التهديدات الإرهابية تدفع دول غرب أفريقيا لإعادة النظر في التوازنات
التقارب المغربي الموريتاني ضرورة تمليها تحولات الحرب على الإرهاب، وخطوة كسر الجمود تفتح أمام نواكشوط أبواب الاستفادة من المشاريع المغربية.
لم يكن قرار موريتانيا بإعادة سفيرها إلى المغرب، بعد خمس سنوات من الفتور في العلاقات الثنائية، أمرا مفاجئا بعد أن فشل انحيازها للموقف الجزائري من قضية الصحراء في تحقيق أي مكاسب لها سياسيا أو اقتصاديا.
ويقول متابعون للشأن الموريتاني إن نواكشوط التقطت فرصة التحوّلات التي تجري في غرب أفريقيا لتعيد علاقتها بالمغرب في وقت تزداد فيه التهديدات الإرهابية بمحيطها ما يهدد أمنها، فضلا عن أن مجموعة دول غرب أفريقيا قد غيرت أولوياتها للتركيز الجماعي على مواجهة الإرهاب من بوابة القوة العسكرية المشتركة التي ترعاها فرنسا وتحوز على دعم إقليمي ودولي.
ويعتقد المتابعون أن موريتانيا باتت مقتنعة بأن التهديدات الإرهابية لم تعد من الممكن لأي دولة مواجهتها منفردة، وأن عليها الاستفادة من تجارب دول لديها خبرات في المجال مثل المغرب، مشددين على أن التهديدات الإرهابية جعلت الجميع يعيد النظر في التوازنات.
وعين الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز سفيرا جديدا لبلاده في المغرب حيث يقود البعثة الدبلوماسية منذ خمس سنوات قائم بالأعمال وذلك بسبب خلافات سياسية ودبلوماسية بين البلدين، بحسب ما أفاد مصدر دبلوماسي.
وقال المصدر الدبلوماسي إنه “تم تعيين محمد الأمين ولد أبي سفيرا في الرباط” مضيفا أنه تم إرسال مقترح تعيينه للمملكة المغربية الأربعاء. ولم تعين موريتانيا سفيرا لدى المغرب منذ 2012.
وآخذ المغرب موريتانيا على الاعتراف بما يسمى “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” التي أعلنتها جبهة البوليساريو من طرف واحد على أراضي الصحراء المغربية.
لكن المغرب انتهج منذ عودته إلى الاتحاد الأفريقي مطلع 2017 سياسة انفتاح جديدة تجاه القارة بما فيها الدول التي تعترف بالجبهة الانفصالية المدعومة من الجزائر.
ويشير خبراء في الحركات المتشددة إلى أن موريتانيا صارت تبحث الآن عن تأمين نفسها من أنشطة الجماعات الإرهابية، وخاصة من انخراط عناصر موريتانية في تلك الجماعات، وخاصة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي الذي يسيطر عليه من البداية إرهابيون جزائريون ويدير شبكات لتهريب الأسلحة والمخدرات.
وابتداء من العام 2005، شاركت الجماعة السلفية للدعوة والقتال ذات الأغلبية الجزائرية في جذب مجموعة صغيرة من الموريتانيين إلى معسكراتها في منطقة الساحل والصحراء. وشنت هذه الجماعة في يونيو 2005 هجوما على قاعدة المغيطي العسكرية، الواقعة على مسافة 350 كيلومترا من الحدود الجزائرية.
ولم تخف نواكشوط حماسها لإنشاء القوة العسكرية في منطقة الساحل والصحراء. وكانت دعت في أكتوبر الماضي إلى تقديم المزيد من الدعم المالي والعسكري لها.
وقالت الوزيرة الموريتانية خديجة مبارك فال أمام مؤتمر لدول المتوسط إن المجتمع الدولي “دعم المهمة الرئيسية للقوة”، لكن يجب أن يدعمها ماديا بشكل أفضل.
وتراهن موريتانيا على الاستفادة من خبرات المغرب في مواجهة التيارات المتشددة أمنيا وسياسيا واجتماعيا، حيث تميزت التجربة المغربية بإدماج الإسلاميين في المشهد السياسي ودفعهم إلى التخلي عن الواجهة الدينية التي يرفعونها لاستقطاب الناخبين كونها خاصية مشتركة بين المغاربة ككل وليست مقصورة على جماعة أو حزب.
وتشترك نواكشوط مع الرباط في خاصية مميزة، وهي أن الحضور القوي للإسلام الصوفي ذي الجذور الضاربة في القدم، سيفرض على الإسلام الحركي، ذي الخلفية الإخوانية، أو المتشدد المرتبط بالقاعدة وداعش، أن يندمج مع هوية إسلامية معتدلة أو سيقابل بالعزلة ويجد نفسه في مواجهة الدولة.
ويشير محللون سياسيون مغاربة إلى أن انفتاح موريتانيا على المغرب يمكن أن يفيدها على المستوى الاقتصادي في ضوء اتجاه الرباط للاستثمار في أفريقيا وخاصة توصله إلى اتفاقيات كبيرة مع دول من غرب القارة، بعد أكثر من زيارة أداها إليها العاهل المغربي الملك محمد السادس.
ويلفت هؤلاء إلى أن موريتانيا قطعت خطوة مهمة لتبديد مخاوف المغرب بخصوص تحالف مع الجزائر والبوليساريو.
وقال صبري الحو، الخبير في القانون الدولي إن تعيين السفير تم بعد تبديد أوجه الاختلاف وتفهم موريتانيا لأهمية وقوفها على نفس المسافة بين الأطراف وبذلها جهودا إيجابية بما يضمن ثقة المغرب لصالح الحل.