المغرب يكثّف جهوده لإنهاء ملف المهاجرين العالقين بليبيا
السلطات المغربية تسعى إلى فتح جميع قنوات التواصل من أجل إعادة مجموعة كبيرة من المهاجرين المغاربة العالقين بليبيا.
تواصل السلطات المغربية بحثها وتبذل جهودا مضاعفة في مسعى لتخليص مواطنيها العالقين في ليبيا، فيما تتعالى دعوات أسرهم في عدة مدن مغربية للمطالبة بإعادتهم في أسرع وقت ممكن.
وتقول الأسر المحتجة إن أكثر من 230 من أبنائها رهن الاحتجاز بعدة مدن ليبية، فيما تحدث مسؤول بالجالية المغربية في ليبيا عن احتجاز نحو 500 شخص.
وقال عزالدين ثابت، مسؤول بتنسيقية الجالية المغربية المقيمة بليبيا ، إن “مشكلة المغاربة العالقين بليبيا، أثيرت لأول مرة في يناير الماضي”.
وأضاف أن “التنسيقية علمت بأول مجموعة مغربية محتجزة عبر الهلال الأحمر الليبي وكان عددها قرابة 70 شخصا. وواجهنا العديد من العراقيل للوصول إلى هؤلاء خصوصا في ظل الوضع المتوتر في ليبيا”.
وقال عبدالكريم بنعتيق، الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج، إنه استقبل عائلات المغاربة المحتجزين بليبيا مباشرة بعد وقفة احتجاجية نظموها أمام مقر وزارته بالرباط.
وأكد الوزير المغربي في تصريح للصحافة المغربية أن وزارة الخارجية اتخذت بعض الإجراءات التقنية التي من شأنها أن تسهل عودة المغاربة المحتجزين في ليبيا.
وتسعى السلطات المغربية إلى فتح جميع قنوات التواصل من أجل إعادة مجموعة كبيرة من المهاجرين المغاربة العالقين بليبيا والذين يوجدون رهن الاحتجاز بمركز إيواء تابع لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية بمدينة طرابلس الليبية.
ويتابع العاهل المغربي الملك محمد السادس هذا الملف بكل اهتمام، وكان قد أعطى توجيهاته لإنهائه في أسرع وقت ممكن.
وقال بنعتيق إن “المغرب سيعيد هؤلاء المهاجرين إلى وطنهم الأم”. وأضاف أن “العملية تستغرق بعض الوقت لأنها تتطلب تدخل عدد كبير من الأطراف، لكننا نشتغل على هذا المكلف بكل جدية”.
ويرى ثابت أن نقطة التحول تمثلت في تمكّن عدد من المحتجزين من الوصول إلى أوروبا، بعدما قضوا فترة في مراكز الاحتجاز.
عبدالكريم بنعتيق: السلطات المغربية تبذل جهدا مضاعفا من أجل عودة مواطنيها
وكشف أن ثمة رشاوى دفعت للجهات المعنية بمركز احتجازهم غير النظامي في مدينة الزاوية (غرب) عبر الحراكة (شبكات متخصصة في التهجير)، لأن الكتائب المسلحة هي المسيطرة على المراكز لا الحكومة.
وأوضح أنه في الزيارة الأولى لمراكز الاحتجاز وجدنا 68 مغربيا، بعدها 53 فقط ثم تراجع العدد إلى 40، مما يعني أن شبكات التهجير كانت تهجر من أسبوع لآخر عددا من المغاربة نحو السواحل الإيطالية.
وتعتبر ليبيا البوابة الرئيسية للمهاجرين الأفارقة الساعين للوصول إلى أوروبا بحرا، حيث سلك أكثر من 150 ألف مهاجر هذا الطريق في الأعوام الثلاثة الماضية، بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
ويقول محمد المهدي، شقيق محتجز مغربي في ليبيا، “أخي عيسى (23 عاما) معتقل منذ 6 أشهر، وهو موجود حاليا لدى جهاز الهجرة غير الشرعية في زوارة، بحسب ما وصلنا من أخبار”.
وبدوره يقول عامر فضلي “شقيقي رامي (30 عاما) معتقل في السجون الليبية، ويعاني أوضاعا صعبة منذ أكثر من أربعة أشهر، ولا مجيب لدعواتنا بسرعة التدخل لإنقاذه”.
وشدد عامر على أن “وضعه الصحي سيء للغاية.. هو في سجن زوارة.. تم إلقاء القبض عليه أثناء محاولة هجرة إلى إيطاليا، ووصلتنا مقاطع فيديو تؤكد أن وضعه الصحي والإنساني صعب للغاية”.
وقال إسماعيل السملالي، والد أحد المحتجزين المغاربة بليبيا، “إن آخر تواصل له مع نجله هاتفيا كان قبل 4 أسابيع”.
وأضاف “ابني المهدي محتجز بمدينة طرابلس. إنهم يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة، وبلغنا أن المحتجزين تعرضوا للتعذيب عقب نشرهم شريط فيديو يُظهر معاناتهم”.
وتابع “قبل ستة أشهر هاجر ابني نحو ليبيا برا، مرورا بالحدود المغربية الجزائرية المغلقة، ليصل بعد ذلك إلى ليبيا” مع مجموعة من 12 شابا.
وتحكي أم سعيد الترباوي عن معاناتها بعدما انقطعت عنها أخبار ابنها الشاب البالغ من العمر 26 سنة، الذي هاجر نحو ليبيا في الـ31 من يناير الماضي.
وتقول أم سعيد “آخر مرة تحدثت إليه كانت في 15 فبراير الماضي، بعدها بيومين أخذوهم إلى السواحل الليبية. كان ابني برفقة جارنا الذي عاد إلى المغرب، والآخرون من دول جنوب الصحراء، بعدما قطعوا مسافة 2000 متر فقط، انقلب بهم القارب”.
وتواصل الأم، وهي من مدينة خريبكة وسط المغرب، “أخبرني جارنا الذي رافقه أن ابني قفز من القارب، وهو سبّاح ماهر، ومنذ تلك اللحظة لم يره أبدا، إلا أن السلطات الليبية أخبرته بأنه على قيد الحياة”.
وقالت أم أشرف “ابني محتجز بسجن معيتيقة شرق طرابلس، منذ أكثر من ستة أشهر”. وأضافت “اتصل بنا قبل أيام فقط إنهم يعانون كثيرا، وظروف احتجازهم صعبة جدا.. يعانون من سوء ونقص التغذية، وينامون في العراء”.
وتصاعدت مخاوف الأسر المغربية على أبنائها عقب فيديو بثته شبكة “سي إن إن” الأميركية يظهر سوقا لبيع المهاجرين الأفارقة مقابل 1200 دينار ليبي (نحو 800 دولار للشخص)، في بلدة قرب طرابلس.
وأعلن المتحدث باسم الحكومة المغربية، مصطفى الخلفي، قبل أسبوعين، أن “وضعية المغربيين العالقين في ليبيا تحظى بالأولوية وبمتابعة حثيثة”.
وشارك العشرات من المغاربة، قبل أيام في وقفة احتجاجية أمام وزارة الخارجية بالعاصمة الرباط، للمطالبة بإعادة المحتجزين في ليبيا.
وقال أحدهم إن “نحو 233 مغربيا في ليبيا دخلوا في إضراب عن الطعام؛ احتجاجا على رفض الحكومة المغربية التدخل لترحيلهم إلى بلدهم”.
وفي شريط آخر، قال أحد المحتجزين، إن عددهم يصل إلى 260 مغربيا يوجدون حاليا بسجن مدينة زوارة الليبية، مؤكدا أن “مطلبهم يتمثل في العودة إلى أهلهم فقط”.
ويقول هؤلاء إنهم وقعوا ضحية عملية نصب من قبل شبكات هجرة غير شرعية، قبل أن يتم احتجازهم في مركزي “طريق السكة” في طرابلس و”زوارة” (50 كلم شرق الحدود التونسية).
وعقب تلك الفيديوهات أعلنت السلطات المغربية عزمها على إعادة مواطنيها العالقين بليبيا وضمان سلامتهم، غير أنها لم تحدّد موعدا للقيام بالمهمة.
وأثار فيديو “بيع العبيد” صدمة أممية وطالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالتحقيق في الأمر.