متى يصل التسونامي الملكي الى مؤسسات الجالية المغربية بالخارج
تعتبر الجالية المغربية قطاع منتج و مضخة للعملة الصعبة في شرايين الإقتصاد المغربي بعد السياحة و رصيدا بشريا احتياطيا يقوي عضد النظام الحاكم، ويحفظ استمرارية روابط البيعة والولاء للعرش، لذلك ظل النظام هو الماسك بسياسة الهجرة وشؤون المغتربين، يوصي بإجراء الدراسات المتعلقة بخلق آليات فعالة لتدبير ملف الجالية على النمط الذي يجعلها قطاعا تابعا للدولة المغربية.
و رغم تعدد التمثيليات و الهيئات الوصية فلن تستطع لحد الساعة أية جهة أو مجلس أو مؤسسة مدنية أو وزارية أو ما شبه من الإجابة عن التطلعات الحقيقية لما يزيد عن ما لا يقل عن خُمُس ساكنة المغرب بالخارج ،اللذين يتوزعون بين مختلف دول العالم.
مؤسسة الحسن الثاني، على سبيل المثال ، و منذ تأسيسها لم تقدم خدمة للجالية تذكر أو الأمر المطلوب الذي تطرحه هذه الفئة التي تعاني الأَمرَّين، بين دول الإقامة و البلد المُصدِر، سوى تبني برامج تدريس اللغة العربية و شرف الإشراك من طرف مؤسسة محمد الخامس على عملية “مرحبا” و نصب الخيام أثناء العبور لتلميع الصورة، فيما أن الإختلاسات .وصلت الملايير
للاستدلال على حالة العجز والفساد الذي ينخر كيان كل من مؤسسة الحسن الثاني للمهاجرين وكذا مجلس الجالية و وزارة الجالية .
تتوالى الفضائح و الإختلالات و تكاد لا تختلف أو ربما تشابه باقي المؤسسات و على رأسها مجلس الجالية، المنتهية صلاحيته و الذي يجدد تناسل أعضاءه بخنثوية و دون حاجة لمُخصب، هذا المجلس الذي انحرفت خطاه و مخططاته و أصبح أمينه العام يقوم بدور المثقف الإنتهازي الذي يحاضر في أمجاد بني أمية و الفتوحات الإسلامية و قبائل بني عوف و خطبه الشفهية عن التسامح و محاربة التطرف و أحياناً يتحول إلى مثقف أكثر نفعية في المديح و التعليق على الأنشطة الملكية.
كل هذه الشطحات البراغماتية حولت الأمين العام لهذا المجلس إلى خطيب و مثقف يقتصر دوره على الدعاء و الدعوة للتسامح بين الديانات و محاربة التطرف و المناداة عبر منابره إلى الإندماج في دول الإقامة، الأمر الذي تفرضه حتمية المحيط و لا حاجة لدعاءه، ثم يطل صباح كل جمعة بتضرعاته متمنياً ” جمعة مباركة” للجالية دون تقديم حلول عملية علمية تذكر أو إجابات عن المشاكل الحقيقية التي تتخبط فيها الجالية رغم تلقي المجلس الذي يختبيء وراء عرشه رئيس المجلسين ملايين الدراهم.
مع كل هذا تجد الجالية ذاتها أمام وضع جديد /قديم تُطبخ إعادة إنتاجه من قبل فئة من الإنتهازيين، بعمل و تنسيق مع عميلاتها و عملاءها بالخارج ممن يكسرون كل المبادرات الجدية و يختلقون التفرقة بقطع خيوط التواصل و التشويش على صدقية الضمائر الحية.
مجلس الجالية الحالي أصبح يترنح كالديك المذبوح و يُعِدُ لطبخاته المعهودة منخرطاً في قذارة و توجيهات سياسية لا تخدم الجالية و دخل في لعبة التواطؤ مع جهات متورطة في الفساد السياسي أو تربطها خيوط معه. الجالية اليوم أصبحت جد مُحبطة و على اقتناع تام بأن لا شيء قد تغير، لا قبل خطابات الملك ولا بعدها، و السفارات و قنصلياتها لازالت تشتغل بنفس الأسلوب القديم بالإعتماد على الدوائر المحيطة و توجيه ممثلي الجالية و الجمعيات التي تنسجها.
فإذا كانت الجالية غير ممثلة في مجالس الحكامة إذن و غير مسموح لها بالتصويت و الترشح، هذا و إن افترضنا جدلا أو اقتنعت الجالية عموماً بديمقراطية اللعبة السياسية في البلاد، فلماذا هناك وزيراً للهجرة انبثقت سلطته من صناديق الإقتراع و هو على رأس من لم يحق لهم التصويت عنه و عن غيره غصبا..!؟؟
لا شيء يبرر هذه الغطرسة السياسية سوى أنها إجحاف و ابتزاز لمغاربة العالم.
لماذا كل هذه السفريات و إحتفالات البذخ التي قام بها وزير الجالية الحالي و من قبله!؟ كيف لدولة فقيرة كالمغرب أن يتحمل فقراءها عبء سفريات هؤلاء و ميزانيات وظائفهم للتواصل مع مغاربة الخارج إن كانت هناك سفارات و قنصليات!؟
أمام هذا الوضع المتكرر منذ سنوات ما بعد الستينيات تكون الجالية المغربية في الخارج قد سئمت و انهارت قواها أمام لوبي فاسد يخدم مصالحه و يُشَغِل اتباعه ممن يستفيدون من الريع و لم تعد تثق إطلاقا في هذا المجلس المنتهية صلاحيته، و لا في الطبخة التي هو بصدد تحضيرها الآن للخروج من النفق. مغاربة العالم اليوم، و لهذا الوضع المتردي، أصبحوا ملزمين بالتفكير ملياً لأجل خلق مجلس ديمقراطي بديل و مستقل بعيد عن كل الإطارات الإنتهازية بوضع قطيعة كلية مع التعفن السياسي الداخلي في البلاد حتى يتجاوزوا السكتة القلبية و كي ينتصروا لديمقراطيات دول الإقامة و يغتسلوا من عفن قذارة لعبة سياسية بمشهد سياسة متعفن