خطر الجماعات المتطرفة داخل بلجيكا يتزايد
تواجه بلجيكا المزيد من التهديدات الإرهابية في ظل تنامي خطر تهديد تنظيم داعش لدول أوروبا بعد تضييق الخناق عليه في سوريا والعراق، لذلك تُبذل السلطات البلجيكية جهودا إضافية لمكافحة خطر هذه التهديدات على أراضيها، ويذكر أن بلجيكا من أكثر الدول الأوروبية التي انطلقت منها جحافل من الشبان وكذلك النساء للانضمام إلى التنظيمات الإسلامية المسلحة في سوريا والعراق.
كشف مسؤول بلجيكي في مكافحة الإرهاب أن ما بين 60 و80 شخصا من التابعين لداعش في أوروبا يستعدون لتنفيذ هجمات إرهابية دامية، مشيرا إلى أن التنظيم الإرهابي طلب من أنصاره التخلي عن السفر إلى سوريا والعراق ونقل المعركة إلى أوروبا.
وأكد المنسق في جهاز بلجيكا الوطني للأمن ومكافحة الإرهاب، أنه يوجد في حوزة المقاتلين التابعين لداعش رسائل من قادة التنظيم تطالبهم بعدم الحضور إلى سوريا والعراق وتدعوهم إلى الإعداد لهجمات في أوروبا.
وقال شوف إنه في الوقت الحاضر، وبسبب ارتفاع نسق العمليات المكافحة للإرهاب، فإن المتطرفين يتناثرون ويتوزعون في أمكنة كثيرة، مما ينذر ويهدد بتجمعهم في أوروبا ومن ثم التحضير لعمليات إرهابية قادمة وبطرق أكثر دموية مما شهدته مدن أوروبية من قبل.
وأضاف أنه توجد لدى تنظيم داعش “فرصة حقيقة للهجوم على بلجيكا”، مؤكدا القول “ما حدث في فرنسا و بريطانيا وألمانيا يمكن أن يحدث لنا أيضا”، وختم حديثه قائلا “يوجد عدد من التقارير الواردة من أجهزة الاستخبارات في الاتحاد الأوروبي تحذر من أن مجموعة تخطط لتنفيذ هجمات على المستشفيات والمدارس والمنتجعات الفاخرة في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا”.
ويذكر أن التيار السلفي الجهادي يتغلغل في بلجيكا بشكل لافت بحسب ما كشفته وكالة الاستخبارات البلجيكية في تقرير رسمي لها بالاشتراك مع الجهاز الوطني لمكافحة الإرهاب. وأكدت التقارير تزايد أعداد السلفيين الجهاديين في أحياء كثيرة يقطنها مسلمون من أصول مختلفة داخل المدن البلجيكية. وحذرت جهات استخبارية بلجيكية وتقارير صحافية محلية من تنامي هذه الظاهرة ببلجيكا، مؤكدة أن التيار السلفي يعمل على نشر الفكر المتطرف في بلجيكا بأساليب مختلفة، ودعت هذه الجهات إلى عدم الاستهانة بالخبرات التقنية للتنظيمات الإرهابية.
ولئن كانت أبرز الدول الأوروبية التي انطلقت منها جحافل من الشبان والشابات نحو القتال في سوريا والعراق هي فرنسا وبريطانيا وألمانيا، فإن بلجيكا، في الواقع، تعتبر الدولة الأوروبية الأولى مقارنة بعدد السكان، والتي كان لها النصيب الأكبر من عدد هؤلاء، إذ قدَّرت السلطات المحلية فيها عدد حالات هؤلاء الجهاديين بأكثر من 320 حالة، بمن فيهم 70 امرأة بحسب إحصائيات شبه رسمية في بلجيكا .
ويعود سبب هذا التزايد اللافت للسلفيين الجهاديين في بلجيكا إلى عدد من العوامل الممكنة التي أدّت دورا في ذلك، بدءا بالسياق السياسي الوطني والمحلي ووجود شبكات ربط وقادة، وصولا إلى عوامل الدفع والجذب الشخصية أو الديموغرافية.
جهات أمنية بلجيكية وتقارير صحافية محلية دعت إلى عدم الاستهـانــة بالخبــرات التقنيــة للتنظيمات الإرهابية
والذي جعل هذا الكم المفزع من الشبان والنساء في بلجيكا ينضمون إلى صفوف الجهاديين في سوريا والعراق، هو التقاء عدة عوامل يمكن تقسيمها منهجيا إلى قسمين اثنين: عوامل دفع وعوامل جذب، ويأتي بين الاثنين عامل الدعاية التي مارستها الجماعات الإسلامية، بالإضافة إلى دور العائدين الأولين الذين اكتسبوا خبرات قتالية وما يمثله ذلك من مصدر إلهام لمقاتلين محتملين.
وكشف المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي، أن عدد المقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى صفوف تنظيم داعش يقدر بأكثر من 20 ألف مقاتل، مشيرا إلى 20 بالمئة منهم تقريبا من الدول الأوروبية، أما الإنتربول الأوروبي فقدر عددهم أيضا بـ25 ألف مقاتل، وأن نسبة تتراوح بين 5 و10 بالمئة من المقاتلين الأجانب قتلوا أثناء المعارك، فيما تتراوح نسبة أخرى بين 10 و30 بالمئة من المقاتلين، يتوقع أنهم تركوا أرض المعركة عائدين إلى بلدانهم أو تم احتجازهم في بلدان أخرى في أثناء الترانزيت.
وأعلنت وكالة الاستخبارات الرئيسية في بلجيكا خلال فبراير 2017، أنها تتعامل مع مجموعة صغيرة من الأطفال البلجيكيين بمناطق الصراع في العراق وسوريا باعتبارهم من المتشددين المسافرين لأنهم تلقوا تدريبات عسكرية.
ويذكُر جهاز الاستخبارات العامة والأمن البلجيكي أن 80 طفلا بلجيكيا على الأقل في هذه المناطق، وهم إما ولدوا هناك وإما اصطحبهم أحد الأبوين أو كلاهما إليها.
وأشار التقرير إلى أن أقل من 20 بالمئة من الأطفال تتراوح أعمارهم بين 9 و12 سنة، وأضاف أنه بسبب وجود الأطفال في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش فإنهم يتلقون أحيانا تدريبا عسكريا وعلى مختلف الأسلحة انطلاقا من عمر الـ9 سنوات، فيما يعتبرهم مسؤولو الاستخبارات البلجيكية من المتشددين المسافرين.
يذكر أن السلطات البلجيكية عادة ما تعتقل أشخاصا أثناء عودتهم من سوريا إذا شكّت في صلاتهم بالتطرف، وكانت الاستخبارات البلجيكية قد حذرت منذ منتصف 2016 من أن داعش يقوم بتدريب الأطفال على القتال في مناطق عدة من سوريا كما يخضعهم لعمليات تلقين لأفكاره المتطرفة بغية إقناعهم بالقيام بعمليات انتحارية في أوروبا