نهاية آمال بن كيران في قيادة العدالة والتنمية المغربي لولاية ثالثة

بدد مناهضون لعبدالإله بن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية مساعيه لتولي رئاسة الحزب للمرة الثالثة على التوالي، وذلك بعدما رفضوا تعديل المادة 16 من القانون الداخلي للحزب التي تمنع المسؤولين من تولي أكثر من ولايتين متتاليتين، ما يطرح عدة تساؤلات حول المرحلة القادمة.

وداعا للشعبوية

استطاع المعارضون لتولي الأمين العام الحالي لحزب العدالة والتنمية المغربي عبدالإله بن كيران رئاسة الحزب للمرة الثالثة على التوالي أن يكسبوا المعركة القانونية التي شهدتها دورة المجلس الوطني الأحد.

وأنهى برلمان الحزب الجدل حول حظوظ الأمين العام الحالي في قيادة الحزب من جديد، إذ لن يتم إدراج نقطة تعديل النظام الأساسي خلال المؤتمر المقبل للسماح لبن كيران بولاية ثالثة.

وبحسب ما تداولته وسائل إعلام محلية فقد صوت لصالح تعديل المادة 16 من القانون الداخلي للحزب 101 عضو من الحزب، فيما صوت ضد التعديل 126 عضوا ليتم بذلك الحفاظ على المادة دون تعديل.

وجاء تصويت برلمان الحزب ضد تعديل النظام الأساسي بما يسمح بولاية ثالثة لبن كيران بعدما سبق أن صوتت لجنة الأنظمة والمساطر (القوانين) على تغيير المادة 16 بأغلبية أعضائها، وإحالتها على دورة المجلس الوطني.

وتنص المادة 16 على أنه “لا يمكن لعضو أن يتولى إحدى المسؤوليات الآتية لأكثر من ولايتين متتاليتين كاملتين؛ الأمين العام، رئيس المجلس الوطني، الكاتب الجهوي، الكاتب الإقليمي والكاتب المحلي”.

وبهذا تكون مرحلة بن كيران قد طويت حسب المراقبين الذين اعتبروا أن تواجده داخل الحزب سيكون شرفيا واستشاريا بعد أن انتصر التيار المناهض لاستمراره في موقع المسؤولية.

وقال هؤلاء إن التصويت ضد تعديل المادة 16 من القانون الداخلي للحزب خطوة مهمة نحو اعتزال بن كيران بعد إعفائه من رئاسة الحكومة إثر انتخابات 16 أكتوبر 2016.

ويعتقد عبدالإله السطي الباحث في القانون الدستوري أن عدم التمديد لبن كيران من أجل قيادة حزب العدالة والتنمية لولاية ثالثة، يمكن قراءته من زاويتين، زاوية تنظيمية داخلية وزاوية خارجية.

عدم التجديد لبن كيران الذي لعب دورا مهما داخل الحزب ستكون له تكلفة كبيرة على صورته وعلى مساره السياسي
وأضاف إن “قواعد الحزب تعتبر عدم مراجعة المادة انسجاما مع الخط الديمقراطي للحزب، وتعبيرا عن إرادة الأغلبية الداخلية التي تهدف إلى عدم شخصنة الحزب في قيادته”.

أما بخصوص الزاوية الخارجية فهذا الرفض جاء، حسب السطي، في سياق دقيق يمر به الحزب، إذ أن التجديد لبن كيران يعني فتح فوهة الصراع مع الجهات العليا للبلد.

وتابع “بن كيران تمت إقالته من رئاسة الحكومة في ظروف اتسمت بتداخل مجموعة من المصالح التي ارتأت إزاحته من المشهد السياسي وما التصويت لعودته إلا تعبير عن تحدّ لهذه الإرادة وبالتالي فتح جبهات من الصراع قد لا يتحمل الحزب تكلفتها على المدى القريب”.

وقال محمد الزهراوي الباحث في العلوم السياسية إن قرار المجلس الوطني للحزب جاء مفاجئا وأدخل الحزب مرحلة جديدة في تاريخه، مما يستدعي طرح عدة تساؤلات وتحديات تهم مستقبله ومصيره، لا سيما وأن المرحلة السابقة اتسمت بـ”الشعبوية والاصطدامية” وقد قادها بن كيران.

واعتبر السطي أن عدم التجديد لبن كيران، ستكون له تكلفة كبيرة على صورة الحزب وعلى مساره السياسي، إذ أن بن كيران لعب أدوارا مهمة في التسويق السياسي للحزب وفي تركيز ثوابته التنظيمية منذ اعتلائه للأمانة العامة للحزب. وتساءل محمد الزهراوي حول مدى قدرة العدالة والتنمية على تجاوز حالة التجاذبات والتقاطبات بين قياداته قبل الذهاب إلى مؤتمره الوطني وكيفية القطع مع الممارسات السابقة وتخطي الإرث الـ”بنكيراني” تنظيميا وسياسيا داخل الحزب.

واعتبر  أن خسارة بن كيران داخل المجلس الوطني بفارق صغير، لا يعني خسارة تياره ومناصريه للمعركة التنظيمية داخل الحزب.

وأضاف “سيحاول هؤلاء خلال المؤتمر القادم إعادة رسم وتوزيع مراكز النفوذ ومقاعد المسؤوليات داخل هذا التنظيم بشكل يسمح بتقوية تيار بن كيران وإضعاف ما بات يسمى بتيار الاستوزار”، نسبة لأنصار ممثلي الحزب في الحكومة. ويرى محمد الزهراوي أن صراع المواقع داخل الحزب قبل المؤتمر، والمخاض التنظيمي الذي يعيشه سيهمل المسائل الجوهرية للحزب، ومقاربته ورؤيته للأوضاع سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي.

واعتبر نبيل الأندلوسي العضو بمجلس المستشارين، عن العدالة والتنمية أن قرار التصويت برفض تعديل المادة 16 درسا ديمقراطيا يعتز به الحزب.

وأضاف “رغم أني دافعت وكنت مقتعنا بأن التمديد للأستاذ عبدالإله بن كيران هو الجواب السياسي الذي تقتضيه المرحلة، إلا أن مخرجات النقاش والتصويت في المجلس الوطني أصبحت ملزمة لنا جميعا، وفق قاعدة ومبدأ ‘الرأي حر والقرار ملزم’، هذا هو منهجنا وهذه هي طريقة تدبيرنا لاختلافاتنا وتباين آرائنا”. واعتبر الأندلوسي في تصريح لـ“العرب” أن حزب العدالة والتنمية يؤكد مرة أخرى أنه حزب المؤسسات مشددا على أن “عبدالإله بن كيران سيبقى زعيما وطنيا، وعكس ما يروج له البعض بن كيران لم يخسر، والحزب نجح في هذا

التمرين”.

وقالت القيادية في الحزب آمنة ماء العينين المساندة لولاية ثالثة لبن كيران، “أشعر بفخر كبير بالمعركة التي خضناها سياسيا وفكريا وعلى مستوى الترافع بالوسائل النبيلة للإقناع بخط سياسي يحتاجه الوطن”. وتابعت “سيستمر النضال لأجل الديمقراطية والكرامة والعدالة مع كل الديمقراطيين”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: