هل سترحل ألمانيا اللاجئين بعد إمساك الأسد بزمام الأمور
نشرت صحيفة “فيلت” الألمانية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على اللاجئين السوريين في ألمانيا.
فبعد هزيمة تنظيم الدولة وسيطرة نظام الأسد على أغلب المناطق في سوريا بمساعدة القوات الروسية، يرى المراقبون أن الوضع في سوريا أصبح آمنا.
والجدير بالذكر أن قرابة 700 ألف سوري فروا إلى ألمانيا منذ سنة 2011. وفي الوقت الحالي، تدرس السلطات في ألمانيا أوضاع اللاجئين من أجل ترحيل بعضهم إذا لزم الأمر.
وقالت الصحيفة في تقريرها ، إن “السياسيين في ألمانيا يتعرضون لضغوط كبيرة من أجل النظر في إمكانية إعادة اللاجئين إلى سوريا”.
وفي السياق ذاته، يقول مصطفى حمداني، وهو سوري يعمل في أحد مجالس المدن الألمانية، إن العديد من السوريين يرغبون في العودة إلى بلادهم نظرا لأن الوضع في ألمانيا مختلف عما كان الكثيرون يتوقعونه.
وأفادت الصحيفة أن أوضاع السوريين في ألمانيا سيئة، فالعديد منهم يعيش في بؤس ويعانون من أزمات مالية.
وفي هذا الصدد، أكد حمداني أن “أغلب هؤلاء يدفعون قرابة 1000 دولار للمهربين من أجل مساعدتهم في العودة إلى سوريا”.
وأكدت الصحيفة أنه وفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، يوجد قرابة 440 ألف نازح سوري عادوا إلى مدنهم وقراهم بعد نهاية الحرب الأهلية في سوريا خاصة بعد بسط قوات الأسد سيطرتها على أغلب المناطق السورية. بالإضافة إلى ذلك، عاد حوالي 300 ألف سوري، فروا إلى دول متاخمة لسوريا بسبب الحرب.
وأشارت الصحيفة إلى أن مطالبة بعض السياسيين بترحيل السوريين أمر غير منصف بالمرة، فسوريا حتى الآن ما زالت غير آمنة. وفي هذا الصدد، أردف حمداني أن “المطالبين بترحيل السوريين يسعون لكسب معركة سياسية”.
وفي السياق ذاته، طالبت حكومة ولايتي بايرن وساكسونيا عدم تمديد العمل بقانون “وقف ترحيل اللاجئين السوريين” بعد منتصف سنة 2018، بهدف دراسة الوضع الأمني في الولايتين. ومن جهته، وافق رئيس مدينة “لايبزيغ” في بداية دجنبر على تمديد العمل بالقانون حتى نهاية سنة 2018.
من جهة أخرى، طلب وزراء الولايات من الحكومة الاتحادية تقديم تقرير عن الوضع الأمني في سوريا، على غرار التقرير الذي قدمته وزارة الخارجية الألمانية عن أفغانستان في غشت الماضي.
وأبرزت الصحيفة أن تقييم الوضع في سوريا صعب للغاية، ويرجع ذلك إلى أن ألمانيا أغلقت سفارتها في دمشق، وتراقب في الوقت الحالي الوضع في سوريا من خلال سفارتها في بيروت. ولذلك، سيعتمد التقرير النهائي الذي ستقدمه وزارة الخارجية على العديد من التقارير من داخل ألمانيا وخارجها.
وأوضحت الصحيفة أن السوريين الذين قضوا في ألمانيا أكثر من ثلاث سنوات يستطيعون البقاء في ألمانيا للأبد، بشرط تعلم اللغة الألمانية وأن يكونوا قادرين على العمل. وتجدر الإشارة إلى أن هناك قرابة 290 ألف سوري حصلوا على حق الحماية في ألمانيا خلال سنة 2016، وإذا ما تم تمديد قانون “وقف ترحيل اللاجئين السوريين” إلى غاية سنة 2019، سيتمكن هؤلاء من البقاء في ألمانيا.
وأكدت الصحيفة أن صعود حزب البديل اليميني المتطرف كان قائما على استخدامه ورقة اللاجئين، ومحاولته عقد اتفاقية مع النظام السوري من أجل إعادتهم إلى بلادهم. وعموما، تنص الاتفاقية على عدم إلحاق الضرر بهم، بالإضافة إلى إيوائهم في الأماكن الهادئة في سوريا، فضلا عن استصدار قرار بالعفو عن الأنشطة التي مارسها بعض اللاجئين ضد الحكومة المركزية في دمشق.
وذكرت الصحيفة أن حزب الخضر يصف حزب البديل بأنه “المتحدث الإعلامي” باسم بشار الأسد. وفي نفس السياق، رفضت منظمة العفو الدولية ومنظمة “برو أزول” المناصرة للاجئين عودة السوريين إلى سوريا. كما حذرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الحكومة الاتحادية من مغبة ترحيل اللاجئين.
وتساءلت الصحيفة عن الأماكن التي من المحتمل أن يعود لها السوريون في سوريا بعد أن دمرت أغلب المدن السورية بالكامل. فضلا عن ذلك، انتشرت نقاط التفتيش والهجمات الجوية وعمليات القتل والاختفاء القصري في البلاد بالإضافة إلى الوحشية الشديدة التي يمارسها قوات الأسد بحق الشعب. ومنذ سنة 2011، تم إلقاء القبض على عشرات الآلاف من السوريين، واحتجازهم في ظروف غير إنسانية وممارسة التعذيب يوميا بحقهم.
ويعد ترحيل اللاجئين في الوقت الحالي يعد بمثابة خطر كبير خاصة وأن من بينهم مطلوبون من قبل النظام. في المقابل، عاد الكثيرون إلى سوريا، بعد التأكد من أنهم ليسوا على لائحة المطلوبين خاصة أنهم يعيشون في حالة من الفقر المدقع خارج سوريا.
و تعتبر مشاركة ألمانيا في إعادة إعمار سوريا، بهدف مساعدة اللاجئين على العودة إلى بلادهم، تعاونا مع نظام الأسد الفاسد. وحتى الآن، يتمثل الموقف الرسمي للاتحاد الأوروبي وألمانيا في عدم تقديم أي مساعدات لسوريا إلا بعد انتقال حقيقي للسلطة. وفي الوقت ذاته، لن يتخلى الأسد عن منصبه بعد المكاسب الأخيرة في حربه ضد تنظيم الدولة.
وما زال الجدل قائما بين الأحزاب في ألمانيا حول قرار ترحيل اللاجئين إلى سوريا. ففي البداية، يجب تقييم الوضع الأمني في سوريا بدقة شديدة، مع السعي لعملية سلام حقيقي في البلاد. بعد ذلك، سيجري التفاوض بشأن إعادة اللاجئين إلى وطنهم.
وفي الختام، يرى مصطفى حمداني أن العديد من السوريين يفكرون جديا في العودة إلى بلادهم، في حال شعروا بوجود تغيرات إيجابية داخل سوريا. لكن السؤال الذي يبقى قائما: هل أن سوريا آمنة بالفعل؟