المغرب يستنفر إمكانياته لتنظيم مجال المساعدات الاجتماعية
يسعى المغرب إلى الإحاطة بمجال المساعدات الاجتماعية والأعمال الخيرية من أجل حسن تنظيمها وجعلها في خدمة الفئات المحتاجة لها على أحسن صورة. وتركّز السلطات المغربية على تأطير العمل الخيري، خاصة بعد وفاة مجموعة من النساء في حادث تدافع أثناء توزيع مساعدات اجتماعية في نهاية الأسبوع الماضي.
أعلن وزير الداخلية المغربي عبدالوافي لفتيت حالة استنفار في قطاعات حكومية لتنظيم الإحسان العمومي والمساعدات بالمغرب، تطبيقا لتعليمات العاهل المغربي الملك محمد السادس القاضية باتخاذ الإجراءات القانونية الضرورية قصد حسن تسيير هذه العمليات.
وأصدر الملك محمد السادس تعليماته إثر وفاة 15 امرأة وجرح أخريات في حادث تدافع أثناء توزيع جمعية خيرية مساعدات غذائية بجماعة سيدي بولعلام القروية التابعة لإقليم الصويرة على ساحل الأطلسي، الأحد الماضي.
وأفاد بيان صادر عن وزارة الداخلية أنه بأوامر ملكية تم فتح تحقيق من قبل النيابة العامة المختصة وأيضا من قبل المفتشية العامة للإدارة الترابية، على إثر فاجعة تدافع أكثر من 1000 امرأة عند توزيع البعض من المواد الغذائية، لتحديد المسؤوليات. وأكد لفتيت أن التحقيقات مستمرة وسيتم إعلام الرأي العام بنتائجها.
وقال لفتيت، خلال جلسة لمسائلته بمجلس المستشارين، إن الحكومة ستبدأ في تأطير الإحسان العمومي وتوزيع المساعدات، معتبرا أن هذه المسألة ضرورية في عملية جمع الأموال وتوزيعها على الفئات المحتاجة. وتابع “العمل الخيري لا يجب أن يمنع وفي المقابل لا يجب أن يبقى مفتوحا”.
وأوضح “ليس هناك قانون ينظم الإحسان، هناك دورية لكنها لم تواكب تطور المجتمع المغربي المعروف بخصاله التضامنية”.
وهناك فراغ قانوني في المغرب بشأن العمل الخيري رغم أنه يدخل ضمن تقليد التكافل والتضامن الذي يعرفه المغرب. وقال وزير الداخلية إن “النص الحالي يعود إلى 1971، وتنظيم توزيع المساعدات غير موجود باستثناء دورية لوزارة الداخلية”.
وأكد أن “التعاون في المغرب يدخل في تقاليدنا وثقافتنا ولا يمكن أن نحرم المجتمع من العمل التضامني الذي تقوم به الجمعيات”.
ووجه الملك محمد السادس تعليماته إلى سعدالدين العثماني رئيس الحكومة وعبدالوافي لفتيت وزير الداخلية وإلى القطاعات المعنية من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية الضرورية قصد “التأطير الحازم لعمليات الإحسان العمومي وتوزيع المساعدات على المحتاجين”.
وقال منتدى الزهراء للمرأة المغربية “هذه الفاجعة تعكس حجم النقائص التي تعاني منها العديد من مناطق المغرب المهمّشة”.
وأضاف “الحادث يكشف حقيقة الأوضاع المزرية لقطاعات واسعة من النساء المغربيات، خصوصا في القرى، اللواتي يعشن دون حماية اجتماعية مؤسساتية للدولة تضمن لهن الحد الأدنى من شروط العيش الكريم في إطار تضامن وتماسك اجتماعي حقيقيين”.
ودعا المنتدى السلطات المحلية والمركزية المنتخبة إلى التعاون مع منظمات المجتمع المدني والحرص على إنجاز المبادرات التي تكتسي طابعا خيريا واجتماعيا.
كما طالب رئيس الحكومة بـ”محاسبة كل من ثبت تورطه في الحادثة وفي تحريف المبادرة الخيرية عن أهدافها”.
وقال أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط في أكتوبر الماضي، إن عدد المغاربة تحت عتبة الفقر متعدد الأبعاد وصل سنة 2014 إلى 2.8 ملايين شخص. وأشار إلى أن هذا الرقم انخفض بنسبة 9.4 بالمئة مقارنة بسنة 2004، حين كان عدد الفقراء متعددي الأبعاد 7.5 مليون شخص.
وأوضح أن الفقر متعدد الأبعاد يتحدد بمدى قدرة الأسر على تلبية حاجياتها الاجتماعية مثل السكن والصحة والتنقل. وأفاد بأن الفقر متعدد الأبعاد انخفض في المدن لكنه لم ينخفض في القرى “لتبقى القرى معقل الفقر بالمغرب”.
وتؤكد معطيات المندوبية السامية للتخطيط أن جهة بني ملال خنيفرة تبقى المنطقة الأشد فقرا في المغرب بنسبة 13.4 بالمئة، تليها جهة مراكش آسفي بنسبة 11.3 بالمئة.
وأفادت وزارة الداخلية أن الحملات الطبيّة التي تنتهي بتوزيع المساعدات والمبادرات التكافلية تعد مكونا أصيلا ضمن ثقافة التضامن الاجتماعي. وقالت إن دينامكية النسيج الجمعياتي ومبادراته المعترف بها والفعالة مبعث فخر ومحط تقدير بالنسبة للبلاد.
وأوضحت الوزارة أن المبادرات الجمعياتية الإيجابية لا ينبغي القيام بها دون تأطير يضمن أمن وسلامة المستفيدين والمحسنين على حد سواء.
وقالت بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والأسرة والمرأة والتنمية الاجتماعية، إن “المغرب قام بجهود جبارة لمحاربة الفقر والهشاشة”.
وأوضحت أن هذه الجهود تشمل تشجيع المواطنين الذين يعانون الفقر من الاستفادة من بطاقة (راميد) التي تضمن لهم العلاج المجاني، فضلا عن الدعم المباشر للأرامل وصندوق التماسك الاجتماعي الذي يستهدف الفئات الهشّة.
كما تتضمن المبادرات الحكومية في المغرب مساعدة حاملي الإعاقة والحد من الهدر المدرسي وصندوق التكافل العائلي وصندوق تنمية المناطق القروية.
واعتبرت وزارة الداخلية أن الإطار القانوني التنظيمي الذي أمر به الملك محمد السادس يبقى ضروريا من أجل حماية التقليد العريق للتضامن والتكافل وضمان الأمن. وشددت الوزارة على أنه “لا يجب تشويه الوقائع في هذه الظروف المأساوية، ولا المزايدة من خلال التذرّع بحاجيات الأشخاص المعوزين أو تضخيمها بشكل مفرط”.