البريطانيون يكثفون الضغوط على عمالقة الإنترنت لمكافحة التطرف

تعتبر الحكومة البريطانية أن شركات التكنولوجيا فشلت في تقديم المساعدة للحكومة في التصدي للمتطرفين عبر الإنترنت، واتهمتها بأنها مهتمة بتحقيق أرباح بينما تنفق الحكومات الملايين من الجنيهات لإرساء سياسة لمراقبة محتوى الإنترنت.

عبّرت الحكومة البريطانية عن عدم رضاها من إجراءات شركات الإنترنت العملاقة لمكافحة المحتوى المتطرف، وهددت بعقوبات مالية إذا استمر الحال على ما هو عليه دون تحقيق تقدم ملموس في هذا الإطار.

وقال بن والاس، وزير الأمن البريطاني، إن شركات الإنترنت ينبغي أن تواجه عقوبات ضريبية حال فشلها في مواجهة خطر الإرهاب في بريطانيا، وفق ما نقل موقع “بي بي سي”.

وأضاف والاس أن شركات مثل فيسبوك وغوغل ويوتيوب أظهرت تباطؤا شديدا في حذف المحتوى المتطرف على مواقعها على الإنترنت، ما دفع الحكومة البريطانية إلى التعامل مع هذا النوع من المحتوى من خلال أجهزتها.

ووصف الشركات العاملة في قطاع التكنولوجيا بأنها “مهتمة بتحقيق أرباح” بينما تنفق الحكومات الملايين من الجنيهات لإرساء سياسة لمراقبة محتوى الإنترنت.

وكانت دراسة بريطانية لمؤسسة بوليسي إكستشاينج البحثية قد كشفت مؤخرا أن مواقع الدعاية الجهادية على الإنترنت تجذب أكثر التفاعلات في بريطانيا، مقارنة بأي دولة أخرى في أوروبا. وتعدّ بريطانيا خامس جمهور في العالم يشاهد المحتويات المتطرفة بعد تركيا والولايات المتحدة والسعودية والعراق.

74 في المئة من البريطانيين يعتقدون أن شركات الإنترنت يجب أن تكون أكثر استباقية في تحديد مكان وحذف المحتويات المتطرفة
ورجّح المركز البحثي أن يؤيد الشعب البريطاني استصدار قوانين جديدة تجرّم قراءة المحتويات التي تمجّد الإرهاب.

وقال والاس، في مقابلة أجرتها معه صحيفة صاندي تايمز، إن شركات التكنولوجيا فشلت في تقديم المساعدة للحكومة في التصدي للمتطرفين عبر الإنترنت. وأشار إلى أنّ سبب هذا الفشل هو أن “الشركات لا تحذف المحتوى المتطرف بالسرعة المطلوبة وهي قادرة على ذلك”.

من جهتها انتقدت شركة فيسبوك والاس لاتهامها بأنها “تعطي الأولوية للأرباح قبل الأمن”. فيما قالت شركة يوتيوب إن التطرف “مشكلة معقدة تمثل مواجهتها تحديا كبيرا أمامنا جميعا”.

واقترحت مؤسسة بوليسي إكستشاينج على الحكومة البريطانية سنّ إجراءات “متدرّجة”، للضغط على شركات الإنترنت، بما فيها منح اللجنة الجديدة المقترحة لمكافحة الإرهاب صلاحيات للإشراف على إزالة المحتويات المتطرفة من على الإنترنت.

وقالت في الدراسة إن 74 في المئة من البريطانيين، الذين خضعوا للبحث، يعتقدون أن شركات الإنترنت يجب أن تكون أكثر استباقية في تحديد مكان وحذف المحتويات المتطرفة.

وأكد والاس على أن مسؤولية كبيرة تقع على الحكومة في هذا الشأن، وهي “إعادة من تبنّوا المنهج المتطرف إلى الاعتدال، وهو ما يكلفنا الملايين من الجنيهات”.

وشدّد على أن إجراءات مثل رفض هذه الشركات السماح للأجهزة الأمنية بالاطلاع على بيانات تطبيقات الرسائل، مثل واتساب المملوك لشركة فيسبوك، “تحيل الإنترنت إلى مكان حافل بالعنف والفوضى”، مؤكدا أنه “بسبب التشفير والتطرف، تتكبد مؤسسات إنفاذ القانون تكلفة باهظة”.

وأشار إلى أن “وقت التماس الأعذار قد انتهى، وأن الحكومة ينبغي أن تنظر في جميع الخيارات لتحفيز هذه الشركات”.

وانتقد والاس تلك الشركات في ما تدعيه من تقديم الأمن على الأرباح، مرجحا أنه لا بد لشركات التكنولوجيا أن “تتوقف عن ادعاء أنها لا تحقق أرباحا ضخمة”.

ووصفها بأنها “تبيع بياناتنا للبنوك وشركات الأفلام الإباحية، لكنها لا تعطيها للحكومة المنتخبة عبر الديمقراطية”.

ورد سيمون ميلنر، مدير بشركة فيسبوك، على هذه الاتهامات بالقول إن والاس كان مخطئا عندما قال إن شركته تقدّم الأرباح على الأمن في ترتيب أولوياتها، خاصة في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب.

وأكد أن الملايين من الجنيهات أنفقتها فيسبوك على استثمارات في التكنولوجيا والعناصر البشرية اللازمة للتعرف على المحتوى المتطرف وحذفه.

وأضاف أن أمبر راد، وزيرة الداخلية البريطانية، ونظراءها في دول الاتحاد الأوروبي رحبوا بالجهود بذلت بالتنسيق مع فيسبوك، في هذا الشأن والأثر الكبير الذي أحدثته. وأشار إلى أن “هذه المعركة مستمرة وعلينا أن نستمر في العمل سويا. وأخبر رئيسنا التنفيذي المستثمرين بأننا سوف نستمر في تقديم أمن لمستخدمي مجتمعنا الافتراضي على تحقيق الأرباح في 2018”.

وقال متحدث باسم يوتيوب إن شركته تتعهّد بأن تكون “جزءا من الحلّ”، وأنها تكثّف جهودها بمرور الأيام لمعالجة هذه المشكلة.

وأضاف أن الشركة استثمرت هذا العام في أوجه عدّة لمكافحة المحتوى المتطرف من خلال تكنولوجيا التعلم الآلي وتعيين المزيد من مراجعي المحتوى، وبناء شراكات مع خبراء، والتعاون مع شركات أخرى.

ولم تعلق شركة غوغل، على تصريحات والاس، لكن مفوّض شركة غوغل كينت والكر كان قد صرّح في سبتمبر الماضي أن شركات التكنولوجيا لن تتمكن من “فعل ذلك وحدها”، في إشارة إلى مكافحة المحتوى المتطرف.

وأضاف “نحتاج إلى عناصر بشرية، وآراء من مصادر حكومية موثوقة، وأخرى من مستخدمي مواقعنا للتعرف على المحتوى المتطرف وحذفه”.

وقال شيراز ماهر، زميل المركز الدولي لدراسات التطرف والعنف السياسي التابع لجامعة كينغز كوليدج في بريطانيا، إن “الحشد للإرهاب لا يزال يحدث في الحياة الحقيقية، ومن خلال علاقات حقيقية، لذا ينبغي للحكومة ألا تلقي اللوم كله على شركات التكنولوجيا وحدها”.

وأَضاف أنه “لا يوجد علاج سهل لأن ما يمكن اعتباره مادة متطرفة يخضع لأحكام ذاتية”، مؤكدا أن الكثير من برمجيات الحذف ذاتية التشغيل تسببت في حذف الكثير من المحتوى المفيد.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: