الخلاف يدب في جنوب أوروبا على توطين اللاجئين
إلتقى قادة سبع دول من جنوب الاتحاد الاوروبي الأربعاء في روما، لتأكيد وحدة صفهم والبحث مرة جديدة في موضوع الهجرة الذي يطرح تحديا على العديد منهم، في ظل رفض بعض دول الشرق الأوروبي قبول الحصص الالزامية لتوطين اللاجئين المقترحة من قبل المفوضية الأوروبية.
يأتي موضوع الهجرة في طليعة جدول أعمال قمة روما، التي يشارك فيها قادة سبع دول وهي إيطاليا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال واليونان وقبرص ومالطا، من أجل إيجاد مخرج يرضي جميع الأطراف لمأزق إعادة توطين اللاجئين.
وتعتبر هذه القمة المصغرة رابع لقاء من نوعه بعد القمة المصغرة الأولى التي عقدت في شتنبر 2016 بمبادرة من رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس وتلتها قمتان، العام الماضي، في لشبونة ومدريد.
وشكل العام الماضي بالنسبة إلى إيطاليا منعطفا، إذ انتقل هذا البلد من تدفق متزايد للمهاجرين في النصف الأول إلى بدايات هجرة انتقائية، حيث اضطرت السلطات إلى عقد اتفاقات في ليبيا أثارت جدلا غير أنها لقيت ترحيبا أوروبيا، بعد أن قلصت أعداد الوافدين إلى 119 ألف مهاجر، بتراجع 35 بالمئة عن العام الماضي.
وفي إسبانيا ارتفع عدد المهاجرين الوافدين إلى سواحل البلاد مع انضمام جزائريين ومغاربة إليهم، ليصل إلى حوالي 23 ألف مهاجر، السنة الماضية، بالمقارنة مع ستة آلاف عام 2016، فيما أدى الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا إلى خفض عدد المهاجرين الوافدين إلى اليونان.
وبالتوازي مع ذلك، تراجع عدد القتلى والمفقودين من المهاجرين عبر البحر المتوسط من نحو 5 آلاف عام 2016 إلى 3116، العام الماضي، قضى معظمهم قبالة سواحل ليبيا، حيث يبقى معدل الوفيات مستقرا نسبيا عند مهاجر واحد لكل أربعين. وتعد اليونان أكثر من خمسين ألف مهاجر ولاجئ يتكدس 14 ألفا منهم في المخيمات المكتظة في جزر بحر إيجة، فيما توقفت إيطاليا عن الإعلان عن أعداد طالبي اللجوء الذين تؤويهم في مراكز الاستقبال على أراضيها.
وكانت آخر أعداد متوافرة تقارب مئتي ألف مهاجر في الربيع، ما يؤجج مشاعر الحذر والريبة المتبادلة ويعزز حجج الأحزاب اليمينية المتطرفة، مع اقتراب الانتخابات التشريعية في مارس القادم.
وقال وزير المالية الإيطالي بير كارلو بادوان “لم يعد بوسع إيطاليا أن تستمر في دفع الثمن عن الجميع، سواء على الصعيد المالي أو على صعيد المجهود السياسي”. فيما دعا وزير الداخلية ماركو مينيتي الاتحاد الأوروبي إلى المشاركة في “الشق الإنساني من سياسة الهجرة الإيطالية”.
وقبل ثلاثة أيام من عيد الميلاد، كانت إيطاليا أول بلد يستقبل مجموعة من 162 لاجئا من اليمن وإثيوبيا والصومال، حيث من المقرر، بحسب مينيتي، أن تستقبل إيطاليا هذه السنة عشرة آلاف مهاجر آخر، بشرط أن يتم توزيعهم على دول الاتحاد.
وفي ظل هذه الظروف، تتمسك دول جنوب الاتحاد الأوروبي بالدعوة إلى توزيع أفضل لأعباء الهجرة داخل التكتل، حيث تطالب أثينا، بشكل متكرر، بضم العراقيين والأفغان إلى إجراءات إعادة التوزيع.
ودعت اليونان الثلاثاء، الاتحاد الأوروبي إلى إدخال أفغان في وضع “هش” والقاصرين غير المصحوبين في خطة الاتحاد الأوروبي لإعادة توزيع اللاجئين، التي ترفضها دول في شرق القارة.
وبموجب هذه الخطة الأوروبية الإلزامية، نقل نحو 30 ألف لاجئ، غالبيتهم من السوريين، من اليونان وإيطاليا إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، فيما لا يزال العدد أقل بكثير من العدد المستهدف البالغ 160 ألف لاجئ.
وأشارت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، ومنظمة الهجرة الدولية ووزير الهجرة اليوناني يانيس موزالاس إلى وجود “صعوبات” و”مقاومة” من قبل مجموعة فيجغراد، المكونة من تشيكيا والمجر وبولندا وسلوفاكيا، أعاقت جهود إعادة التوزيع.
وقال موزالاس إن “تضامن أوروبا التزام قانوني”، حيث وقع الاتحاد الأوروبي مع الحكومة الأفغانية اتفاقا عام 2016 يسمح بترحيل دوله للاجئين الذين لم يمنحوا صفة اللجوء.
وأعلن متحدث باسم المفوضية الأوروبية ديميتريس افراموبولوس، في وقت سابق، أن الاتحاد الأوروبي يعتزم البت في فرض عقوبات على بولندا بتفعيل المادة السابعة من اتفاقية الاتحاد، بسبب رفضها قبول حصة من اللاجئين، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ تأسيس التكتل الأوروبي.
وكانت المفوضية الأوروبية قد هددت، في وقت سابق، بفرض عقوبات مالية على بولندا وهنغاريا في يونيو المقبل، إن واصلتا رفضهما قبول حصة من اللاجئين في إطار سياسة الاتحاد لإعادة التوطين. وقال وزير الخارجية البولندي فيتولد فاشيكوفسكي “نحن لا نقبل مثل هذا الابتزاز ولا نقبل الطرح القائل إنهم يمكن أن يقطعوا عنا المساعدة المالية الأوروبية إذا لم نبد التضامن ونقبل اللاجئين”.
وأشار إلى أن المساعدات المذكورة تمنح للدول الضعيفة اقتصاديا لأنها تفتح أسواقها أمام الدول القوية اقتصاديا وأمام الدول الكبيرة في غرب أوروبا.
وأضاف “ليس من الضروري توطين اللاجئين رغما عن رغباتهم، الناس الذين يفرون من الحرب في سوريا أو من مناطق يفضلون التوجه إلى ألمانيا وبلجيكا وأستراليا والسويد، لأنهم في هذه البلدان يحصلون على دعم مادي أكبر”.
وأمام إصرار المفوضية الأوروبية على معاقبة بولندا في صورة عدم قبولها بتوطين لاجئين، تراجع موقف وارسو من الرفض القاطع لاستقبال لاجئين إلى الحديث عن استقبال بحسب رغبة الوافدين الجدد لا عنوة.
واقترحت المفوضية الأوروبية إصلاح قواعد اللجوء في الاتحاد الأوروبي، وتشمل فرض عقوبات مالية على الدول التي ترفض استقبال حصتها من طالبي اللجوء في الاتحاد.
وتخطط الهيئة التنفيذية الأساسية في الاتحاد الأوروبي لفرض غرامة مالية تصل إلى 290 ألف دولار لكل فرد يتم رفض استقباله كلاجئ. وتريد المفوضية تعديل نظام اللجوء الذي يعاني من ضغوط كبيرة بسبب تدفق المهاجرين، في خطوة تتطلب دعما من غالبية الدول الأعضاء بالاتحاد وكذلك غالبية أعضاء البرلمان الأوروبي.
ويأمل مسؤولون أوروبيون في خفض حدة التوترات داخل الكتلة الأوروبية بشأن الهجرة، في الوقت الذي نجح فيه الاتفاق مع تركيا في خفض أعداد المهاجرين.