أودري أزولاي سياسية مغمورة في مهمة للدفاع عن الفن

في عالم صاخب ومليء بالتناقضات تواصل أودري أزولاي السياسية الفرنسية اليسارية، والتي انتُخبت لقيادة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) قبل أسبوع، شق طريقها نحو تحقيق أحلامها كإحدى أبرز السيدات من أصول عربية تتبوأ منصبا مهما في الحياة السياسية.

 

لم تخطط السياسية الفرنسية المغمورة أودري أزولاي المتخصصة في السينما، خوض غمار المنافسة للظفر برئاسة اليونسكو، لكنها ترشحت بشكل مفاجئ في اللحظة الأخيرة للمنصب في مارس الماضي.

وزيرة الثقافة السابقة في آخر حكومات الرئيس السابق فرنسوا هولاند استشهدت في حملتها بالسياسي الفرنسي الاشتراكي الراحل ليون بلوم الذي يرى أن كيان اليونسكو لا بد أن يكون “ضمير الأمم المتحدة”.

وكانت قد عيّنت وزيرة في فبراير العام الماضي وجاء تعيينها في المنصب مفاجئا أيضا لأن أزولاي المقربة من هولاند لم تكن معروفة لدى الرأي العام ولا تتمتع بأي خبرة سياسية.

وتقول أودري المدافعة بشراسة عن الاستثناء الثقافي الفرنسي في وجه القدرات الأميركية الهائلة، في إشارة إلى هوليوود، إن “السينما أكثر ما صقل حياتي المهنية”.

ولم تتفرغ أزولاي البالغة من العمر 46 ربيعا للحملة الانتخابية لمنصب مدير عام اليونسكو إلا في أعقاب مغادرتها الوزارة، إثر فوز إيمانويل ماكرون بالرئاسة في مايو الماضي.

ولم تُبد عند استلامها الوزارة خلفا لفلور بيلران ملمّة بشؤون التكنولوجيا والإنترنت، حيث لم يكن لديها حسابات رسمية على الشبكات الاجتماعية مثل فيسبوك أو تويتر أو حتى إنستغرام، كما هو الحال مع السياسيين ببلادها، لكن الأمر تمت معالجته سريعا.

أودري التي تجيد إلى جانب لغتها الأم كلا من الإنكليزية والإسبانية بطلاقة ولدت في الرابع من شتنبر عام 1972 في باريس لأسرة مغربية يهودية، أصلها من الصويرة تهوى الثقافة والكتب والنقاشات.

وتؤكد كل المؤشرات أن هذه السياسية المغمورة جمعت أشياء مختلفة عن والديها، فأبوها هو أندريه أزولاي، المصرفي ورجل السياسة الذي تزايدت شهرته باعتباره مستشارا للعاهل المغربي محمد السادس وقبله والده الراحل الملك الحسن الثاني، أما والدتها فهي الأديبة كاتيا برامي.

وتتمتع أزولاي بسيرة حافلة، فقد تلقت دروسها في المدرسة الوطنية للإدارة التي تخرج نخبة الشخصيات الإدارية الفرنسية، ونالت شهادة ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة باريس دوفين في عام 1994.

وبعد سنوات تحصلت على الماجستير من جامعة لانكاستر البريطانية، كما درست العلوم السياسية بالمدرسة الوطنية للإدارة في باريس.

ورغم أن أزولاي عملت خلال دراستها في القطاع المصرفي، غير أنها كشفت في إحدى المرات عن مدى كرهها لتلك التجربة.

كما عملت قاضية في ديوان المحاسبة بعد أن تقلدت مناصب عدة في إدارة الإعلام في وزارة الثقافة ثم أصبحت مديرة مالية في المركز الوطني للسينما في عام 2006 قبل أن تكون بين 2011 و2014 نائبة مدير المركز الذي يُعنى بمساعدة الإنتاج السينمائي.

وتقول عنها رئيسة المركز الوطني للسينما فريديريك بريدان إنها “سيدة لامعة وصديقة للفنانين والإبداع”.

وقامت هذه السياسية العاشقة للفن بدور محوري كبير على الصعيد الدولي في مبادرات مشتركة من فرنسا ودولة الإمارات ويونسكو لأجل حماية التراث الثقافي في مناطق النزاع.

وفي مؤتمر عن الثقافة لمجموعة الدول الصناعية السبع والذي عقد للمرة الأولى في مارس الماضي، صادقت أزولاي، المتزوجة ولديها طفلان، على “إعلان فلورنسا” الذي يدين تدمير المواقع التراثية.

وبرزت أزولاي كعنصر فاعل في المجتمع من خلال تشجيع الإبداع والحوار وتعزيز التعليم للجميع ومشاركة المتاحف والمعارض في التعليم مثل مهمة متاحف القرن الحادي والعشرين والتي أطلقتها في عام 2016.

وكانت قد أطلقت مبادرة دولية للتنوع الثقافي من خلال الكتب، وذلك بتمويل المكتبات التي توزع الكتب الصادرة بالفرنسية في الخارج وتشجيع الترجمة في حوض البحر المتوسط.

كما أطلقت في فرنسا مبادرات لتشجيع حرية الإبداع وحماية حقوق الملكية الفكرية وغيرها من الحقوق في العصر الرقمي

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: