هزائم البوليساريو تتوالى من أفريقيا إلى أميركا اللاتينية
بدأت جهود الدبلوماسية المغربية تتضح شيئا فشيئا، بعد نجاحها في الحد من نفوذ جبهة البوليساريو في كل من أفريقيا وأميركا اللاتينية، وهو ما عكسه رفض الكوت ديفوار مشاركة الجبهة في قمة أفريقية –أوروبية من المزمع عقدها نهاية الشهر المقبل.
تلقت البوليساريو ضربة موجعة بعدما أعلنت الكوت ديفوار نيتها عدم استدعائها للمشاركة في قمة الاتحاد الأوروبي-الاتحاد الأفريقي، المقرر انعقادها في العاصمة أبيدجان يومي 29 و30 نوفمبر المقبل. ورغم تلقي الجبهة دعوة من لجنة الاتحاد الأفريقي لحضور القمة، إلا أن قرار أبيدجان كان حاسما.
وبحسب تسريبات فإن الكوت ديفوار لم ترضخ للضغوط التي تعرضت لها من اللوبي المساند للبوليساريو بزعامة الجزائر وجنوب أفريقيا، داخل اجتماع استثنائي للمجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي منذ أسبوعين. وعملت جنوب أفريقيا المستحيل في الاجتماع كي تعطي فرصة للبوليساريو للمشاركة في القمة الخامسة بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي.
وسبق لجبهة البوليساريو أن أعلنت في بيان رسمي، أنها توصلت بمذكرة من مفوضية الاتحاد الأفريقي، على ضوء رسالة من جمهورية الكوت ديفوار “تدعو جميع الدول الأعضاء دون استثناء إلى المشاركة في القمة”.
وقال باحثون في العلاقات الدولية لأخبارنا الجالية إن الكوت ديفوار استندت في موقفها على مبدأ سيادية القرارات وتتحمل كافة المسؤوليات السياسية والدبلوماسية الناتجة عن هذا القرار دون الارتهان لأي تدخل ستكون آثاره سلبية.
وأضاف هؤلاء أنه ليس من صلاحيات أجهزة الاتحاد الأفريقي إرغام عضو من أعضائها على استضافة أي دولة أو مجموعة لا تستجيب لمعايير الدولة المضيفة.
وأكد مسؤول إيفواري رفيع أن بلاده لا تعترف بالبوليساريو “وأبلغنا رئيس المفوضية الأفريقية بذلك، ونحن نقوم بتمويل هذا الاجتماع وسنوجه الدعوة إلى من نشاء”.
القمة المرتقبة ستكون فرصة لاستعراض العلاقات الأفريقية الأوروبية ومجالات التعاون المشترك، خصوصا في ملفات تتعلق بالاستثمار في الشباب الأفريقي كركيزة مهمة لمحاصرة ظواهر الهجرة غير الشرعية والإرهاب
وأشار مهتمون بملف الصحراء إلى أن موازين القوى داخل الاتحاد الأفريقي لم تعد كما كانت قبل عودة المغرب إلى صفوفه، وأوضح هؤلاء أن الجزائر تستميت لإضفاء شرعية الوجود السياسي والاقتصادي والدبلوماسي للبوليساريو بجميع الوسائل والحيل القانونية الممكنة.
واعتبر مراقبون أن العلاقات الثنائية المتميزة بين الكوت ديفوار والمغرب كان لها الأثر الكبير في منع حضور وفد البوليساريو حتى بصفته مراقبا، وهو ما يعطي المغرب أوراقا رابحة في ملف الصحراء سواء مع الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة.
وتواترت أنباء عن أن الرئيس الإيفواري الحسن واترا أوقف سيناريو محبوكا من طرف الجزائر وحلفائها داخل الاتحاد الأفريقي لإرباك القمة الأوروبية الأفريقية بإعطاء فرصة باسم الشرعية الإقليمية لجبهة البوليساريو تناور بها مع الاتحاد الأوروبي، على الخصوص في موضوع المساعدات الأوروبية الموجهة لسكان مخيمات تندوف.
وأثمرت الجهود الدبلوماسية التي يقودها الملك محمد السادس بصفة شخصية داخل أفريقيا من خلال أصدقاء المملكة وحلفائها، نجاحات كبيرة على المستوى السياسي، حيث سحبت العديد من الدول اعترافها بالبوليساريو.
أما على المستوى الدبلوماسي فقد نجحت الجهود الملكية في استرجاع مقعد المغرب داخل الاتحاد الأفريقي العام الماضي، بالإضافة إلى النجاحات الاقتصادية التي تعكسها الاتفاقيات المتعددة المبرمة مع عدد من الدول كنيجيريا وإثيوبيا اللتين كانتا في صف الجهة المناهضة لمصالح المغرب.
وقال مصدر دبلوماسي مغربي لـ”أخبارنا الجالية”، إن البوليساريو تتخبط بعد الفشل الذريع الذي منيت به في العديد من مناطق العالم، بالإضافة إلى التوازن الذي أبداه المبعوث الشخصي للأمين العام للصحراء، هورست كولر في تعاطيه مع الملف مقارنة مع سلفه كريستوفر روس.
وستكون القمة المرتقبة فرصة لاستعراض العلاقات الأفريقية الأوروبية ومجالات التعاون المشترك، خصوصا في ملفات تتعلق بالاستثمار في الشباب الأفريقي كركيزة مهمة لمحاصرة ظواهر الهجرة غير الشرعية والإرهاب والتطرف والسلم والأمن، وحشد الاستثمارات لتنفيذ مشروعات تنموية بالقارة السمراء.
وبعيدا عن أفريقيا فشلت البوليساريو في معاقلها بأميركا اللاتينية، حيث طردت السلطات البنمية الأربعاء الماضي ممثل جبهة البوليساريو علي محمود امبارك من الحفل الرسمي لتسليم السلط بين المكتب التنفيذي المنتهية ولايته لبرلمان أميركا الوسطى (البارلاسين) والمكتب الجديد المنتخب مؤخرا، ضمن أشغال الدورة الحالية لهذه الهيئة الإقليمية، التي يحظى المغرب بصفة عضو ملاحظ دائم بها.
وقامت السلطات البيروفية الشهر الماضي بترحيل ممثلة جبهة البوليساريو خدجتو المختار من مطار العاصمة ليما إلى إسبانيا التي قدمت منها. وقال مراقبون حينئذ إن طرد مسؤولة الجبهة الانفصالية رسالة موجهة للبوليساريو وأنصارها بالبيرو ولمن يدعمها بألا يعولوا على البيرو في الأيام القادمة.