي، بينما قدرت الواردات بنحو 432 مليار درهم تساوي 45 مليار دولار والصادرات بنحو 335 مليار درهم تساوي نحو 34.9 مليار دولار.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: